آخر الأخبارأخبار محلية

عودة جنبلاط إلى سوريا واردة.. وهذه الدلائل

بعد زيارة رئيس الجمهوريّة السابق ميشال عون الى سوريا قبل أيام ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، طُرحت تساؤلاتٌ عديدة عمَّا إذا كانت هناك أطراف سياسية أخرى ستقوم بنفس خطوة عون في ظلّ “العودة السورية” إلى المحيط العربي. هنا، وفي ظلّ ذلك، اتجهت الأنظار إلى رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط الذي تميّز بـ”عدائه” لسوريا في الكثير من الحقبات، وطُرح التساؤل الأكبر: هل سيعود جنبلاط إلى دمشق؟ هل سيحذو حذو عون بالإرتباط مجدداً بالرّبوع السورية؟


اللقاءُ الشهير والأخير الذي جمع الأسد وجنبلاط كان يوم 4 آب 2010، وذلك قبل زيارة أخرى حصلت يوم 31 آذار من العام نفسه. حينها، غرّد جنبلاط خارج “إصطفاف سياسي” كبيرٍ خاضه بنفسه ضدّ دمشق لسنوات عديدة إثر إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005. في ذلك الوقت، اتهم جنبلاط سوريا بعملية الإغتيال وأطلق على الأسد صفة “القرد” في خطاب جماهيري ما زال يُستعاد دائماً. الكلام آنذاك كان عالي النبرة كثيراً وكان جنبلاط رأس الحربة في مواجهة “النظام السوري”، وبقيت رسائله وكلماته ضدّ الأسد محفورة في الذاكرة والأرشيف. لكنه ورغم كل ذلك، عاد “زعيم المختارة” إلى سوريا  عام 2010 والتقى رئيسها رغم الكثير من التناقضات والخلافات والهجمات.

بعد عامٍ من لقاءي الـ2010، دخلت سوريا منعطف الحرب، فعاد جنبلاط واصطفّ ضدها. في تشرين الثاني من العام 2013، نُقل عن الرئيس السوري بشار الأسد تصريحٌ بشأن “الزعيم الدرزي”، وقال حينها إنَّ “الأخير لا يمكنه دخول قصر المهاجرين.. ربما إبنه تيمور يستطيع”. فعلياً، كان هذا الكلام في “عزّ” الأزمة السورية وحينها كانت القطيعة العربية لدمشق في أوجها. أما على صعيد جنبلاط، فكانت “الهجمة” من قبلِه ضدّ النظام السوري كبيرة، وقد بات في ذلك الوقت من أشدّ “أعدائه” لاسيما أنه اتهم الأسَد بـ”سفك دماء الشعب السوري”.

اليوم، وبعد التبدلات الكثيرة التي حصلت، وبعدما إستعادت سوريا دورها عربياً وسط التقارب السعودي – الإيراني، قد يكونُ جنبلاط بحاجةٍ ماسّة إلى نسج علاقاتٍ مع سوريا مُجدداً باعتبار أن مسيرة نجله تيمور تحتاجُ إلى مثل تلك العلاقة في وقتٍ من الأوقات لاسيما أن التغيرات التي حصلت بعد التسويات الإقليمية الأخيرة، جعلت النظام في مكانة متقدمة عربياً، ما يعني أن العداء معهُ قد لا ينفعُ لاحقاً. للوهلة الأولى، سيُقال إن عودة جنبلاط إلى سوريا ستكون شبه مستحيلة، أولاً لأن العداء تكرّس لسنوات طويلة بين الطرفين، وثانياً لأنه ليست هناك من مصلحة لهذا التقارب أقله بين جنبلاط “الأب” والأسد. إلا أنه في المقابل، تأتي التساؤلات التالية: ما الذي يمنع جنبلاط من العودة إلى سوريا عبر نجله؟ هل الأخيرُ بحاجة إلى ذلك؟ ما هي الظروف التي من الممكن أن تدفع “تيمور” لزيارة الأسد عاجلاً أم آجلاً؟

قبل الحديث عما يمكن أن يفعله تيمور، يجب التأكيد على أمرين أساسيين يخصان وليد جنبلاط وعودته إلى سوريا. ففي حال كانت هناك نيّة لذلك، يجب أن تأتي الرسالة أولاً من “زعيم المختارة” عبر “تهدئة الخطاب” إزاء سوريا وإبداء الإنفتاح الأكبر على حلفائها في لبنان. ثانياً، من الممكن أن تلعب أطراف عديدة دوراً مُقرّباً بين “الزعامة الجنبلاطية” والرئاسة السورية، ومثلما حصل التقارب عام 2010، من الممكن أن يتكرّر الأمر في الحقبة الحالية. إلا أن كل ذلك يحتاجُ إلى أمرٍ أساسي وهو وجود نيّة سورية لقبول جنبلاط كضيفٍ عندها. حتى الآن، لم يُسأل الأسد عن ذلك، وإن كانت الإجابة “إيجابية” تجاه جنبلاط، عندها من الممكن أن “يُفتح الباب” أمامه، وبالتالي سيُصبح “قصر المهاجرين” مُشرعاً مُجدداً أمام “بَيْك  الدروز” بـ”تسوية” جديدة.

على صعيد تيمور، قد تكونُ الأمور أصعب بكثير. فحتى الآن، لم تُعرف مواقف “النائب الشاب” من سوريا بوضوح، كما لم تنكشف توجهاتهُ مستقبلاً بشأن حلفاء دمشق في لبنان. كذلك، ليس واضحاً ما إذا كان تيمور يرغبُ في إعادة العلاقة مع سوريا فيما لم يتبين بعد كيف ينظرُ إلى مسألة إعادة “تطبيع” العلاقات مع جهاتٍ عديدة تم إستعداؤها لفترات طويلة. إلا أنه ورغم كل ذلك، ومع أنّ الظروف التي يمكن أن تدفع تيمور لزيارة سوريا غير معروفة ومجهولة، يمكن القول إنَّ والده وبخطوةٍ منه، قد يُمهّد للإنفتاح “التيموري” باتجاه “السوري”. عندها، ستكونُ الأرضية حاضرة، وبـ”دهاء” جنبلاط الأب، يُمكن معالجة “التململ” الشعبي الذي سينجمُ عن أي مبادرة باتجاه إنفتاحٍ مع سوريا “ليس مُستبعداً” أبداً، وفي الوقت نفسه قد لا يحصل أيضاً.
 
“وسطاء” حاضرون

في حال أراد جنبلاط العودة إلى سوريا، فإنّ “الوسطاء” لهذا الأمر حاضرون وبقوة. هنا، قد يكونُ “حزب الله” أول الساعين كونه على علاقة جيّدة حالياً مع جنبلاط برضى ومبادرة من الأخير، كما من الممكن أن يلعب رئيس مجلس النواب نبيه بري دوراً أيضاً على هذا الصعيد. في الوقتِ نفسه، قد لا يكون جنبلاط بحاجةٍ إلى “وسيط” طالما أنّ هناك قدرة على إسداء مواقفَ “تدريجية” تُقربّه من سوريا وذلك ربطاً بالمشهدية القائمة حالياً. فمن الممكن كثيراً أن يبادر جنبلاط لتبديل خطابه تجاه سوريا “البلد”، وقد يكون ذلك “بادرة خير” نحو علاقة مُتجدّدة.. ولكن.. متى سيحصل ذلك؟ لا أحد يعلم ولا حتى جنبلاط نفسه يمكن أن يكون على بيّنة بالتوقيت الذي سيحسمُ خياراً واحداً من إثنين: إما العداء الأبدي مع سوريا أو البدء في إعادة تفعيل التواصل بشكلٍ تدريجي.

ما هي المصلحة من العودة؟

يُدرك جنبلاط تماماً أن عودته إلى سوريا وسط التبدلات الإقليمية لصالح الأخير، هي هدفٌ أساسي لا يمكن إغفاله أقله من أجل نجله تيمور. ولهذا، يعتبرُ الكثير من المراقبين أنّه في حال أراد جنبلاط تأمين أرضية واضحة وسليمة لنجله، فعليه “تذليل” العقبات أمامها من أجل دعمها والحفاظ عليها. فعلياً، يُعد ذلك مصلحة عليا لجنبلاط وهي مهمّة جداً للحفاظ على زعامته عبر نجله، في حين أن هناك مصلحة أخرى تهمّ “البيك” وترتبطُ بـ”الدروز” المتواجدين في جبل العرب والسويداء في سوريا. هناك، يمكن أن يرى هؤلاء أنفسهم بحاجة إلى “الزعامة” الجنبلاطية التي يرونها إمتداداً لهم، والعكس صحيح أيضاً. أما المصلحة الأكثر أهمية فهي ترتبطُ بآفاق العلاقة اللبنانية – السورية والتي باتت تتخذُ منحى “التصالح” والتعاون من جديد.. فهل سيكون جنبلاط خارج المشهد؟ الإجابة عن كل التساؤلات ستكشفها الأيام حُكماً…


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى