آخر الأخبارأخبار محلية

العودة إلى لبننة الاستحقاق الرئاسي مسؤولية الجميع

ما تبيّن حتى الآن من جولة السفير السعودي وليد البخاري على القيادات الروحية والسياسية هو أن الجميع بات مقتنعًا بأن لا مفرّ من “لبننة” الاستحقاق الرئاسي، على رغم أهمية أي مساعدة قد تأتي من الخارج، سواء من الدول الصديقة كفرنسا مثلًا، أو الدول الشقيقة كالمملكة العربية السعودية وقطر ومصر. ففي امكان هذه الدول أن تساعد، ولكنها لا تستطيع أن تحلّ مكان نواب الأمة المدعوين للنزول إلى “ساحة النجمة” اليوم قبل الغد، والمباشرة بممارسة دورهم الانتخابي قبل أي أمر آخر، وقبل أن يصبح هذا الاستحقاق في خبر كان. 

فالمقصود من جولة السفير البخاري تحميل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية القيام بما عليهم القيام به، وعدم انتظار المن والسلوى من الخارج، الذي لا يستطيع أن يحّل مكانهم ولا أن يأخذ دورهم في عملية تخصّهم قبل أن تخصّ غيرهم، أيًّا كان هذا الغير، وأيًّا يكن مستوى اهتمامه بالشأن اللبناني. 

فهذا الخارج مشغول بقضاياه الخاصة، وهي كثيرة. قد يستطيع مساعدة اللبنانيين في دفعهم نحو التوافق على أولوية انقاذ بلدهم من الغرق الوشيك، ولكنه لا يستطيع في أي شكل من الأشكال أن يحلّ مكانهم، ولا أن يمارس الدور المفترض أن يمارسه النواب الـ 128.  

لا شكّ في أن تحرّك البخاري الجديد لا يأتي من عدم، بل يأتي على خلفية الاتفاق الإيراني – السعودي وإمكانية عودة العلاقات السورية – السعودية والانفتاح العربي على سوريا، مع ما يمكن أن تحدث كل هذه التطورات التغيير المطلوب في المنطقة، والذي لا بدّ من أن تكون لكل هذه العوامل بعض الإيجابيات على الواقع اللبناني، الذي يُعتبر الأكثر تأثرّا بما يجري في المنطقة.  

وفي انتظار ما ستسفر عنه مساعي اللقاء الخماسي الجاري التحضير له للبحث في ملف الرئاسة استكمالاً للاجتماعات التي سبق أن عقدت في باريس، فإن التعويل على تفاعل الداخل اللبناني مع مساعي الخارج يبقى الأساس، على أن تُترك تفاصيل ما يتبع التوافق الداخلي إلى مرحلة ما بعد التعافي الاقتصادي. 

  فرهان البعض، ومن ضمنهم “حزب الله”، على عامل الوقت، لم يعد يصبّ في خانة مصلحة أحد، إذ أن ترف هذا الوقت لم تعد ظروفه متاحة اليوم كما كانت في السابق، لأن ما بعد الاتفاق الإيراني – السعودي ليس كما قبله، حتى أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان كان واضحًا حين أوصل إلى جميع المعنيين رسالة لا تحمل سوى معنىً واحد، وهي أن لا الرياض ولا طهران ستسمحان بأن يخربط أي أمر، على رغم أهميته، ما اتفقتا عليه، وما هما عازمتان على متابعته حتى النهاية.  

الفرصة السانحة اليوم أمام اللبنانيين قد تكون ذهبية لإنتاج رئيس صنع في لبنان، مع “كمّ رشّة ملح وبهار” دولية وإقليمية، وذلك من أجل إضافة بعض النكهة على “الطبخة الرئاسية اللبنانية”، خصوصًا بعدما تيقنّ الجميع بمن فيهم قطبا المحورين المتناقضين في التوجهات والممارسات أن لا خروج من “بوز المدفع” إلاّ بتوافق الحدّ الأدنى على رئيس يكون على مسافة واحدة من الجميع، ولا يكون بالضرورة بلا رائحة أو طعم أو لون، كما يحاول البعض ترويجه لغايات في نفسه. 

فالرعاية الدولية والعربية للبنان قد أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله، ولكن هذه الرعاية لا تعني بالضرورة تنصّل اللبنانيين من مسؤوليتهم. فالرئيس المفترض أن يُنتخب بعد التوافق عليه لبنانيًا هو رئيس لبنان وليس رئيس أي بلد آخر.    


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى