آخر الأخبارأخبار دولية

هل سيشهد لبنان انتخاب رئيس للجمهورية… وما هو دور “روح التسوية” الفرنسية؟

ينتظر اللبنانيون يوم 14 حزيران/تموز الجاري، موعد انعقاد الجلسة البرلمانية الـ 12 لانتخاب رئيس لجمهوريتهم، بعد فشل كل الجلسات التي سبقتها. تأتي هذه الجلسة مع تطورات بارزة دوليا وإقليميا، على غرار التقارب السعودي الإيراني وعودة سوريا إلى الجامعة العربية. كما تجيء تسمية قصر الإليزيه لوزير الخارجية السابق جان إيف لودريان مبعوثا خاصا للبنان، لتثير التساؤلات حول ما إذا كانت تغيرا في السياسة الفرنسية والدولية تجاه لبنان. فهل سيكون مصير الجلسة القادمة، وسط هذه التحولات، كسابقاتها؟ 

نشرت في: 12/06/2023 – 17:26

يعيش لبنان على وقع التحضيرات للجلسة البرلمانية الـ12 لانتخاب رئيس للجمهورية، وسط تفاؤل البعض بنجاحها، واعتبار آخرين أنها لن تختلف عن سابقاتها، التي تم تأجيلها بانتظار الجلسة 13. الملاحظ في هذه الجلسة تحديدا نشاط حركة الاتصالات الخارجية والداخلية الساعية للتقريب بين وجهات نظر الأطراف اللبنانية “المتخاصمة”، وحضور متوقع للمبعوث الفرنسي الخاص جان إيف لودريان، المعين حديثا من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون لمتابعة هذا الملف. 

تعيين لودريان، وزير الخارجية الفرنسي السابق والديبلوماسي الخبير بالشؤون اللبنانية، للمساهمة في إنهاء أزمة الانتخابات الرئاسية، أعاد الزخم للدور الفرنسي في لبنان، الذي لطالما حاولت باريس، خاصة بعد انفجار بيروت المأساوي في 2020، استعادته من خلال مبادرات عدة. 

مقاربة فرنسية بروح “التسوية” 

ما يمكن استنتاجه حول الخطوات الفرنسية قبل لودريان، هو أنها كانت تحاول إقناع الأفرقاء اللبنانيين بالمرشح الممكن، وسعت لإقناعهم بالمقايضة بين موقعي رئاسة الجمهورية والحكومة، حيث يتم انتخاب سليمان فرنجية (مرشح الثنائي الشيعي) رئيسا للبلاد ونواف سلام (دبلوماسي لبناني) رئيسا للحكومة. هذا المقترح أثار استياء الأحزاب المسيحية اللبنانية في حينه الرافضة لوصول فرنجية لسدة الرئاسة، ما أفقد المبادرة الفرنسية في حينه زخمها وأعاد الأمور إلى المربع الأول. 

ومع تعيين لودريان، يبدو أن باريس قررت اعتماد مقاربة مختلفة حيال هذا الملف. فقبيل الإعلان عن تعيينه، كانت وزيرة الخارجية قد أعلنت من العاصمة السعودية أن لا مرشح لفرنسا في لبنان، وأن بلادها تسعى لمساعدة بيروت على الخروج من هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن. المقاربة المختلفة قد تتلخص هنا بالتقاطع مع الموقف السعودي المتكرر بأن لا مرشح خاص للملكة في لبنان، وأنه يجب أن تأتي المرحلة المقبلة بمرشح تسوية وتوافق. 


01:31

 

المؤشر الآخر حيال مقاربة فرنسا المختلفة هو علاقة لودريان الجيدة مع السعوديين، ما قد يسهل وفقا لعدد من المتابعين مهمته. لكن هل سيؤدي هذا إلى تبني الإليزيه خيار مرشح “التسوية”، أي الإتيان برئيس لا يشكل وجوده تحد لأي من الأطراف اللبنانية؟ إن صح هذا فإنه يعني دخول هذا الخيار بقوة على الساحة اللبنانية بدعم إقليمي ودولي، وبالتالي فإن الجلسة المرتقبة ستلقى مصير سابقاتها ريثما تنضج الظروف الداخلية والمحادثات ومهمة لودريان للإتيان برئيس جديد. 

من هو جان إيف لودريان؟ 

عدا عن كونه رئيسا للدبلوماسية الفرنسية لمدة خمس سنوات، برز اسم لودريان بين اللبنانيين عقب انفجار بيروت غداة تصريحات نارية أدلى بها بحق السياسيين اللبنانيين في حينه. فاعتبر أن لبنان يواجه خطر الزوال بحال استمر حكامه بالتقاعس عن مسؤولياتهم. وفي ختام زيارته إلى لبنان في أيار/مايو 2021، وجه رسالة إلى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، قال فيها إن “اللاعبين السياسيين اللبنانيين لم يتحملوا مسؤوليتهم تجاه الإصلاح السريع في البلد… إذا لم يتصرفوا منذ اليوم بوعي مسؤول، فعليهم تحمل تبعات هذا الفشل ونتائج إنكار التعهدات التي اتخذوها هنا في الأول من أيلول/سبتمبر (2020) أمام الرئيس ماكرون”. 

الصحف اللبنانية واكبت تعيين لودريان باعتباره إعلان لفشل خلية الأزمة الفرنسية، التي كان قد تم تشكيلها في السابق للوصول إلى حلول في لبنان (باتريك دوريل، مستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط في الرئاسة الفرنسية وإيمانويل بون السفير الفرنسي السابق لدى لبنان، وبرنارد إيمييه الدبلوماسي ومدير الاستخبارات الفرنسية). واعتبرت أنه قد يكون إعلانا لانطلاق مرحلة جديدة في عملية الاستحقاق الرئاسي بعنوان “التسوية”، أي أنها لن تدعم فرنجية ولا أزعور. 

المرشحان الرئيسيان للانتخابات اللبنانية 

سليمان فرنجية (57 عاما)، نائب ووزير سابق وأحد أبرز حلفاء حزب الله. اشتهر بمفاخرته بصداقته الشخصية للرئيس السوري بشار الأسد. 

ينحدر فرنجية من أسرة سياسية، حيث كان جده رئيسا سابقا للبنان، اندلعت في عهده الحرب الأهلية. يتزعم حزب “المردة”، ويعتبر نطاق نفوذه الجغرافي شبه محصور في قضاء زغرتا (شمال لبنان) ذي الأغلبية المسيحية المارونية. 

ينطلق فرنجية في حملته الانتخابية من عدد من المواضيع الشائكة التي تسيطر على المشهد السياسي اللبناني، فمع إعلان ترشيحه قال إنه سيسعى لطرح سلاح حزب الله أمام طاولة حوار وطني تناقش الاستراتيجية الدفاعية. كما أعلن أنه مع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وأنه سيسعى لإعادة اللاجئين السوريين بالتنسيق مع دمشق. 

جهاد أزعور (57 عاما)، سياسي لبناني قادم من عالم المال والأعمال، حاصل على الدكتوراه في العلوم المالية الدولية من معهد الدراسات السياسية في باريس.

شغل أزعور عددا من المناصب في مؤسسات مالية عالمية مثل “ماكينزي بوز آند كومباني” و”آي أم آند أف كومباني”. كما عمل في عدد من المناصب في الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي. عين أزعور بين 2005 و2008 وزيرا للمالية في الحكومة اللبنانية.

يعتبر المرشح التوافقي لمعظم القوى المسيحية، التي تروج له بحكم علاقاته الواسعة عربيا ودوليا، وأنه يتمتع بالمواصفات التي تشترطها الدول المعنية بالملف الرئاسي في لبنان، خصوصا الولايات المتحدة والسعودية، كونه رجلا إصلاحيا يمكنه طرح برنامج إنقاذي للبلاد ويحافظ على علاقات لبنان بالخارج. 

يبقى أن ننتظر نتائج جلسة الـ14 من حزيران/يونيو، مع وجود مرشحين يمثلان طرفا الانقسام في لبنان، كل منهما تروج الأطراف الداعمة له بأنه يملك أغلبية الأصوات في البرلمان اللبناني. مع ذلك، يميل مراقبون إلى اعتبار أنه على الرغم من كافة التطورات، إلا أن مصير هذه الجلسة سيكون كسابقاتها، بانتظار أن ينضج مقترح إقليمي دولي (فرنسي) لرئيس مستقل وبعيد عن التجاذبات السياسية الداخلية، يمكن أن يحظى برضى الأطراف المعنية كافة، الداخلية والخارجية. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى