آخر الأخبارأخبار محلية

التهديد لا ينفع.. متى يدعو بري إلى جلسة لانتخاب الرئيس؟!

 
بالتوازي مع الحراك السياسي المتسارع الذي تقوده المعارضة، بالتكافل والتضامن مع “التيار الوطني الحر”، من أجل إنجاز الاتفاق على مقاربة رئاسية موحّد، تتيح “إسقاط” رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، تعمد هذه القوى إلى “التصويب” على رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث تتهمه بإغلاق أبواب مجلس النواب منذ مطلع العام، وتطالبه بـ”تحرير” الاستحقاق عبر دعوته إلى الالتئام في أقرب وقت ممكن، ومن دون شروط مسبقة.

 
ومع “استحضار” لغة التهديد في المقاربات، عبر الحديث عن عقوبات أميركية ستطال رئيس المجلس تحت عنوان “تعطيل” الانتخابات الرئاسية، إن لم يدعُ إلى جلسة انتخابية جديدة في المدى المنظور، خرج الرئيس بري عن صمته من خلال بيان مقتضب، اكتفى فيه بتأكيد “ثابتتين”، وهما أنّ أبواب المجلس النيابي “لم ولن” تكون موصدة أمام جلسة انتخاب الرئيس، إن توافرت شروطها، وأنّ التشويش والتهديد لا ينفعان في هذا السياق.
 
لكن، لا يبدو أنّ بيان بري سينهي “الجدل” القائم حول الجلسة “المفترضة”، في ظلّ وجهتي نظر متباينتين، ترفض الأولى تكرار سيناريو “المسرحيات الهزلية”، فيما تشكّك الثانية بـ”النوايا”، لتعترض على “مبدأ” الشروط بحدّ ذاته، فهل ينهي رئيس المجلس هذا الجدل، فيدعو إلى جلسة في وقت قريب؟ وألا يُعَدّ الحراك المتسارع على خط الاستحقاق الرئاسي، والذي أفرز مرشحَين إلى حدّ بعيد، تلبية للشروط المطروحة بحدّها الأدنى؟
 
جلسة منتجة وحاسمة

 
يستغرب المحسوبون على رئيس مجلس النواب الضجّة المفتعلة، وفق ما يصفونها، حول جلسة انتخاب الرئيس، مشيرين إلى أنّ موقف الرئيس نبيه بري واضح ولا يحتمل اللبس وهو مُعلَن منذ اليوم الأول، لجهة أنّه لن يتأخر عن دعوة المجلس إلى الانعقاد متى نضجت ظروف الجلسة، سواء عبر التوافق والتفاهم بين مختلف الأطراف، أو عبر مواجهة ديمقراطيّة بين مرشحَين “جدّيَين”، يكونان قادرَين على المنافسة، بما يتيح انتخاب أحدهما رئيسًا.
 
يشدّد المؤيدون لوجهة نظر رئيس المجلس على أنّ المطلوب الذهاب إلى جلسة منتجة ومثمرة، بل “حاسمة”، لا تنتهي سوى بتصاعد الدخان الأبيض وانتخاب رئيس، لأنّ العودة إلى المشهد “الهزلي” الذي أفرزته جلسات الانتخاب الـ11 السابقة التي كان بري يدعو إليها بانتظار منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون وحتى مطلع العام الحالي يضرّ أكثر ممّا ينفع، ويعطي انطباعًا شديد السلبية للمراقبين في الداخل والخارج.
 
وفي حين يؤكد المحسوبون على بري أنّ الظروف الأفضل لأيّ جلسة تبقى في توافق وطني شامل، يسمح بانتخاب رئيس يستطيع أن يحكم، يشيرون إلى أنّه لن يتردّد في الدعوة متى تلمّس “جدية”، متسائلين، أليس الأوْلى بمن يشوّشون ويهدّدون، بل يلوّحون بالعقوبات، أن يعلنوا اتفاقهم بوضوح قبل “القفز” في المراحل؟ وهل ينتظر هؤلاء من رئيس المجلس أن يستند إلى التسريبات الإعلامية، ليبني عليها مقتضاه، بغياب أيّ إعلانات صريحة؟
 
الواجب الدستوري
 
أكثر من ذلك، يلمّح المحسوبون على رئيس المجلس إلى أنّ وجود مرشحَين، بمعزل عن تقييم “جديتهما” الذي قد يختلف من طرف لآخر، لا يكفي لضمان أنّ الجلسة ستكون مثمرة، طالما أنّ الفريقين يلوّحان أصلاً بـ”فيتو” النصاب، ما يعني أنّ أيّ جلسة تتمّ الدعوة إليها وفق منطق “التحدّي”، ونيّة “الغالب والمغلوب”، لن يُكتَب لها النجاح، وستنتهي قبل الوصول إلى دورتها الثانية، تمامًا كما حصل في الجلسات السابقة.
 
وفي حين يرفض العارفون بأدبيّات بري الاتهام الذي وجّهه إليه بعض المعارضين، ومفاده أنّه لن يدعو إلى جلسة ما لم يضمن سلفًا أنّ “مرشحه” سليمان فرنجية سيكون فائزًا بنتيجتها، مذكّرين بأنّ رئيس المجلس دعا لجلسة انتخاب الرئيس ميشال عون مثلاً، رغم أنّه كان رافضًا لما سُمّيت يومها بـ”التسوية الرئاسية”، ترى أوساط المعارضة أنّ المشكلة في كلّ هذا المنطق أنّ بري تحوّل وفق هذه المعادلة إلى “طرف”، وهنا بيت القصيد.
 
بالنسبة إلى المعارضين، فإنّ المطلوب من رئيس المجلس القيام بواجباته الدستورية عبر الدعوة إلى جلسة الانتخاب من دون أيّ شروط لا مكان لها أصلاً في الدستور، الذي ينصّ على أن يتحوّل البرلمان إلى “هيئة ناخبة”، بل ثمّة اجتهادات تنفي الحاجة إلى انتظار دعوة رئيس المجلس، علمًا أنّ إدراك عجز المجلس عن الانتخاب، أو معرفة “نوايا” البعض بالتعطيل، لا يمكن أن يكون “عذرًا” لإقفال أبواب المجلس إلى ما شاء الله.
 
يدرك الجميع، مؤيدين لرئيس مجلس النواب ومعارضين له، أنّ المشكلة، أقلّه حتى الآن، ليست في عدم الدعوة إلى جلسة انتخابية، ويعرفون أنّ أيّ جلسة تُعقَد اليوم، وفي ظلّ الظروف الموضوعية، لن تفرز حلاً، بل قد تعقّد المشهد أكثر. فالمشكلة “أعمق” بكثير من كلّ ما سبق، تكمن في “فقدان الثقة” ربما، وفي “تشريع” فكرة التعطيل من الطرفين سلفًا، وقبل هذا وذاك، في منطق “النكد والتحدي” الغالب على الجميع، حتى إثبات العكس!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى