الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: الإيجابيات تُربك المعترضين.. وحراك مكثّف بعد قمّة جدة لإنضاج تسوية رئاسية
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
توحي التطورات المرتبطة بالملف الرئاسي، بأنّ تاريخ 15 حزيران المقبل الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري كسقف زمني لانتخاب رئيس الجمهورية، قد بدأ بالسريان الجدّي، ما يعني انّ الفترة الممتدة من الآن ولغاية منتصف حزيران، حاسمة لطي صفحة هذا الاستحقاق المعطّل منذ 6 اشهر ونصف، وتوجيه السفينة الرئاسية إلى برّ الانتخاب.
الداخل بات مضبوطاً على تطورات الساعات الاخيرة، التي جذبت الحواس السياسية على اختلافها وتناقضاتها، إلى الحدث الأبرز الذي تصدّر المشهد الرئاسي، وتمثّل في اللقاء «الودي والممتاز» بين السفير السعودي وليد البخاري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، ومقاربته بقراءات موضوعية وعقلانية في شكله وفي مضمونه، وفي توقيته، وقراءة أبعاده، وفهم الرسالة التي أُريد إيصالها من خلاله، بعيداً من العزف الانفعالي المنفرد على وتر التشويش الذي أبدع فيه المعارضون لوصول الوزير فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، في اختلاق وترويج الروايات والوقائع الوهميّة.
وإذا كان اللقاء بين السفير والوزير، الذي يندرج في سياق حركة الاتصالات واللقاءات التي يجريها السفير البخاري، قد أشاع جوّاً من الارتياح لدى مريدي فرنجيّة، ولم يتأخّر الرئيس بري في التعبير عن هذا الارتياح من «الاجواء الممتازة»، التي يمكن البناء عليها لرفع منسوب التفاؤل في انتخاب رئيس للجمهورية في المدى القريب. الّا انّ مجرّد حصوله، قبل مضمونه «الودي والممتاز»، كان له الوقع الصادم في المقلب الآخر. فالرسالة التي وجّهها اللقاء، أخرجت بصورة نهائية، الموقف السعودي من الملف الرئاسي، من زاوية التأويل والتفسير وفق رغبات البعض في لبنان، وخيّبت آمال كل من راهنوا او روّجوا لـ «فيتو» سعودي على سليمان فرنجية، حيث بدوا بعد اللقاء كمن على رؤوسهم الطير، لم يجدوا ما يقولونه سوى «التنقير» على شكل اللقاء، والتبخيس من أهميته، بالأخذ على فرنجية زيارة السفير البخاري وليس العكس!
إنضاج الإيجابيات
المناخ الرئاسي، وكما يؤكّد مطلعون على حركة الاتصالات الجارية لـ«الجمهورية»، على جانب كبير من الإيجابية، الّا انّ الموضوعية والواقعية تقتضيان التأكيد، انّ من السابق لأوانه الحديث عن انّ الملف الرئاسي قد صار في حكم المحسوم، بل انّ الايجابيات التي تراكمت على الخط الرئاسي، ما زالت تتطلب بعض الجهد لترجمتها على أرض الواقع، والايام المقبلة ستشهد تزخيماً لحركة اللقاءات والاتصالات على أكثر من خط، ما يعني انّنا امام ايام او اسابيع قليلة حاسمة، لحمل الجميع على تحديد خياراتهم النهائية وإنزال المعطلين عن شجرة التعطيل.
حراك مُنتظر
ضمن هذا السياق، كشف مصدر ديبلوماسي عربي لـ«الجمهورية»، انّ «وضع لبنان سيكون بنداً رئيسياً في القمة العربية المقرّر عقدها في جدة الاسبوع المقبل، وثمة إجماع عربي على الوقوف مع لبنان في محنته الصعبة، وثمة قرار مهمّ منتظر ان يصدر عن القمة ومرتبط بملف لبنان». وقال: «المعطيات المتوفرة تؤكّد انّ مرحلة ما بعد القمة، يفترض أن تؤسس لانفراجات لبنانية عاجلة، ربطاً بحضور اكثر من مستوى عربي ودولي، في الملف اللبناني، لمساعدة اللبنانيين على انجاز الانتخابات الرئاسية، وهذا ما يضع الأطراف السياسية في لبنان امام مسؤولية التفاعل الايجابي مع المساعي والجهود المبذولة، لبلورة حل يُخرج لبنان من هذه الأزمة».
واكّد المصدر الديبلوماسي: «اننا لا نرى ما يمنع اللبنانيين من أن يتحلّوا بشيء من الحكمة في مقاربتهم لواقع بلدهم، بعيداً من الصغائر والحسابات الحزبية التي حذّرنا كافة السياسيين من انّها ستُبقي الوضع معطّلاً في لبنان، وتساهم في تعميق اكبر لأزمته وإلحاق الضرر الكبير بالشعب اللبناني»، لافتاً إلى انّ الخلاصات التي راكمتها حركة الاتصالات واللقاءات الاخيرة تبعث على التفاؤل في إمكان حسم وشيك للملف الرئاسي في لبنان، وينبغي في هذا السياق ان يدرك اللبنانيون انّ لبنان ليس منعزلاً عن محيطه، حيث انّ الجهد قائم بوتيرة غير مسبوقة لإطفاء التوترات في المنطقة، وهذا الجهد يشمل لبنان بطبيعة الحال. فهل من الجائز ان تبرد تلك الساحات، فيما يبقى لبنان في وضع متوتر»؟
ورداً على سؤال، لم يؤكّد المصدر الديبلوماسي عينه وجود تحرّك قطري جدّي حول الملف الرئاسي اللبناني، وقال: «انّ القاعدة الأساس لحلّ ازمة الرئاسة في لبنان، وضعها الاجتماع الخماسي في باريس في 6 شباط الماضي، وكل التحركات السياسية والديبلوماسية التي تلته، تندرج في سياقه، ولا توجد اي حراكات منفردة خارج هذا الاطار. وبالتالي فإنّ التعويل الأساس يبقى على الدور السعودي والمساعي التي يبذلها السفير البخاري مع القيادات اللبنانية السياسية وغير السياسية».
وحول الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، رفض المصدر ترجيح كفة اي اسم، مكتفياً بالقول: «انّ المناخ العام العربي والدولي في هذه المرحلة اكثر من مساعد للبنانيين على ان يحسموا استحقاقاتهم الدستورية في اسرع وقت ممكن وإنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية. وبالتالي لا نرى أمامهم اي خيار سوى ان يسلكوا طريق الحسم، إن كانوا يريدون الخير للبنان والرخاء لشعبه».
التنسيق مستمر
ما اورده المصدر الديبلوماسي يتقاطع مع معلومات وصفتها مصادر موثوقة بالمؤكّدة، تفيد بأنّ «حركة الاتصالات الناشطة حول الملف الرئاسي، التي تتصدّرها المملكة العربية السعودية، تحظى بقوة دفع اميركية منسّقة بالكامل مع الجانب الفرنسي، خلافاً لما يجري الترويج له في الداخل اللبناني من وجود تباينات في ما بينها حول رئيس الجمهورية ومواصفاته، ذلك انّ هذه الحركة منطلقة من اولوية مشتركة في ما بين واشنطن وباريس والسعودية على وجه التحديد، بعنوان اساسي وحيد هو إجراء الانتخابات الرئاسية بلا «فيتوات» على أي من المرشحين، وحث الاطراف السياسية في لبنان على تمكين مجلس النواب اللبناني من الانعقاد لاختيار الرئيس.
وتنقل المصادر عن سفير دولة كبرى قوله: «انّه بات يعتقد انّ وضع لبنان بات قابلاً لأن يشهد تطوّرات نوعية، من شأنها أن تجعل انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان امراً واقعاً».
إرباكات الداخل
وفيما لا تفاضل حركة الاتصالات الخارجية بين اسماء المرشحين، برغم انّ اسم الوزير سليمان فرنجية بات متقدّماً في نادي المرشحين بشكل ملحوظ، تسود حال من الارباك في الاوساط التي تصنّف نفسها معارضة سيادية او تغييرية او مستقلة. وتحدّد مصادر سياسية نقاط هذا الارباك في ما يلي:
اولاً، من الإحراج الذي سيحشرها في زاوية الرغبة التي يبديها الاصدقاء في المجتمع الدولي، وتحديداً السعوديون، في ضرورة ان تمكّن الاطراف اللبنانية على اختلافها، المجلس النيابي من الانعقاد لانتخاب الرئيس، حيث انّ هذه الرغبة تصطدم، لا بل تطيح بتوجّهها الذي سبق واعلنته لتعطيل نصاب جلسة انتخاب تأتي برئيس تناصبه العداء السياسي او مخالف لتوجّهاتها ومواصفاتها السيادية.
ثانياً، من خشيتها من ان يُضحّى بها على المذبح الرئاسي، في سياق تسوية اقليمية ودولية ينحو معها المسار الرئاسي في الاتجاه الذي يرجح كفة الوزير فرنجية. وما يعزز خشية هذه الاطراف من هذه التسوية، هو انّها قابلة للنضوج، وقادرة على أن تجذب اليها اطرافاً آخرين،
مثل «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ونواباً مستقلين او معارضين، لا يستطيعون الخروج من تحت العباءة السعودية الراغبة في انعقاد المجلس وإتمام انتخاب رئيس الجمهورية في اسرع وقت ممكن.
ثالثاً، في الافتراق القائم بينها، وعدم قدرتها على التوحّد حول مرشح معيّن.
ورابعاً، في عدم تمكّنها من صياغة ما يمكن تسميتها بـ»تفاهمات الضرورة» لمواجهة اي تسوية محتملة. وفي هذا السياق، يكثر الحديث عن محاولات لبناء مساحة التقاء مشتركة بين حزب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، تبدو محكومة بالفشل المسبق، اولاً لأنّ الطرفين أحرقا كل مراكب الالتقاء بينهما، وحشرا نفسيهما في مواقف قدح وذم وتجريح، لا يستطيعان العودة عنها. وثانياً لأنّهما حتى ولو اتفقا، فلا يمتلكان قدرة الصمود وحدهما امام إرادة المجتمع الدولي، وكذلك قدرة التأثير او التعطيل لتسوية اكبر من الجميع.
«الثنائي» ملتزم بفرنجية
وفي الوقت الذي يؤكّد ثنائي حركة «امل» و«حزب الله»، تمسّكهما بدعم ترشيح الوزير فرنجية لرئاسة الجمهورية، ويأملان في ان تكون الحراكات الجارية قد عززت حظوظه كونه الخيار الرئاسي الأفضل لقيادة هذه المرحلة، لفتت مصادر «الثنائي» عبر «الجمهورية»، الى انّهما مع كل مسعى يرمي إلى إنهاء الفراغ في سدّة الرئاسة، ويقنع الأطراف السياسيين بتسهيل انعقاد جلسة انتخاب الرئيس والالتزام بحضورها، والاحتكام بالتالي للعبة الديموقراطية وانتخاب الرئيس وفق مندرجات الدستور. وذكّرت المصادر بالطرح الذي سبق للرئيس بري ان عرضه، وفحواه انّه كما قدّم «الثنائي» الوطني مرشحه لرئاسة الجمهورية قليبادر الآخرون إلى تقديم مرشحيهم، ولتجر الانتخابات ضمن لعبة تنافسية ديموقراطية، وليُنتخب من يُنتخب، ونحن ملتزمون بالانخراط في هذه اللعبة.
الضرورات تبيح المحظورات
واللافت في هذا السياق، ما اكّدت عليه مصادر سياسية وسطية لـ«الجمهورية»، بـ«أنّ لعبة «التمريكات» على بعضنا البعض التي انتهجناها على مدى الأشهر الماضية قد اثبتت عقمها، وانّ لا مجال لحسم انتخاب رئيس الجمهورية إلّا من ضمنتسوية». وإذ ذكّرت المصادر بما قاله رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط قبل ايام من انّه مع التسوية، وانّ انتخاب رئيس يعطي املاً ببداية اصلاح سياسي واقتصادي، قالت: «عند المحطات الحرجة، ونحن نعيش واحدة منها، فإنّ الضرورات تبيح المحظورات. المنطقة تتحوّل من حولنا، ونحن لا يجوز ان نبقى في هذا التخبّط، ومن هنا نرى انّ الأوان للانتهاء من هذه المسخرة، والكف عن تضييع رئاسة الجمهورية والبلد بطروحات ومقاربات خنفشارية».
تحرّك البخاري
وكان السفير السعودي، قد تابع حراكه، حيث زار امس مقر «كتلة تجدد» النيابية في سن الفيل، كما استقبل في دارته في اليرزة، وزير الداخلية بسام مولوي، الذي قال بعد اللقاء: «سررنا بلقاء السفير البخاري، سفير المملكة الحاضنة للبنان والمحفّزة على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية». فيما قال عضو «تكتل الاعتدال الوطني» النائب سجيع عطية، إنّ «السفير السعودي كان واضحًا خلال لقائه «كتلة الاعتدال الوطني»، أن لا فيتو على اسم سليمان فرنجية، وأن لا خصومة للرياض مع أي شخصية في لبنان الذي تتمنى أن يعود إلى الحضن العربي، كما كان تأكيد على أهمية التوافق العام على شخصية وازنة، لكن اذا تعذّر ذلك لا مشكلة في التصويت داخل مجلس النواب لمرشحين أو ثلاثة، مع التشديد على ضرورة حسم وإنجاز الاستحقاق الرئاسي في غضون أسبوعين».
نصرالله: إيجابيات
إلى ذلك، تناول الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، الملف الرئاسي في كلمة له في ذكرى القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين، مشيراً الى أنّ التطورات الأخيرة إيجابية، لافتاً الى انّ «الوزير سليمان فرنجية مرشحنا، وهو ليس مرشح صدفة بالنسبة إلينا بل هو مرشح طبيعي وجدّي، وكاد ان يصبح رئيساً للجمهورية سابقاً اكثر من مرة».
اضاف: «نحن لا نفرض على أحد خياراتنا، وانما من حقنا الطبيعي ان نرشح مرشحنا لهذه الانتخابات، وليرشح كل طرف أي اسم يريد ولنذهب إلى المجلس لانتخاب رئيس»، واكّد انّ «الأبواب ما زالت مفتوحة للنقاش والحوار والتلاقي في ملف رئاسة الجمهورية».
وقال: «انّ علينا كلبنانيين أن نستفيد من المناخات الإيجابية في المنطقة»، معتبراً انّ «مجلس النواب اللبناني يمكنه أن يكمل التشريع بشكل طبيعي وليس فقط تشريع الضرورة»، مشدّداً على ان تبقى حكومة تصريف الاعمال، على ممارسة أعمالها ضمن حدود الدستور رغم كل الصعوبات، رافضاً في الوقت نفسه ان تعيّن حكومة تصريف الاعمال حاكم مصرف لبنان، وقال: «لسنا مع تعيين حاكم المصرف، وحكومة تصريف الأعمال لا تعيّن شخصًا في هذا المنصب، فلا تعيين ولا تمديد للحاكم، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياته وعدم التخلّي عنها».
وحول الأوضاع في فلسطين قال: «نحن نراقب الأوضاع وتطوراتها في غزة، ونقدّم في حدود معينة، المساعدة الممكنة، ولكن في أي وقت تفرض المسؤولية علينا القيام بأي خطوة أو خطوات لن نتردّد».
وحول سوريا دعا نصرالله الحكومة إلى اعادة العلاقات الطبيعية معها، لأنّ في ذلك مصلحة للبنان، ولكن هناك من يتنكّر للوقائع، معتبراً انّ ملف النازحين يُعالج بتشكيل وفد وزاري أمني لدمشق، و«حزب الله» لا يمنع أحدًا من العودة للقرى السورية.
ميقاتي والنازحون
وفي سياق متصل بملف النازحين، اعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين، «انّ اللقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سبقه لقاء تشاوري حول موضوع النازحين»، مشيراً الى انّ «هناك جدّية في ملف عودة النازحين والجو ايجابي جداً، وورقة التفاهم جاهزة وحاضرة، وهناك جدّية حول ذهاب الرئيس ميقاتي الى سوريا»، لافتاً الى انّ «سوريا قدّمت كل التسهيلات، وصدر عفو رئاسي شامل في شهر 4 حتى لمن حمل سلاحاً، وصدر بيان آخر عن الاسد عن تخفيف خدمة العلم او الغائها».
ورأى انّ «العرقلة في موضوع عودة النازحين السوريين موجودة، والمطلوب «لوبي» من الوزارة ورؤساء الكتل والأمن العام والدول الصديقة والجامعة العربية، للضغط على الدول المانحة».
ديوان المحاسبة
من جهة ثانية، أصدر ديوان المحاسبة قراره الموقت في موضوع مبنيي «تاتش» وقصابيان، بحق وزراء الاتصالات نقولا الصحناوي، بطرس حرب، جمال الجراح، محمد شقير، طلال الحواط وجوني القرم. وقد اشار التقرير الخاص إلى وجود مخالفات وتجاوزات مالية من قِبل الوزراء.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook