آخر الأخبارأخبار دولية

“ماكرون لا يستمع إلا لنفسه”… فرنسيون يؤكدون رفضهم لقانون التقاعد بمظاهرات عيد العمال

نشرت في: 01/05/2023 – 20:57

طاهر هاني موفد فرانس24 إلى مظاهرة باريس – شارك مئات الآلاف في فرنسا الإثنين في عيد العمال بمظاهرات احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد الذي أقر في شهر أبريل/ نيسان الماضي. وانطلقت مظاهرة باريس من ساحة “الجمهورية” إلى ساحة “الأمة” بالدائرة العشرين، ورفع المشاركون شعارات ضد الرئيس إيمانويل ماكرون. فيما تخلل المظاهرة أعمال عنف ووقعت صدامات بين متظاهرين وعناصر الشرطة الذين أطلقوا الغاز المسيل للدموع وقاموا بتفريقهم بخراطيم المياه في ساحة تحولت إلى ميدان مواجهات. ريبورتاج.

توافد مئات الآلاف من الفرنسيين الإثنين إلى ساحة “الجمهورية” بباريس مكان انطلاق المظاهرة الاحتجاجية ضد قانون رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما والذي تمت المصادقة عليه في أبريل/نيسان الماضي بالمادة الدستورية 49.3.

وتزامنت المظاهرة الثالثة عشرة مع احتفال العمال الفرنسيين والعالم بعيد العمال في أجواء “حماسية” وفق بيلي وهي مواطنة بريطانية جاءت من مدينة ليفربول لكي “أدعم أصدقائي الفرنسيين في نضالهم العادل ضد قانون التقاعد الجديد”.

التقينا بها برفقة صديقة لها في شارع “فولتير” القريب من ساحة “الجمهورية” وقالت لفرانس24: “أنا سعيدة جدا بتواجدي هنا وبمشاركتي في مشروع مسرحي هو عبارة عن إنجاز دمية متحركة تظهر امرأة مسنة ومريضة لا تتحرك كثيرا، لكن رغم ذلك، فهي مضطرة أن تعمل سنتين إضافيتين بسبب قانون التقاعد الجديد”.

وأضافت: “أردنا عبر هذه الدمية تسليط الضوء على مئات الآلاف من المسنات اللواتي يعملن في مجالات عدة كمراكز التسوق والمدارس والمستشفيات والحضانات وأماكن أخرى بالرغم من تدهور صحتهن وعدم تقاضهن أجورا لائقة”.

وأضافت صديقتها التي تدعى مارينا “قانون التقاعد الجديد سيعمق أكثر الفوارق الاجتماعية بين النساء والرجال. فهذه الدمية (الصورة أدناه) تمثل امرأة مسنة تعيسة ربما ستموت قبل أن تذهب إلى التقاعد”.

مارينا (25 عاما) فنانة مسرح أنجزت دمية متحركة تمثل امرأة مسنة ومريضة لكن رغم ذلك عليها أن تعمل سنتين إضافيتين بسبب قانون التقاعد الجديد. 1 مايو/أيار 2023. © طاهر هاني/ فرانس24

 

وواصلت: “بأي قلب وقّع ماكرون على قانون التقاعد الجديد علما أن 75 بالمئة من الفرنسيين كانوا ضد هذا القانون. عمري لا يتجاوز 25 سنة ورغم ذلك أدرك أن القانون الجديد سيؤثر سلبا على حياتي في المستقبل. أشعر بأن الوضع يتدهور سنة بعد سنة. إلى أين نحن ذاهبون؟”.

وتابعت مارينا: “أشارك في المظاهرة لأرفع صوتي نيابة عن جميع العمال الذي يشتغلون اليوم بالرغم من أنه عيدهم الوطني ومنددة بظلم الحكومة الفرنسية”، وأضافت: “الوضع الاقتصادي يتدهور بسرعة ونحن الشباب من سيدفع فاتورة الاحتباس الحراري. كنت أحلم في إنجاب طفلين لكن اليوم أصبحت أخشى أن لا أجد حتى مياه لأقدمها لهم. هم (أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين) يعيشون في قصورهم ولا يبالون بحياتنا”.

أما فاليري التي تملك مطعما في الضاحية الباريسية، فقالت بأنها تشارك في المظاهرة “لتظهر للرئيس ماكرون استياءها العميق من القانون الذي وقعه”.

جانب من المتظاهرين الذين تجمعوا قرب ساحة "الجمهورية" قبل انطلاق المظاهرة ضد نظام التقاعد. 1 مايو/أيار 2023.

جانب من المتظاهرين الذين تجمعوا قرب ساحة “الجمهورية” قبل انطلاق المظاهرة ضد نظام التقاعد. 1 مايو/أيار 2023. © طاهر هاني/ فرانس24

 

وقالت لفرانس24: “جئت إلى ساحة الجمهورية لأعبر عن تضامني مع كل الذين وقعوا ضحية قانون التقاعد الجديد. شخصيا لا أفكر في التقاعد لأنني أعمل لحسابي الخاص ويتوجب علي العمل حتى الموت. غالبية الشعب الفرنسي ضد قانون التقاعد الجديد لكن ماكرون استمع فقط لنصائح الأغنياء وملاك المصانع والمؤسسات الأوروبية وليس للشعب. لدي ثلاثة أولاد وأخشى كثيرا على مستقبلهم في ظل نقص الوظائف والتدهور البيئي”.

من جهته، قرر غيوم الاحتفال بذهابه إلى التقاعد من خلال المشاركة في المظاهرة الاحتجاجية ضد نظام التقاعد. وقال: “ذهابي إلى التقاعد لا يعني بأن المعركة انتهت بالنسبة لي. بل بالعكس هي بداية جديدة. فهناك مشاكل أخرى تعنيني أيضا، كارتفاع أسعار المواد الغذائية والضرائب فضلا عن العنف الذي أظهرته قوات الأمن طيلة المظاهرات التي نظمت منذ بداية العام”.

عمل غيوم كمستشار مصرفي في باريس. وهو يشعر بأنه مقرب فكريا من الرئيس الراحل جاك شيراك الذي “كان لديه الجرأة والمسؤولية السياسية الكافيتين لسحب قانون “توظيف الشباب” الذي أراد رئيس الحكومة السابق دومنيك دو فيلبان تمريره في 2006″.

أما ماكرون “فلا يستمع لأحد إلا لنفسه. لكنه في نفس الوقت أدرك أن قانون التقاعد الجديد أحدث زلزالا كبيرا في فرنسا وأيقظ الفرنسيين من سباتهم العميق. والدليل أن النقابات استرجعت مصداقيتها وأصبح الفرنسيون ينخرطون فيها بأعداد كبيرة لمواجهة السياسيين الذين يعيشون في عالم آخر”.

ساحة "الجمهورية" بباريس في انتظار بدء المسيرة الاحتجاجية ضد قانون التقاعد الجديد. 1 مايو/ أيار 2023.

ساحة “الجمهورية” بباريس في انتظار بدء المسيرة الاحتجاجية ضد قانون التقاعد الجديد. 1 مايو/ أيار 2023. © طاهر هاني/ فرانس24

وواصل هذا المصرفي السابق الذي يعيش في الضاحية الباريسية “من الجيد جدا أن يتحدث الوزراء والرئيس ماكرون عن مستقبل بلادنا وعن أولادنا. لكن نحن نريد حلولا واقعية للوضع الحالي. ليس للمستقبل، حلولا لهؤلاء الذين لا يجدون عملا ولا شقة ولا مالا. أنظروا إلى أين آل الوضع في فرنسا. لا نملك جيشا ولا قوة اقتصادية ولا سياسية. أصبحنا بلدا صغيرا بدون وزن بين البلدان. وليس قانون التقاعد الجديد الذي سيمنحنا القوة على مستوى العالم”.

أما أنوك، فقد جاءت من مدينة لييج البلجيكية للمشاركة للمرة الأولى في المظاهرة الاحتجاجية بباريس لأنها “مهمة ومصيرية للعديد من الشعوب الأوروبية” وفق تعبيرها.

وقالت لفرانس24: “في بلجيكا، تقرر رفع سن التقاعد إلى 67 عاما مع حلول 2030. هذا أمر مؤسف للغاية لأنه تم تمرير القانون بدون مشكلة. فلم نتظاهر ضده ولم نعبر عن غضبنا في الشارع كما يفعل اليوم الفرنسيون. أتمنى أن يستيقظ البلجيكيون وينظموا مظاهرات مماثلة للمطالبة بتقليص سنوات العمل لأن لا أحد يريد أن يعمل حتى الموت”.

أنوك جاءت من مدينة "لييج" البلجيكية للمشاركة في المظاهرة بباريس ضد قانون التقاعد. 1 مايو/أيار 2023.

أنوك جاءت من مدينة “لييج” البلجيكية للمشاركة في المظاهرة بباريس ضد قانون التقاعد. 1 مايو/أيار 2023. © طاهر هاني/ فرانس24

وواصلت: “تابعت كل المظاهرات التي نظمت في فرنسا منذ بداية 2023. الفرنسيون أظهروا شجاعة كبيرة رغم العنف الذي مارسته الشرطة ضدهم. وهذا أمر غير مقبول تماما لأن الغالبية ضد قانون التقاعد”.

أما صديقتها فيليكس، فتعتقد “أن سكان بلجيكا لا يدافعون كثيرا عن حقوقهم بل يتركون حكومتهم تصادق على قوانين لا تخدم مصالحهم وتقرر في مكانهم. لكن عندما سيستيقظون للأسف سوف يدركون بأن الأوان قد فات”.

طاهر هاني


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى