الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على السودان بعد فشل طرفي النزاع في إيجاد تسوية لوقف المعارك
قال البيت الأبيض الخميس إن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات اقتصادية جديدة وقيودا على التأشيرات “بحق الأطراف الذين يمارسون العنف” في السودان، وذلك بعد انسحاب الجيش من المفاوضات الأخيرة مع قوات الدعم السريع واتهامه بقصف منطقة سوق قديم في العاصمة. وعلى الرغم من تعهدات الجانبين بالالتزام بعدد من الهدنات التي تم التوصل إليها، يندلع القتال في كل مرة وخصوصا في الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور المضطرب غربي البلاد.
أعلن البيت الأبيض على لسان مستشار الأمن القومي جايك ساليفان في بيان أن بلاده ستفرض عقوبات جديدة على السودان موضحا أن أعمال العنف في هذا البلد تشكل “مأساة ينبغي أن تتوقف”، من دون أن يدلي بتفاصيل إضافية عن العقوبات.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصحافيين خلال محادثات حلف شمال الأطلسي في أوسلو إن الولايات المتحدة “تنظر في خطوات يمكننا اتخاذها لتوضيح وجهات نظرنا حيال أي زعماء يقودون السودان في الاتجاه الخاطئ، بما في ذلك عبر مواصلة العنف وخرق اتفاقات وقف إطلاق النار التي التزموا بها”.
هذا، وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أوضحت في بيان أنه “بمجرد أن تثبت القوات (المتنازعة) من خلال أفعالها أنها جدية في الالتزام بوقف إطلاق النار، ستكون الولايات المتحدة والسعودية على استعداد لاستئناف المحادثات المعلقة للتوصل إلى حل لهذا الصراع”.
الحرب متواصلة “حتى النصر”
وكان الجيش السوداني قد علّق مشاركته الأربعاء في محادثات برعاية الولايات المتحدة والسعودية لوقف إطلاق النار متهما قوات الدعم السريع بالفشل في الإيفاء بالتزاماتها.
وقال مسؤول في الحكومة السودانية طلب عدم الكشف عن هويته إن الجيش اتّخذ القرار “بسبب عدم تنفيذ المتمردين البند الخاص بانسحابهم من المستشفيات ومنازل المواطنين وخرقهم المستمر للهدنة”.
وعلى الرغم من تعهّدات الجانبين بالالتزام بعدد من الهدنات التي تم التوصل إليها، يندلع القتال في كل مرة وخصوصا في الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور المضطرب غربيّ البلاد.
ويذكر أنه منذ اندلاع المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 نيسان/أبريل الماضي، قتل أكثر من 1800 شخص، وفق موقع مشروع النزاع المسلح وبيانات الأحداث.
وإلى ذلك، تفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 1,2 مليون شخص نزحوا داخليا. فيما لجأ أكثر من نصف مليون شخص إلى الخارج، بينهم أكثر من مئة ألف لاجئ فروا إلى تشاد وأكثر من 170 ألفا إلى مصر.
ومن جانبهم، قال محامو الطوارئ في بيان الأربعاء إن “منطقة جنوب الخرطوم (حي مايو وحي الأزهري) شهدت قصفا بالمدفعية والطائرات من قبل الجيش أدى إلى مقتل 18 من المدنيين”. ويضم حي مايو سوق ستة القديم والذي شهد القصف العنيف.
كما قال أيضا سكان في العاصمة لوكالة الأنباء الفرنسية الأربعاء إن مدفعية الجيش الثقيلة قصفت معسكرا كبيرا لقوات الدعم السريع جنوب الخرطوم.
وأتت هذه التطورات بعد يومين على إعلان الوسطاء أن طرفي النزاع وافقا على تمديد الهدنة خمسة أيام “لمنح ممثلي العمل الإنساني مزيدا من الوقت للقيام بعملهم الحيوي”، وذلك “رغم عدم الالتزام به بشكل تام”.
وبدوره، أعلن البرهان خلال زيارة للقوات في العاصمة الثلاثاء أن “الجيش جاهز للقتال حتى النصر”. ورد دقلو المعروف بـ”حميدتي” قائلا إن قواته “ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها”.
للمزيد.. السودان: الأمم المتحدة تحذر من فرار نحو مليون شخص وتزايد عمليات تهريب البشر بحلول أكتوبر
أما المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي محمد الحسن، فقال لوكالة الأنباء الفرنسية الأربعاء إن انسحاب الجيش “لا ينبغي أن يحبط الولايات المتحدة والسعودية”، واصفا خطوة الجيش بأنها “ظاهرة كلاسيكية في المفاوضات الصعبة”.
بينما جدّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس في نيويورك، التأكيد على دعمه لمبعوثه الخاص إلى السودان فولكر بيرتيس.
غير أن البرهان كان قد اتّهم بيرتيس بالمساهمة بسلوك “منحاز” واتباع أسلوب “مضلل” في النزاع الدامي في بلده، مطالبا الأمم المتّحدة باستبدال مبعوثها.
وردّ غوتيريس قائلا إن الأمر متروك لـ”مجلس الأمن ليقرر ما إذا كان يدعم استمرار مهمة (المساعدة) لفترة أخرى أو أن الوقت حان لوضع حد لها”.
“المغادرة بأي ثمن”
وكانت ياقوت عبد الرحيم قد هربت من الخرطوم إلى بورتسودان شرق البلاد، حيث مكثت 15 يومًا على أمل الحصول على مقعد نادر على متن رحلة جوية.
وقالت عبد الرحيم التي تقيم في أحد المخيمات التي تم إعدادها لاستقبال النازحين من الخرطوم، “نريد المغادرة بأي ثمن (…) دمرت منازلنا ولم يعد لدينا أي شيء لتربية أطفالنا”.
وخلافا لياقوت، تواصل العديد من العائلات الاختباء في منازلها بالخرطوم وتقنين المياه والكهرباء بينما تحاول جاهدة تجنّب الرصاص الطائش في المدينة التي تضم أكثر من خمسة ملايين نسمة.
في حين، تستمر أعمال النهب والسرقة خصوصا لمقار ومخازن المنظمات الأممية.
وكتبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي على حسابها على تويتر الخميس “ندين بشدة أعمال نهب أصول وأغذية برنامج الأغذية العالمي التي تجري الآن في الأبيض (شمال كردفان)”.
وأضافت: “تعرضت مستودعاتنا للهجوم، والغذاء الذي يكفي 4,4 ملايين شخص معرض للخطر”، مشيرة إلى أن الأبيض تضم إحدى أكبر القواعد اللوجستية لبرنامج الأغذية العالمي في أفريقيا.
وبدورها، قالت فاطمة محمد كول المسؤولة الثانية في المفوضية السامية للاجئين في السودان إن “الوضع الأمني يقلص في شكل كبير قدرتنا على القيام بأنشطة إنسانية في الخرطوم”. مضيفة: “كل محاولاتنا لدخول المدينة بهدف مساعدة اللاجئين باءت بالفشل وتعرض مكتبانا لعمليات نهب”.
ومن جهتها، أفادت وزارة الصحة السودانية في بيان الخميس أن قوات الدعم السريع تتمركز في 34 مستشفى ومؤسسة طبية بالعاصمة وقد “استولت على 29 سيارة إسعاف ذات دفع رباعي”.
هذا، ولقي مئات الأشخاص مصرعهم في دارفور الواقعة عند حدود السودان الغربية مع تشاد حيث يتواصل القتال “متجاهلا بشكل صارخ التزامات وقف إطلاق النار”، بحسب طوبي هارورد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وإلى ذلك، عرقل القتال المتواصل إيصال المساعدات والحماية التي يحتاجها عدد قياسي من الأشخاص (25 مليون نسمة)، أي أكثر من نصف السكان، وفق الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من الاحتياجات المتزايدة، قالت الأمم المتحدة إنها لم تحصل إلا على 13 بالمئة من مبلغ 2,6 مليار دولار من الاحتياجات.
ولم يتجاوز إقليم دارفور بعد تداعيات حرب دامية لجأ فيها الرئيس السابق عمر البشير إلى تشكيل ميليشيا “الجنجويد” التي تطورت لاحقًا إلى قوات الدعم السريع المنشأة رسميا عام 2013.
ووفق مراقبين فإن البرهان يتعرض لضغوط متزايدة من أنصاره الإسلاميين ومن أركان نظام البشير السابق الذي كان قد أقام معهم علاقة نفعية للوصول إلى الحكم.
فرانس24/أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook