آخر الأخبارأخبار دولية

من هو عثمان سونكو المعارض الشرس الذي يتحدى نظام الرئيس ماكي سال؟


عمت الاشتباكات عديد المناطق في السنغال بعد الحكم بالسجن على المعارض عثمان سونكو المتهم بـ “إفساد الشباب”. تحول سونكو إلى “أيقونة” سياسية نظرا لمواقفه المعادية للنظام، وعلى رأسه الرئيس ماكي سال. يدعو سونكو إلى القيام بـ”ثورة” سلمية لتغيير نظام الحكم، ويحظى بدعم من الشباب وشيوخ دينيين وهو ما يعطيه القوة لانتقاد الطبقة السياسية في بلاده وبعض الدول الغربية. فمن هو هذا الرجل المثقف و”النظيف” الذي يطمح إلى أن يصبح رئيسا في 2024؟ 

نشرت في: 02/06/2023 – 18:29آخر تحديث: 02/06/2023 – 18:30

نشرت السلطات السنغالية قوات مسلحة في داكار، وقد شهدت العاصمة وعدة مناطق بالبلاد احتجاجات دامية بعد أن حكم القضاء على المعارض عثمان سونكو بالسجن عامين بتهمة “إفساد الشباب” وبرأته من اتهامات بالاغتصاب.

وجاء ذلك بعد أن حكمت المحكمة الجنائية على هذا المعارض ومرشح الانتخابات الرئاسية المتوقع تنظيمها العام المقبل بالسجن سنتين نافذتين بتهمة “إفساد الشباب”. فيما حصل على البراءة في اتهامات أخرى متعلقة بـ “الاغتصاب الجنسي”. 

وبهذا الحكم، لن يكون نظريا بمقدار عثمان سونكو المشاركة في الانتخابات الرئاسية في 2024، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية في السنغال، مع إمكانية حدوث مواجهات عنيفة أخرى في الأيام أو الأشهر القليلة المقبلة. 

وأقل ما يقال عن عثمان سونكو، هو أنه استطاع تأجيج المشهد السياسي السنغالي. ويساند العديد من السنغاليين مواقفه المناهضة للفساد والمنتقدة للنظام السائد في البلاد وتصريحاته المناهضة للغرب. 

في حين ينظر إليه البعض على أنه الرجل الذي يريد “تخريب” أوراق الرئيس السنغالي ماكي سال الذي يطمح في الفوز بعهدة رئاسية جديدة في 2024 والبقاء في السلطة. 

“مؤامرة” من أجل إبعاده عن المشهد السياسي 

سطع نجم سونكو في سماء بلاد “التيرتنغا” وخارجها بفضل مواقفه وخطاباته المعادية لفرنسا وضد استخدام عملة “الفرنك الفرنسي” المتعامل بها في السنغال ودول أفريقية أخرى. 

تم توقيف سونكو في 3 مارس/آذار الماضي بتهمة “الإخلال بالنظام العام” عندما كان متوجها إلى المحكمة. وهو ما دفع مناصريه إلى تنظيم مسيرات احتجاجية انتهت بإطلاق سراحه بعد خمسة أيام، أي في 9 مارس/آذار. وفور خروجه من السجن، دعا سونكو إلى مواصلة “الثورة” بشكل “سلمي” بهدف تغيير النظام. 

فيما ندد بـ”مؤامرة” تهدف إلى إبعاده عن الساحة السياسية، مثل ما تعرض إليه رئيس بلدية داكار السابق خليفة سال وكريم واد إبن الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد. 

الرجل” النظيف” 

ولد عثمان سونكو في 15 يوليو/تموز 1974 بمدينة تييس التي تبعد حوالي 70 كيلومتر عن العاصمة داكار. أمضى سنوات من طفولته في منطقة سيبيكوتاني (45 كيلومترا شرق العاصمة دكار)، حيث كان والده موظفا في الدوائر الحكومية. يعرف سونكو بأناقته وفصاحته اللغوية. ويرتدي بدلة سوداء جميلة على الطريقة الغربية وتارة أخرى اللباس السنغالي التقليدي.  

تحول إلى رمز للشبان السنغاليين الذين ينظرون إليه على أنه الرجل” النظيف” بمعنى غير “الفاسد” مقارنة ببعض المسؤولين الكبار في الدولة والقادر على “إدارة” شؤون السنغال. 

خطف عثمان سونكو الأضواء للمرة الأولى عندما حل في المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2019 حيث لقي شعاره الداعي إلى “محاربة الفساد” ومواجهة عمليات “اختلاس أموال الدولة” صدى كبيرا لا سيما لدى الشباب السنغالي. 

مؤسس النقابة المستقلة لموظفي قطاع الضرائب 

ينتمي سونكو إلى طبقة اجتماعية بسيطة. تخرج من جامعة “سان لويز” السنغالية  في 1999 وتحصل على شهادة في القانون العام. وعمل بعد ذلك كمفتش في المالية والضرائب ابتداء من  2001. ولا يزال يتابع دراساته عن بعد حيث يحضر شهادة الدكتوراه في جامعة ليون 3 الفرنسية. 

انخرط كذلك في العمل النقابي وأسس “النقابة المستقلة لموظفي الضرائب” وشغل منصب السكرتير الأول لهذه النقابة من 2005 إلى غاية 2012. كما مكنه عمله في مجال التفتيش المالي والضريبي من اكتشاف العديد من التجاوزات المالية وسوء التسيير في الإدارة العامة بالسنغال. هذا الاكتشاف جعله يدعو في جميع خطاباته الشعبية إلى التحلي بالشفافية في تسيير شؤون البلاد وإلى محاربة الفساد الذي استشرى في الاقتصاد السنغالي. 

بين الحريات العامة والفردية ومبدأ تعدد الزوجات 

وبغية التأثير على القرار السياسي ومحاولة تغيير الوضع، اقتحم عثمان سونكو عالم السياسة وأسس في 2014 حزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف اختصارا بـ”باستيف“. وهو حزب يسانده الشباب بصفة خاصة ويدافع عن المهمشين وأولئك الذين يعانون من مشاكل اجتماعية واقتصادية. 

ومن الصعب تصنيف حزب “باستيفضمن التيار الليبرالي أو الاشتراكي. يؤكد الحزب أنه يركز كثيرا على الإيمان بالحريات العامة والفردية.  

من جهة أخرى يدافع عثمان سونكو على مبدأ تعدد الزوجات. وهو شخصيا متزوج بامرأتين في آن واحد. هذا الموقف جعله يتعرض إلى انتقادات لاذعة ومستمرة من قبل خصومه السياسيين. 

فاز بمقعد في البرلمان السنغالي في 2017 ثم أصبح يفكر في طريقة الوصول إلى أعلى هرم السلطة. فشارك للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية عام 2019، فتحصل على نسبة 15.67 بالمائة من الأصوات وجاء في المرتبة الثالثة وراء الرئيس ماكي سال نفسه والسياسي إدريس سك. وهذا يعتبر بمثابة إنجاز سياسي كبيرا لشخص كان غير معروف في في عالم السياسة بالسنغال. 

هل سيجتاز سونكو العقبات السياسية ؟ 

وفي مارس/أذار 2021، مثل سونكو أمام القضاء بتهمة “الاغتصاب“، بعد شكوى رفعتها ضده موظفة في صالون تدليك صحي بداكار.  رفض سونكو هذه الاتهامات. والتعبير عن عضبهم، خرج ألاف من مناصريه إلى الشوارع بقيادة زعماء شيوخ الطريقة المريدية واتحاد الدعاة والأئمة السنيغاليين. فتم إخلاء سبيله لكن بالمقابل منع من المشاركة في الانتخابات التشريعية التي نظمت في يوليو/تموز 2022. 

ويملك حزب “باستيف” الذي يتزعمه عثمان سونكو علاقات وطيدة مع اتحاد الأئمة السنغاليين ومع أنصار الطريقة المريدية. وهذه الطريقة هي توجه صوفي وتعتبر من اقوى الجماعات الدينية بالسنغال وأفريقيا الغربية، وتمثل سلطة معنوية بعد إرساء الرئيس السابق  عبد الله واد تقاليد مرتبط بها خلال حملته الرئاسية.  

وعلى ضوء الشعبية الكبيرة التي يحضى بها، قرر سونكو خوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2024. واستفاد من دعم تحالف “أنقذوا الشعب” الذي يضم شخصيات من المعارضة. 

لكن الحكم عليه بالسجن سنتين قد يحرم سونكو من المشاركة فيها ويقوض آماله. فهل سيجتاز العقبات السياسية و”المطبات” التي وضعت في طريقه؟. 

طاهر هاني


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى