آخر الأخبارأخبار محلية

إلى متى سيبقي مصير لبنان معلّقًا بالخارج؟

كثيرةٌ هي التطورات لدولية والإقليمية. ومع كل تطّور يرهن المسؤولون في لبنان كل ما له علاقة بالوضع الداخلي بهذه التطورات الخارجية. وهذا يعني المزيد من الانتظار والمزيد من المعاناة والمزيد من المراوحة، على رغم كل المؤشرات والدلائل التي تأتي من الخارج بضرورة اقتناع اللبنانيين بنهائية “لبننة” استحقاقاتهم الدستورية، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي، الذي ترتبط به عملية واسعة من الإصلاحات المالية والإدارية والاقتصادية المطلوبة دوليًا من لبنان، والتي من دونها لا قيامة حقيقية لمؤسسات الدولة، خصوصًا أن إرادة الصمود لدى اللبنانيين بدأت تنوص شيئًا فشيئًا، مع تضاؤل فرص الخروج من عنق زجاجة الأزمات المتلاحقة والمتوالدة جرثوميًا.

 

فمع بداية كل شهر، ومنذ أن انتهى عهد الرئيس السابق ميشال عون، ينتظر اللبنانيون، وبفارغ الصبر، أي مستجدّ قد يطرأ على المشهد السياسي الدولي والإقليمي، ليحدّدوا على ضوئه مآل ما يمكن أن يلحقهم من “طراطيش” هذه التطورات والمستجدّات، وآخرها ما فاجأت به بكين العالم حين أعلنت عن التوصّل إلى اتفاق بين خصمي الأمس، أي المملكة العربية السعودية وإيران، مع ما يعنيه هذا التقارب بين هاتين الدولتين من انعكاسات حتمية على المسارات الأخرى في دول الجوار، والتي لها علاقات مباشرة إما بالرياض وإما بطهران، ومن بين هذه الدول لبنان، الذي يأتي في المرتبة الأخيرة من حيث تراتبية الأولويات في “أجندة” الاهتمامات. 

 

فلبنان بالنسبة إلى المملكة ليس أهمّ من الوضع اليمني كأولويات، على رغم الأهمية التي توليها السعودية للوضع اللبناني، من حيث العلاقات التاريخية التي تربط بين بيروت والرياض. وهو ليس أهمّ أيضًا بالنسبة إلى الأولويات السعودية من الوضع العراقي، وذلك ليس لأن السعودية غير مهتمّة بمصير لبنان، الذي يعنيها كثيرًا، ولكنه ليس من ضمن “أجندتها” الخليجية. فالأولوية بالنسبة إلى القيادة السعودية هي “ترتيب” “البيت الخليجي الداخلي”. وهذا هو هدف من بين أهداف أخرى للتقارب. أمّا سائر الأوضاع، ومن بينها الوضع اللبناني، فسيأتي دورها حتمًا، ولكن ليس على حساب الحلول الأخرى، خصوصًا أن وهج عودة سوريا إلى الحضن العربي قد سرق الأضواء عن مشهدية الواقع اللبناني. 

 

ولأن الشيء بالشيء يُذكر ولمناسبة الحديث عن الأولويات، يُشار إلى أن السياسة الصحية في كندا مثلًا، وبما أن نظامها الصحي مجاني ومتاح للجميع على السواء، فإن ثمة حالات لا تحتمل التأجيل والمماطلة، ولها أولوية العناية والاهتمام، فيما الحالات الأخرى الأقل خطورة ففي امكان أصحابها الانتظار إلى أن يحين دورهم. 
 أمّا الأولويات بالنسبة إلى إيران فمختلفة عن الأولويات السعودية، وهي تنظر إلى الأوضاع في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة بمنظار آخر، وهي تنطلق في مفاوضاتها مع السعودية من أرضية ما يمكن أن تحقّقه من مكتسبات سياسية، من حيث الإبقاء على بعض من نفوذها في هذه الدول، التي تربطها ببعض مكوناتها علاقات دينية وايديولوجية، كالحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق و”حزب الله” في لبنان والنظام السوري في العمق السوري. 

 

ولأن لا خيار أمام للبنانيين سوى الانتظار في معادلة الأولويات الإقليمية فإن الانتخابات الرئاسية “تُدفش” من استحقاق دولي إلى استحقاق إقليمي، وقد لا يكون انعقاد القمة العربية في جدة بعد أيام آخر هذه الانتظارات. 
من هنا يمكن فهم “صرخة” الخارج على الداخل اللبناني، وقد تكون الصرخة الأكثر دويًّا هذه الأيام صرخة السفير السعودي وليد البخاري، وهو يقول للبنانيين “خذوا هذا الاستحقاق بأيديكم وامسِكوا بزمام أموركم ومارِسوا سيادتكم وقراركم الحر”. 
وعلى رغم كل هذه الإشارات لا يزال بعضٌ من في الداخل يصرّ على رصد إشاراتٍ إقليمية أو دولية لـ “ركوب الموجة” أو لتحقيق بعض المكاسب، التي يعتقد أن المتغيّرات الإقليمية تصبّ في مصلحته. 
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى