آخر الأخبارأخبار محلية

متحف سرسق يعيد افتتاح أبوابه بخمسة معارض

كتبت “الأخبار”: يقع «متحف نقولا ابراهيم سرسق» الذي شيّده رجل الأعمال والتاجر المحبّ للفنون عام 1912، في الشارع المعروف في بيروت باسم «حي السراسقة». هو عبارة عن مبنى أنيق ذي طراز معماري تختلط فيه الملامح العثمانية بالإيطالية. أوصى سرسق بنقل ملكية قصره ومحتوياته إلى مدينة بيروت، شرط أن تحوِّله إلى متحف فني، فتحقّق ذلك بعد وفاة صاحبه عام 1952. بات القصر متحفاً بشكل رسمي عام 1961، واستمر نشاطه حتى خلال سنوات الحرب الأهلية، إلى أن جاء عام 2008، عندما تقرّر إقفاله مؤقّتاً لتجديده وتوسعته.

تولّى أعمال التجديد المعماريان الفرنسي جان ميشال فيلموت واللبناني جاك أبو خالد. وتضمَّنت أعمال التوسعة بناء أربعة أدوار تحت المبنى القائم من دون المسّ به، ما شكَّل تحدياً هندسياً بالغ الصعوبة، لكنه ضاعف مساحة المتحف من 1500 إلى 8500 متر مربع. ومن المرافق الجديدة التي أتت بها التوسعة، قاعة للمعارض المؤقّتة تبلغ مساحتها 800 متر مربع، وقاعة محاضرات تتسع لنحو 160 شخصاً، ومخزن للمجموعات الدائمة، ومكتبة، وورشة للترميم، ومتجر ومطعم.

بعد انفجار مرفأ بيروت، تضرّرت كل أقسام المتحف، وسقط السقف في بعض الغرف، بالإضافة إلى الضرر الذي لحق ببعض لوحات المجموعة الدائمة والنادرة من المحترف التشكيلي اللبناني الحديث التي يمتلكها المتحف. 25 لوحة ومنحوتة تضرّرت من أصل 130 عملاً فنياً تحويها المجموعة الدائمة. بعضها لحق بها أذى بالغ، مثل لوحة للفنان اللبناني الراحل بول غيراغوسيان، ومنحوتة لسلوى روضة شقير.. وانتهى القيمون على المتحف في تشرين الأول (أكتوبر) 2020 من إزالة الغبار عن أكثر من 1500 عمل فني كانت محفوظة بأمان في طبقات تحت الأرض، ولم تلحق بها تالياً أي أضرار. في تشرين الثاني (نوفمبر)، أزيل الغبار عن الكتب والوثائق التي تزيّن مكتبة المتحف.

تتوقف  كارينا الحلو، التي عُيِّنت مديرةً للمتحف قبل ستّة أشهر عند أبرز التحديات التي تواجههم، وهو التمويل، فـ«المتحف يُموّل عادةً من خلال نسبة على الضرائب على الأبنية من بلدية بيروت، وبما أنّ المبلغ بالليرة اللبنانية فهو لا يسدّ 5% من مصاريف المتحف. لدينا مصروف كهربائي هائل، وهناك طاقة شمسية ولكنها تغطي 20% فقط لا غير من مصروفنا اليوم. أطلقنا الشهر الماضي «لجنة أصدقاء المتحف» وأقمنا احتفالاً طلبنا خلاله من فئة معيّنة من المجتمع تريد أن تكون صديقة للمتحف، أن تواكب العهد الجديد لأنّه للمرّة الأولى منذ ستين سنة يعاني المتحف من صعوبات مالية. الاستمرارية تكون من خلال برامج جمع التبرّعات، وسندعو أهم شركاء الدياسبورا ليموّلوا المتحف من خلال صندوق يبقى في الخارج يعطي للمتحف مداخيله. سنسمّي صالات باسم مانحين مهمّين، وسنتمكّن من خلال هذه البرامج من التوصّل إلى استقرار مالي».

تتوقف الحلو عند مجموعة «متحف سرسق»، فتقول إنّها تضمّ 1600 لوحة جمعها المتحف على مرّ السنوات الستين من عمره، ومعظم الفنانين هم لبنانيون، يعكسون تاريخ المحترف التشكيلي اللبناني. «الفنانون الـ 150 يشكّلون هذه الحقبات ويمثّلون أهمية كبيرة، وتاريخ الفن اللبناني ما زال في مجال البحث، لا بل نحن مقصّرون فيه، وعلينا إنتاج منشورات وأبحاث في هذا الصدد».

ترى الحلو أنّ انفجار مرفأ بيروت، كان لحظة مفصلية في مسار المتحف نفسه، طارحةً سؤالاً: «ما هو دور المتحف بعد الانفجار؟ لا يجب أن نتصرّف كأنّ شيئاً لم يحصل. يجب أن نكون منصّة للحوار، فما حصل لن ينساه الجميع، هو تروما راسخة مدى الحياة. هناك أشخاص ما زالوا على قيد الحياة وعاشوا كل تفاصيل هذه التروما، لكن علينا طوي صفحة وفتح أخرى جديدة. يجب البدء برؤية جديدة للمستقبل وأعي جيداً صعوبة هذه البداية. نحن مجبرون على المضي قدماً كرمى لكلّ الذين رحلوا».

يُفتتح المتحف بخمسة معارض هي: «موجات الزمن» (تقييم كارينا الحلو) الذي يستطلع ثلاثة جداول زمنية في سرد تاريخي لمتحف سرسق ولمعارضه وللأحداث الاجتماعية السياسية المحلية البارزة للإنتاج الفني في البلاد، و«طريق الأرض» لمروى أرسانيوس وأحمد غصين وسابين سابا الذي ينطلق من التفكّر في قضية استملاك الأراضي وملكيتها في لبنان، للتحقّق في النماذج السائدة للملكية الخاصة. وهناك «إيجيكتا ـ قذف» تجهيز سمعي بصري للفنان زاد ملتقى، ومعرض «رؤى بيروت» الذي يتضمن صوراً من مجموعة فؤاد دباس وفيديو لإيكونيم يُظهر 30 ألف صورة تمّ دمجها ببعضها لإعادة خلق جولة افتراضية للمباني التراثية في بيروت، وأخيراً معرض «أنا جاهل» عن صالون الخريف والمتن الفني الثقافي لرواد الفن التشكيلي في لبنان.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى