مدنيون يائسون في إقليم دارفور يحملون السلاح للدفاع عن أنفسهم أمام الميليشيات
نشرت في: 19/05/2023 – 12:50
مع مرور أكثر من شهر على بداية المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ينشر مقاتلو ميليشيا الجنجويد التابعة لقوات الدعم السريع الرعب في إقليم دارفور وبالخصوص في مدينة الجنينة. وتم الإعلان عن موجة هجمات عدة في المنطقة ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين خصوصا بين القبائل غير العربية. وفي ظل حالة اليأس، حمل بعض منهم السلاح للدفاع عن النفس في غياب أي حماية عسكرية.
حررت هذا المقال فاطمة بن حمد
منذ بداية النزاع الدائر بين الجيش النظامي في السودان وقوات الدعم السريع في منتصف نيسان/ أبريل الماضي، يعيش المدنيون في إقليم دارفور بغرب السودان على وقع هجمات مدمرة يقودها مقاتلو الجنجويد، وهي ميليشيا عربية تابعة لقوات الدعم السريع.
وأودت آخر الهجمات في مدينة الجنينة -عاصمة إقليم دارفور- بحياة ما لا يقل عن 280 شخصا وأكثر من 300 جريح ما بين 12 و15 أيار/ مايو الجاري، وذلك حسب نقابة الأطباء في دارفور. وتعود هذه الحصيلة الدموية إلى غياب الجيش السوداني عن الأرض لحماية المدنيين المنحدرين من القبائل غير العربية (بينهم قبيلة المساليت).
منذ أسبوع، يتلقى فريق تحرير مراقبون فرانس24 رسائل من سكان إقليم دارفور تظهر مدنيين يحملون أسلحة – سواء كانت بنادق صيد أو مسدسات – وذلك للدفاع عن بيوتهم ومحالهم التجارية أمام الهجمات وعمليات النهب من القبائل العربية. وفي 24 نيسان/ أبريل الماضي، كانت سكان وتجار مدينة الجنينة قد وضعوا أيديهم على شحنة أسلحة في مستودع متروك للشرطة المحلية.
“لا توجد أي قوات لحمايتنا، إذا كل أحد يتولى أمر، يقول صاحب هذا المقطع المصور الذي التقط في 24 نيسان/ أبريل في مدينة الجنينة، عاصمة إقليم دارفور الغربية.
“من لديهم الإمكانيات المالية يمكن أن يشتروا الأسلحة للدفاع عن أنفسهم”
منذ بداية النزاع في السودان، يقوم خليل (اسم مستعار) بمعالجة الجرحى ويساهم في دفن الموتى وذلك تطوعيا في مدينة الجنينة. ولا يستغرب خليل من رؤية السكان في المنطقة يلجأون لحمل السلاح للدفاع الشخصي عن أنفسهم. ولحماية سلامته الشخصية، لن نكشف عن هويته.
منذ يوم 12 أيار/ مايو الجاري، شاركت في دفن ما لا يقل عن 176 ضحية لهجمات مقاتلي الجنجويد. أقضي أيامي بمعالجة الجرحى المصابين بالرصاص في النقاط الصحية الموجودة بأرض الميدان في الجنينة. اضطررنا إلى نقل بعض المصابين، وذلك لأن قصف المدفعية يستهدف في بعض الأحيان النقاط الصحية. فقدنا أحد أندر الأطباء الموجودين بالميدان والذي قتل أثناء إحدى الهجمات. نتلقى كل ساعتين جرحى جدد أصيبوا بأعيرة نارية من قبل قناصة الجنجويد الذين ينتشرون في جنوب وغرب المدينة. لقد أصبح أمرا خطيرا التنقل بمدينة الجنينة.
وفي ظل عدم وجود أي جهاز أمني رسمي في إقليم غرب دارفور، حاول السكان الحصول على أسلحة خفيفة للدفاع عن بيوتهم ومحالهم التجارية التي تستهدفها ميليشيات الجنجويد، وأيضا من مقاتلي قوات الدعم السريع.
في هذا المقطع المصور الذي نشر في 14 أيار/ مايو 2023 على فيس بوك والذي التقطه مقاتل ن قوات الدعم السريع، نرى أعضاء قوة نتعرف عليها من خلال زيها العسكري الذي يحمل شعار قوات الدعم السريع على الذراع بصدد نهب مواد غذائية. وغير بعد عن ذلك نرى أكواخا بصدد الاشتعال.
من السهل الحصول على أسلحة في دارفور: يكفي أن يكون لديك القدر المطلوب من المال. على سبيل المثال، للحصول على بندقية كلاشنيكوف، يجب عليك توفير 1300 دولار (حوالى 1200 يورو)، وتباع الرصاصة الواحدة بمبلغ 2 دولار (حوالى 1.85 يورو). من لديهم الإمكانيات المالية من بين السكان يستطيعون شراء الأسلحة الخفيفة للدفاع عن أنفسهم. لا يمكن لهم البقاء مكتوفي الأيدي. لأنه لا أحد يتولى حمايتهم.
في مقطع الفيديو الموجود أدناه والذي التقط في 15 أيار/ مايو الجاري، يهاجم مدنيون مسلحون عربة “تاتشر” تابعة قوات الدعم السريع (تاتشر هي تسمية محلية لعربات رباعية الدفع من طراز لاند كروزر التي يتم استخدامها تاريخيا من قبل قوات الدعم السريع في إقليم دارفور). ويقوم مدنيون فيما بعد بحرقها، وهو يصرخون “فلتخرج ميليشيا الجنجويد خارج مناطق المساليت” وقد أطلقوا وابلا من الشتائم على مقاتلي الميليشيا. ونرى عدة أشخاص من المدنيين يحملون أسلحة أتوماتيكية بينهم صاحب مقطع الفيديو الذي يظهر في بدايته.
في هذا المقطع المصور في 15 أيار/ مايو، نرى مدنيين بصدد حرق عربة رباعية الدفع تابعة لقوات الدعم السريع في مدينة الجنينة. ويحمل عدد منهم، بينهم صاحب التسجيل، أسلحة أتوماتيكية.
تقرؤون أيضا على موقع مراقبون – في دارفور.. النزاع السوداني يعمق العنف القبلي المنسوب لميليشيات الجنجويد
ويردف خليل قائلا:
تاريخيا [فريق التحرير: في فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير]، فإن القبائل العربية وحدها لها الحق قانونيا في حمل السلاح، حيث ينظر إلى كل قبيلة أفريقية على أنها “متمردة” على النظام عندما يحصل قادتها على السلاح للدفاع عن أنفسهم ضد مقاتلي الجنجويد، وذلك منذ سنة 2003 [فريق التحرير: كان إقليم دافور مسرحا لمجازر إثنية تحت حكم عمر البشير].
منذ سقوط نظام عمر البشير [فريق التحرير: في نيسان/ أبريل 2019] أصبح من السهل الحصول على سلاح في دافور، من خلال جلب أسلحة من التشاد المجاورة على سبيل المثال. وذلك يعد تحركا ضروريا وذلك أن الهجمات تزايدت خصوصا منذ بداية الحرب [فريق التحرير: في 15 نيسان/ أبريل 2023].
وتم التوصل لعدة اتفاقات لوقف إطلاق النار بين قائدي طرفي النزاع، الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ومحمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي عن قوات الدعم السريع. وتم التوصل إلى آخر اتفاق هدنة في 12 أيار/ مايو فيما يعرف بـ”اتفاق جدة” في السعودية، وينص على السماح بدخول فرق الإغاثة الإنسانية. ورغم ذلك، لم يتم احترام أي اتفاق لوقف إطلاق النار في المناطق المدنية منذ بداية المعارك في السودان، ما جعل من الجنينة عاصمة إقليم دارفور بالخصوص مدينة محفوفة بالمخاطر. وقتل أكثر من 500 شخص في الجنينة منذ بداية النزاع في 15 نيسان/ أبريل الماضي، حسب تصريح محافظ دارفور.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook