آخر الأخبارأخبار محلية

عبر مناورة الجنوب.. هل تمرَّد حزب الله حقاً على الإتفاق السعودي – الإيرانيّ؟

قبل نصرالله، كان نائبه الشيخ نعيم قاسم أطلق الموقف المتجدّد لـ”حزب الله” حول الإتفاق المذكور، واصفاً إياهُ بـ”الصلب” والمستمر، مؤكداً في حديثٍ تلفزيونيّ، الثلاثاء، أن هناك قراراً بالإستقرار في المنطقة.
بشكلٍ مباشر، قد يكون كلام قاسم حول التقارب الإيراني – السعودي بمثابة “ترطيب” للأجواء بعد المناورة، وبالتالي التمسّك بأبعاد الإتفاق الذي أرسى إرتياحاً إقليمياً. أما من جهة نصرالله، فقد يكون الحسم كبيراً لناحية أحقيّة تعاظم قوة “الحزب” وتعزيز ترسانته العسكرية في المرحلة المقبلة حتى وسط الإتفاق، وذلك بحجة أن هناك إحتلالاً إسرائيلياً لأرضٍ لبنانية، فيما الخطر الوجودي في فلسطين ما زال قائماً. حقاً، ستكونُ هذه النقاط هي الأكثر بروزاً بالنسبة للحزب الذي قد يعتمد “بروباغندا” جديدة للتأكيد على المخاطر التي تسعى إسرائيل تنفيذها في لبنان. في الحقيقة، سيكون هذا الأمرُ جانباً من معركة “نفسية” يقودها الحزب على أكثر من جبهة، والهدف الأول من ذلك هو القول إنهُ بقيَ خارج أي “تصفية” عبر الإتفاق الذي حصل، فيما الهدف الثاني يتصل بتأكيد أن دوره في محاربة “إسرائيل” يعدُّ ضرورة أكثر من أيّ وقت مضى. هنا، قد يأخذ الحزبُ تصريحات الإسرائيليين وتهديداتهم الأخيرة بعد المناورة على أنها أرضٌ خصبة للصراع، وبالتالي تثبيت الحق بالتمسّك بالسلاح والترسانة العسكرية للمواجهة حتى بعد الإتفاق السعودي – الإيراني الذي لم يأتِ أصلاً على دور “حزب الله” ونفوذه العسكري.

خلال كلمته اليوم، قد يكونُ نصرالله حازماً وجازماً في هذا الإطار، لكنه في الوقت نفسه قد يُصعّد باتجاه أطرافٍ خارجية تسعى للنيل من “حزب الله”، وقد تكون الرسالة هنا بإتجاه الولايات المتحدة. حُكماً، هذا الأمر متوقع، لكن الكلام الأقوى الذي قد لا يعلنه نصرالله بشكلٍ مباشر هو أنَّ العرض العسكري الذي حصل كان بمثابة عودةٍ صريحة للحزب إلى لبنان، لاسيما بعد الحرب التي ضربت سوريا والصراع الذي أدخل اليمن في نفق التوترات. فإنطلاقاً من جنوب لبنان، وعلى أعيُن العالم، شاء “حزب الله” القول إنّهُ التزمَ بالإتفاق السعودي مع إيران والذي يتضمن في خلفياته ضرورة إنسحابه من سوريا واليمن نهائياً. حقاً، هذا ما أراد الحزب إيصالهُ مؤخراً وبالتالي التأكيد على أنه بقيَ تحت إطار الإتفاق، فلم يتمرّد عليه ولم يختَر سبيلاً مختلفاً عنه عبر الإستمرار في تزكية الإنخراط بحروب الخارج التي انتهت أصلاً. وإستكمالاً لهذه الرسالة، شاء “حزب الله” القول إنه متمسّكُ بمهمته الأساسية التي عاد إليها والمتمثلة بإستئناف معركته الأصيلة ضدّ “إسرائيل”، وبالتالي “تعديل البوصلة” التي ضلّت إتجاهها لسنوات طويلة. أما الرسالة الأقوى فهي القول إنّ “حزب الله” أوجدَ قوته داخل لبنان وليست خارجه، فهي محصورة به، وبالتالي لا وجود له في أي ساحةٍ أخرى سواء عسكرياً أو سلطوياً.

إلى جانب كل ذلك، يُمكن أن يكون “حزب الله” قد أسّس من خلال مناورته أموراً مهمة أيضاً عسكرياً، عنوانها أن مشاركته في حروب سوريا واليمن أعطته الخبرة النوعية وأكسبتهُ سُبلاً جديدة في المواجهة، وبالتالي لم تُضعفه أو تكسره. لهذا، تأتي المناورة في إطار تتويجِ ذلك والتأكيد على أنّ المستوى الذي وصل إليه الحزب، بات مُختلفاً عما كان عليه سابقاً، وذلك بسبب تراكم الخبرات. في الوقت نفسه، فإنَّ ما يزيد من ثبات “حزب الله” في تصعيده الدائم ضدّ “إسرائيل” هو رؤيته لآفاق المنطقة المتجهة نحو التحرّر من السيطرة الأميركية التي خدمت تل أبيب كثيراً. حقاً، هذه اللحظة مواتية لـ”حزب الله” لتثبيت وجوده أكثر، ومن الممكن أن يضمن الإتفاق الذي حصل هذا الأمر أقله خلال المرحلة المقبلة.

في الخلاصة، قد لا تكون لدى “حزب الله” أي مصلحة في ضرب الإتفاق السعودي – الإيراني حتى وإن كانت المناورة التي أقامها تمثل توجهاً يصبّ في هذا الإطار. ففي حال قرّر الحزب حقاً “الإنقلاب” على الإتفاق، عندها سيكون قد “تمرّد” على طهران أولاً، ووضع نفسه في “عُزلة” تامّة ثانياً. ولأن الإتفاق يُرسي الإستقرار المطلوب إقليمياً ودولياً، فإنّ الحزب سيرى نفسهُ مرغماً على الإلتزام بذلك لأنَّ أي عملية قد يقوم بها ستعني حرباً تضرّ بلبنان وبإستقرار المنطقة. هنا، فإن النقمة على الحزب ستزدادُ أكثر، وبالتالي ستكون الخسائر أعمق.. فهل سيتحمل هذه المجازفة في ظل إتفاقٍ يضمن الإستقرار المنشود بالحدّ الأدنى؟ هل سيُضحّي الحزب بالمُكتسبات التي قد يحققها من خلال الإتفاق السعودي – الإيراني وتحديداً على الصعيد السياسي في لبنان؟


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى