آخر الأخبارأخبار محلية

لبنان في قمة جدة.. حضور رسمي فاعل ونتائج مرتقبة

تأتي مشاركة لبنان في قمة جدة في ظل أزمة سياسية معطوفة على أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية، وفي ظلّ فراغ في سدّة الرئاسة الأولى، الذي تتحكّم به خلافات جذرية بين مكوناته السياسية المنقسمة إلى محورين متناقضين من حيث التوجّه والمنطلقات والاستراتيجيات، وبعد أزمة ثقة بينه وبين عدد من الدول العربية، ومن بينها المملكة العربية السعودية، التي تنعقد القمة بدورتها الثانية والثلاثين على أرضها، وبعد تطورين مهمين لا بدّ من أن تكون لها انعكاسات على وضعيته الداخلية، وهما التقارب السعودي – الإيراني، وعودة سوريا إلى شرعية جامعة الدول العربية.  

فلبنان، وهو من بين مؤسسي جامعة الدول العربية، ملتزم التزامًا كليًا بمقرراتها وبالإجماع العربي، وهو عضو فاعل فيها، وذلك نظرًا إلى ما تربطه بكل الدول العربية من صداقات وعلاقات تاريخية، وكان له الدور المؤثرّ في تقريب وجهات النظر، على رغم ما كان يعانيه من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية.  

من هنا، فإن أهمية مشاركة لبنان في قمة جدة ممثلًا برئيس حكومته نجيب ميقاتي تتجّلى في أكثر من محور، ومن بينها:    

أولًا: تعزيز العلاقات العربية، إذ أن مشاركة لبنان في القمم العربية السابقة كانت مناسبة لتعزيز علاقاته مع الدول العربية الشقيقة، وهي مناسبة لتوسيع شبكة العلاقات وتعزيز التعاون مع الدول العربية في مختلف المجالات، السياسي منها والاقتصادي والثقافي والتعليمي والتجارة والسياحة.  

ثانيًا: المصالح الاقتصادية، إذ يمكن أن تفتح مشاركة لبنان في القمم العربية أبوابًا جديدة للتعاون الاقتصادي مع سائر الدول العربية، وبالأخص دول الخليج العربي. فلبنان في حاجة اليوم إلى أي مساعدة ممكنة قد تحفّز فرص الاستثمار فيه، الأمر الذي سينعكس حتمًا على التنمية الاقتصادية فيه بعد هذا الركود المخيف. فزيادة الاستثمار العربي فيه يمكن أن يساهم في تعزيز اقتصاده وتوفير فرص عمل وتنمية مستدامة.  

ثالثًا: حل القضايا الإقليمية: لا شك في أن القمم العربية السابقة، وبالأخص قمة جدة، هي مناسبة لمناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك والبحث عن حلول للتحديات التي تواجه المنطقة، ومن بين ما تناولته هذه القمة بدورتها الثانية قضايا السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وإيجاد حل للنزاعات الإقليمية، وحقوق الإنسان. وقد لعب لبنان دورًا مهمًا، كما كان يفعل دائمًا في السابق، من خلال  مشاركته  في صياغة السياسات واتخاذ القرارات المتعلقة بالقضايا الإقليمية، وبالتالي اسماع صوته للعالم من خلال منبر الجامعة العربية، وهذا ما فعله الرئيس ميقاتي، الذي خاطب القادة العرب باسم كل لبنان، مطالبًا الجميع بالوقوف إلى جانبه في ظروفه القاسية. 

رابعًا، الدعم السياسي والاستقرار: فمشاركة لبنان في قمة جدة ساهمت في شكل أو في آخر في تحفيز المساهمات العربية في تعزيز الدعم السياسي والديبلوماسي له، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن يكون للتضامن  والتعاون العربي من دور مهم في الحفاظ على استقرار لبنان، وتعزيز   الأمن في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها. البلد. 

خامسًا: ترسيخ هوية لبنان العربية: فمشاركة لبنان اليوم في قمة جدة من شأنها أن ترسيخ مبدئية انتمائه العربي، الذي لم يعد مطروحًا في جدلية الهوية اللبنانية، خصوصًا بعدما تأكد للجميع أن لبنان لا يمكنه أن يكون خارج اسرته العربية. 

سادسًا: فرصة لتبادل الخبرات والمعرفة: إن مشاركة عدد من الوزراء في الوفد اللبناني الرسمي إلى قمة جدة أتاحت الفرصة لهم لعقد لقاءات ثنائية مع نظرائهم العرب للبحث في مواضيع مشتركة وفي مجالات مختلفة مثل التنمية الاقتصادية، والتعليم، والعلوم، والثقافة، والتكنولوجيا.  
  
في شكل عام، إن مشاركة لبنان في القمم العربية، وبالأخص في قمة جدة لما لها من أهمية في هذا المفصل التاريخي، من شأنها أن تعزّز حضوره في المنطقة العربية وتعكس التزامه بالتعاون العربي والتحديات العابرة للحدود. فكلمة الرئيس ميقاتي وضعت أكثر من نقطة على الحروف النافرة، وجاء فيها “في هذا اللقاء لا بد من تأكيد احترام لبنان لكافة القرارات الدولية المتتالية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية وميثاقها والالتزام بتنفيذ  مندرجاتها. وأنا اؤكد ايضا باسم كل لبنان احترام مصالح الدول الشقيقة وسيادتها وأمنها الاجتماعي والسياسي، ومحاربة تصدير الممنوعات اليها وكل ما يسيئ الى الاستقرار فيها…هو التزام ثابت ينبع من احساس بالمسؤولية تجاه اشقائنا ومن حرصنا على أمنهم وسلامتهم وصفاء العلاقات الأخوية معهم وصدقها”.  

يضاف إلى هذا الحضور اللقاءات التي عقدها الرئيس ميقاتي مع عدد من القادة العرب، وكانت فرصة لتبادل وجهات النظر حول مسائل مهمة، ومن بينها بناء شراكة حقيقية وقوية بين لبنان وأشقائه من أجل تنمية مستدامة من ضمن مشروع ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال تثبيت الاستقرار في لبنان، أولًا عن طريق مساعدته على تسريع الخطى لانتخاب رئيس جديد، والمساهمة في تخطّي أزماته المالية والاقتصادية وتجاوز الانعكاسات السلبية للنزوح السوري.   


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى