تطور مفاجىء يرجىء جلسة 14 حزيران أو يفجّر مفاجآت بالتصويت؟
لا تشبه جلسة 14 حزيران سابقاتها، الإحتدام بين ثنائيّة شيعيّة وثلاثيّة مارونيّة يمثّل حالة مستجدّة في السباق الرئاسي، بصرف النظر عن تبنّي قوى وازنة دعم الوزير السابق جهاد أزعور، كاللقاء الديمقراطي ونواب جدد ومستقلين. لكن القوى المسيحية ورغم خلافاتها وتناقضاتها تجاوزت رفضها لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى التقاطع حول مرشح واحد، وهو ما كان مستبعدًا في الأمس القريب. لذا سنكون في جلسة الأربعاء وبعدها أمام معطى مغاير، يلقي بتبعاته على مجمل المشهديّة السياسيّة في البلد. ورغم أنّ الجلسة لن تنتج رئيسًا، لا تهدأ هواتف النواب المتردّدين لحضّهم على دعم هذا المرشح أو ذاك، أو الوقوف في الوسط أقّله، ما يجعل القراءة في عدد الأصوات التي ستصب لكلا المرشحين، تكشف جدوى الضغوط واتجاهاتها.
أمر يحصل قبل الجلسة يغير اتجاهات التصويت؟
لا يملك أيّ من الفريقين القدرة على إيصال مرشحه إلى بعبدا، قد تقود هذه المعادلة الأفرقاء الى النزول عن الشجرة والبحث عن مرشح توافقي، وقد تكّرس الانقسام وتؤدي إلى تعطيل المجلس النيابي الى أجلٍ غير معلوم. وفق قراءة الصحافي والمحلل السياسي جورج علم في حديثه لـ “لبنان 24″ السيناريو الأول المعروف، في حال لم يطرأ أيّ تطور، تُعقد الجلسة وتجري الجولة الأولى، لن يحصل بنتيجتها أيّ من المرشحين على 86 صوتًا المطلوبة دستوريًا للفوز من الجولة الاولى. في الجولة الثانية ينسحب نواب الثنائي الشيعي في حال نال أزعور اصواتًا أكثر من فرنجية، فيتعطّل النصاب وتُرفع الجلسة. أما السيناريو الثاني، فيتوقف حول ما إذا كان هناك ورقة خارجيّة ضاغطة، تظهر خلال ما تبقّى من أيام، وتفرض عقوبات على كلّ من يعطل النصاب في الجلسة المرتقبة، عندها تستمر الجلسة ويُنتخب ازعور، وهو ابن صندوق النقد الدولي، في حال كان مثل هذا السيناريو صحيحًا، يعني أنّ هناك مخططًا للمرحلة المقبلة يأتي في سياقه دور صندوق النقد الدولي في لبنان، وهذا احتمال. وهناك احتمال آخر بدأ الحديث عنه، على قاعده تأجيل الجلسة والشروع في حوار حول اسم توافقي، ولا أعلم مدى نجاح هذا السيناريو، فلننتظر الايام المقبلة”.
في حال كان هناك توجّه دولي باتجاه أزعور، هل يسمح الثنائي الشيعي بانتخاب من يعتبره مرشح مواجهة؟ وهل العقوبات تفعل فعلها المنشود، خصوصًا أنّ التجارب السابقة أثبت عدم جدواها؟
يجيب علم “لذلك أقول هناك محاذير خطرة، ولكن إذا صح هذا الأمر، يعني أنّ هناك تسوية كبرى لن تكون رغمًا عن إيران بل إقليمية عربية دولية، تفرض فرضًا ولا يستطيع أيّ مكون لبناني أن يعرقلها. وهنا لا بدّ من التوقف عند اختيار وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان للقيام بمهمة في الملف اللبناني في هذا التوقيت بالذات”. رغم ذلك، يستبعد علم احتمال حصول تسوية كبرى، ولكنه يطّرح علامات استفهام حول ما إذا كان سيحصل أمرٌ ما قبل 14 حزيران “كما لا أنفي احتمال حصول مفاجآت في التصويت داخل الجلسة، إذا صبّ الضغط الدولي في اتجاه معين “.
مساران دوليان الأول لصالح فرنجيه والثاني لصالح أزعور
يقرأ علم في مسار التطورات الإقليميّة الدوليّة الراهنة خصوصًا بين الولايات المتحده وفرنسا وإيران، أنّها تصب لمصلحة فرنجيه، وليس أزعور، لاسيمّا أنّ قنوات التواصل بين طهران وواشنطن مفتوحة وناشطة، وقد تُستأنف المفاوضات بينهما في تموز. “ولكن بالمقابل هناك مسار آخر، إذ لا يمكن أن نغفل أنّ صندوق النقد الدولي يفاوض لبنان منذ ما يقارب الأربع سنوات، وهناك وثائق موقّعة من حكومتين، فهل يكون جهاد أزعور مرشح صندوق النقد الدولي، وتأتي به قوة دوليّة قاهرة؟ يحق لي طرح السؤال، وإلا لماذا تمّ التقاطع المسيحي حول أزعور وليس غيره من الأسماء المطروحة، من أوحى بذلك، ولماذا لم يختاروا زياد بارود أو نعمة افرام أو ابراهيم كنعان أو صلاح حنين أو سفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن وغيرهم؟ لا أملك الجواب، ولكن سأفتح فجوة على صندوق النقد الدولي.”
شرخ طائفي
جلسة 14 حزيران تمثّل منعطفًا نحو المزيد من التشتت والإنقسامات، في ظل ضائقة معيشيّة اجتماعية تخنق أنفاس الناس، وهو مشهد انقسامي، وفق مقاربة علم، بدأ يؤثّر على مستقبل البلد لجهة المصير والصيغة والنظام “هناك صراع بين أكثرية شيعية، مقابل أكثرية مارونيّة أو مسيحيّة، فيما الطائفة السنيّة محيّدة أو مهمّشة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، حتّى يومنا، وهي مكوّن أساسي في الكيان اللبناني، باعتقادي تغييب هذا العنصر الأساسي عزّز من التعاطي السياسي القائم على الكيديات بين أكثريتين لا تلتقيان، البعض يقول بالسيادة والبعض الاخر يقول بالمقاومة، البعض يقول بهونغ كونغ والآخر يقول بهانوي، فالبلد منقسم بشكل خطير وآن الآوان لخطاب جديد ومنعطف سياسي جديد مغاير للذي يجري حاليًا”.
نظام جديد؟
أمام حدّة الإنقسامات وما سلكته من منحى طائفي، لا بدّ من حوار داخلي يلاقي أجواء التقارب الإقليمية والدولية، وصولًا إلى تسوية تجنّب البلاد والعباد المزيد من الويلات، والحوار لن يكون حول هوية الرئيس وفق علم بل حول الإصلاحات، وحول ماذا يريد حزب الله من النظام ومن المؤسسات، معتبرًا أنّ الحزب لن يرضى باستمرار الوضع على ما هو عليه، ويريد حصّة أسوة بالطائفة السنيّة أو المارونيّة ، وهذا ما يجعل الفريق المسيحي يتجنب الدخول في الحوار. “بالتوازي أي تسوية يجب أن تشمل تنقية الدستور من الشوائب، وصولًا إلى نظام جديد” وهنا يسأل علم “هل نحن متّجهون إلى نظام لا مركزيات موسّعة؟ أو فيديراليات ضمن نظام رئاسي جديد؟ أم إلى إعادة تلميع اتفاق الطائف؟ باعتقادي هذا الموضوع الجوهري طُرح في دمشق، كما يُطرح في باريس وواشنطن والرياض والدوحة. من هنا الكلام حول رئيس توافقي يجب أن يأتي استنادًا الى تسوية معينة”.
الترقب سيّد الموقف، لاسيّما وأنّ استحقاقات مقبلة لا تحتمل الفراغ في مناصب الفئة الأولى في مجالات الأمن والعسكر والمال والإدارة، وتستوجب انتخاب رئيس وتأليف حكومة تقوم بالتعيينات، وإلا ستنسحب الفراغات لتطال هذه المواقع، ما يعني المزيد من تدهور الأوضاع المالية والإقتصادية وربما الأمنيّة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook