آخر الأخبارأخبار محلية

دلائل وإشارات.. هذا ما يريده حزب الله من السّعودية

وسطَ الضبابيّة التي تُسيطر على المشهد السياسي في ظلّ حراكٍ دوليّ ما زالت تأثيراته الإيجابية بطيئة جداً، يبدو لافتاً الترقّب لدى أوساطِ “حزب الله” للموقف السّعودي بشأن رئاسة الجمهورية خصوصاً عندما يتعلق الأمرُ برئيس “تيَّار المرده” سليمان فرنجية الذي يدعمه “الثنائي الشيعي” في معركته الرئاسية.

 
بمعزلٍ عن الإسمِ الذي يريده “حزب الله”، سواء فرنجية أم غيره، فإنّ هدفه الأول في ظلّ المشهدية القائمة هو تحقيقُ تقارب حقيقيّ مع المملكة العربية السعودية. الأمر هذا باتَ مطروحاً في الآونة الأخيرة على طاولة البحث السياسي بشكل جدّي، في وقتٍ يُقال فيه إن هناك وسطاء خارجيين دخلوا على الخط بين الرياض والحزب. هنا، لا يُمكن إستبعادُ إنخراط شخصيات من خارج لبنان على خطّ الحوار بين الحزب والسعودية، إلا أن هذا الأمر ليس محسوماً من الطرفين، فلا المملكة أقرّت به ولا حتى الحزب.  
 
في الأساس، فإنّ الحوار بين الجهتين – في حال حصوله – قد لا يكونُ مباشراً، علماً أن إمكانية حصول لقاءات بين الحزب وممثلي المملكة في لبنان أمرٌ غير مستبعد، فمثلما تلاقت إيران والسعودية بعد صراعٍ طويل، من الممكن أن يلتقي الحزب مع المملكة. لكن ما لا يمكن إغفالهُ هنا هو أنّ السعودية كدولة، لا تتفاوض أو تتحاور مع فصيلٍ على شاكلة انفتاحٍ رسميّ، وفي حالة “حزب الله” قد يكون التواصل إمّا عبر إطرافٍ داخلية لبنانية أو من خلال زياراتٍ ولقاءات على صعيد دبلوماسي – سياسي.  
 
مع كل هذا، فإن ما لا يُمكن نكرانه هو أنه للمرة الأولى ينتظرُ الحزب أجوبة الرياض في الملف الرئاسي بـ”جدّية واهتمام من أجل الأخذ بها”، ويُشاطره في ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكد مراراً على أهمية موقف السعودية ضمن الإستحقاق القائم. لكن وإلى جانب ذلك، فإن برّي قد يكون بتصريحاته عن إنتظار موقف الرياض هدفٌ آخر، وهو معرفة ما إذا كانت الأخيرة تريدُ حقاً حصول تقارب مع “حزب الله” سياسياً ورئاسياً. وعملياً، فإن هذه الأجوبة سيتلقاها بري والحزب على حدّ سواء من السفير السعودي وليد البخاري الذي عاد قبل أيامٍ قليلة إلى بيروت، ومن الممكن أن يكون الأخذ بما سينقله الأخير إلى “الثنائي” بمثابة خطوة عملية على صعيد العلاقة معهما، لاسيما بعد الإتفاق الإيراني – السعودي قبل نحو شهرين.  
 
ماذا يريدُ “حزب الله”؟  
 في الواقع، فإن ما يريده “حزب الله” اليوم وبشكل غير مباشر هو وجود السعودية بثقلها الكبير داخل لبنان أكثر من أيّ وقتٍ مضى. حقاً، يؤيد الحزبُ ذلك لأسباب كثيرة أولها إن الرئيس العتيد يجب أن يحظى برضى المملكة من أجل دعمهِ سياسياً، وتكريس آفاق إنفتاحه على المحيط العربي بعد الأزمة التي مرّ بها لبنان قبل أعوام. أما السبب الثاني فيرتبطُ بالشق المالي والمساعدات، فلو كان رئيسُ الدولة “مُنعزلاً” عن الحضن العربي، عندها فإن لبنان سيبقى بمعزلٍ عن أي مساعدات مالية من دول الخليج.
 
أمام ذلك، يُمكن القول أنه من مصلحة “حزب الله” تعزيز السعودية لنفوذها في لبنان، علماً أن ذلك قد يكون حالياً تحت سقف الإتفاق الإيراني – السعودي. إلا أن الأهم من كل ذلك هو أن يتمكن “حزب الله” من إنتزاع الموافقة السعودية المضمونة على مرشحه سليمان فرنجية. وفي حال حصل ذلك، عندها سيكون الحزب قد نال ما يريده بأمرين: الأول وهو الإتيان بفرنجية رئيساً بمباركة سعودية، فيما الثاني يتعلق بتحصين رئيس “المرده” برضى خليجيّ وعربي سيفتح الباب أمام ازدهارٍ سياسي واقتصادي.
 
المُفارقة وسط كل ذلك هي أنَّ السعودية وفي سياق إتفاقها مع إيران، لم تتحدّث علانية عن إمكانية “كسرِ “حزب الله في لبنان. هذا الأمرُ بحد ذاته عزّز من مكانة الحزب داخلياً، وجعلَه يُراعي المملكة أكثر طالما وجد أن وتيرة استهدافه قد تراجعت مقارنة مع السنوات الماضية.  أما على صعيد خصوم الداخل، فإنّ الحزب يتعامل معهم وفق القاعدة التي تقول بأن التعاطي معهم ينتهي بعد صدور إشارات من الخارج إليهم بـ”الإندماج ضمن تسوية” لا يمكن معارضتها مهما كانت.  
 
إذاً، في خلاصة الكلام، فإنَّ ما يتضحُ هو أنّ الحزب يراهن كثيراً على تقاربٍ مع السعودية، فالأمرُ قائمٌ بشدة وواردٌ إلى حدّ بعيد، إلا أن ظروفه قد لا تكون بإطار اتفاق. حتماً، العلاقة لن تخسر “الندّية” التي تخللتها، لكنها في الوقت نفسه ستكون “تنسيقية” و قائمة على “هُدنة” و “عدم إحتكاك”.. فهل سنكون أمام “ربط نزاعٍ جديد” في لبنان؟


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى