آخر الأخبارأخبار محلية

فرنسا: من الجنرال غورو إلى القاضية بوريسي

كتب جهاد الزين في” النهار”: القضاء الفرنسي، وعبره فرنسا، تقوم بقرار التوقيف هذا، بعمل تأسيسي في الجمهورية اللبنانية التي أنشأها الجنرال الفرنسي غورو بقرار إداري عسكري عام 1920.
 
قرار بوريسي يفتح نار جهنم على الطبقة السياسية اللبنانية بكامل أجنحتها وأكاد أقول بكامل طبقاتها. وهي الطبقة المتعددة الطبقات التي تصبح مع الوقت موحدة المصالح الأمنية والسياسية.

القاضية بوريسي بقرار التوقيف، وفي ما يتخطى حاكم مصرف لبنان، جعلتنا جميعاً نقف أمام عمل تأسيسي لعله الثاني بعد قرار غورو. هذا ليس مبالغة. فهنا الفرنسيون يعيدون تأسيس النظام السياسي بل يعيدون “تأسيس” الجمهورية كنظام حوكمة ومحاسبة في درس عملي لكل المنظومة السياسية النافذة لن يكون بعده مثل ما قبله.

شكرا للرئيس ماكرون الذي يمسك الملف سياسيا بيديه وهو الذي أطلق في لبنان الاستخدام الأول لتعبير “بونزي” (ponzi) التعبيرالأشهر في وصف الاحتيالات المالية في العالم، ووضَع كل الانهيار المالي ومن ضمنه دور مصرف لبنان في الخانة “البونزية”.

يكفي أن عدد الذين “يتحسّسون رؤوسهم” في لبنان قد تضاعف مرات . إنها صدمة قرار التوقيف في نظام قضائي محترم كالنظام القضائي الفرنسي وهو اليوم يسجِّل مأثرة جديدة بالحكم الصادر بسجن الرئيس الفرنسي السابق نيقولا ساركوزي بتهمة فساد مالي ومحاولة التأثير على القضاء.

هذه لحظة تاريخية فعلا في لبنان وينبغي لفعاليات ما تبقى من ثورة 17 تشرين أن تجتمع وتنشط لاستثمار حدث طلب توقيف حاكم البنك المركزي اللبناني في سياق إعادة تجديد الثورة الشبابية، لأن هذا التوقيف كجزء من الإسقاط الأخلاقي (وليس السياسي) للمنظومةالحاكمة والذي قامت به الثورة من شأنه أن يمثّل الحدث الأهم منذ عام 2019 تاريخ اندلاعها.

أظهر القرار القضائي الفرنسي مع كل الجهود القضائية التي قام بها معنيون في لبنان والخارج، أظهر مدى اختمار الوعي الأوروبي والغربي على مستوى الحكومات بضرورة دعم مواجهة منظومة الفساد اللبنانية.

وهذا في لبنان يجعل الحدث الفرنسي أكبر من طاقة أي فئة لبنانية على استثماره محليا. فالسيف يلمس رقبة الجميع.

إذا كان لهذا القرار (طلب توقيف الحاكم) أن يذهب في مسار تغييري، فيجب التعامل معه كإشارة انطلاق ثورية بعده ليس مثل ما قبله كماأشرنا، لأنه الحدث التأسيسي الذي يجب أن يُثبِت اللبنانيون أنهم جديرون به كمكافأة دولية غير مسبوقة ضد كل من أذلّوهم ليس فقط على ابواب المصارف المجرمة بل أيضاً في مرفأ بيروت وفي كل مكان عجزوا عن دفع أسعاره بعملة وطنية منهارة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى