آخر الأخبارأخبار محلية

عبد اللهيان في بيروت… نحن هنا!

كان وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان يعرف قبل أن يزور بيروت، وقبل أن تدعو سفارة بلاده نوابًا لبنانيين، ومن بينهم نواب حزب “الكتائب اللبنانية” وبعض النواب المستقّلين والمعروفة مواقفهم من سياسة طهران في المنطقة عمومًا، وفي لبنان خصوصًا، أن لدى اللبنانيين “شهية” مفتوحة على التحليل والتنظير في أمور كثيرة غالبًا ما يجهلون ظروفها وخلفياتها، أو لم حتى يطلعوا عليها. 

فخبرة هذا الوزير مع الطبقة السياسية اللبنانية واسعة، وحتى قبل أن يكون وزيرًا لخارجية بلاده. له في بيروت علاقات على المستوى الشخصي مع عدد من المسؤولين السياسيين، ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي وُجهت الدعوة إلى نواب تكتله، كما إلى جميع النواب، ومن بينهم أيضًا النائب ميشال معوض، مع ما لهذه الدعوة الحصرية من معانٍ لا يمكن تفسيرها إلاّ من خلال الوقوف عند ظاهرة استثناء نواب “القوات اللبنانية” من هذه الدعوة. وهذا ما اعتبرته مصادر مقربة من “معراب” “وسامًا لا يُعلّق إلاّ على صدور الشرفاء”.

هذا الوزير يعرف ربما أكثر من غيره أن لدى بعض اللبنانيين، ومن بينهم عدد غير قليل من الصحافيين، قدرة على “اكتشاف” ما يمكن أن يدور من أحاديث بين شخصيتين في جلسة مغلقة، ويمكن أن يبنوا على هذا اللقاء أكثر من سيناريو حتى قبل أن ينفضّ الاجتماع. 
وعلى رغم معرفته المسبقة بأن المحور المناهض لسياسة طهران في بيروت، من خلال “حزب الله”، سيستغّل سياسيًا قضية دعوة سفارة بلاده نوابًا لبنانيين على غرار ما كان يحصل في كل مرّة كانت إحدى السفارات الغربية تقوم بمبادرات شبيهة، فإن ما قاله عبد اللهيان في هذا اللقاء لم يخرج عن الخطّ المتعارف عليه ديبلوماسيًا، بحيث جدّد التأكيد أن مناخات الانفراجات الإقليمية تمنح اللبنانيين فرصاً أفضل لتخفيف التوترات، مؤكداً أن إيران تؤيد أي اتفاق بين اللبنانيين حول الخيارات الرئاسية. ونقل عنه أن “الحل الرئاسي يجب أن يكون لبنانيًا اولًا، وأن طهران تقف خلف أي قرار يتخذه لبنان بخصوص أي رئيس جمهورية، ومع أي أمر يتوافق عليه اللبنانيون”. 

فزيارة مسؤول الديبلوماسية الإيرانية لبيروت اليوم تختلف، شكلًا ومضمونًا، عن أي زيارة سابقة. جاء إلى هذه العاصمة العربية، التي هي واحدة من بين أربع عواصم قال عنها العضو في البرلمان الإيراني رضا زاكاني إنها تخضع لسيطرة طهران، من دون أن يحمل مبادرة بالمعنى المتعارف عليه. فهو جاء إلى عاصمة هذا البلد، الذي يعيش حالة استثنائية غير مسبوقة من حيث خلّو سدّة رئاسة البلاد، مع ما تعيشه من أزمات متوالدة ومتلاحقة ومتراكمة، ليقول شيئًا واحدًا لا غير: “نحن هنا”، وإن ما بعد اتفاق بكين لن يكون كما قبله، وإن الساحة اللبنانية اولوية ايرانية بامتياز.  

فالزيارة، في رأي مصادر قريبة من حارة حريك، كرّست صفحة جديدة أطلت من خلالها إيران على اللبنانيين، من خلال الإيحاء بأنها تتعامل معهم على قدم المساواة، خصوصًا أنها حاولت التلميح إلى أنّ ليس لديها مرشح رئاسي أو أنّها في وارد الضغط على حلفائها للسير بمرشح خارج الإجماع اللبناني.  
إلاّ أن هذه “الحيادية” الظاهرية لا تعني بالضرورة أن طهران لا تجاري “الثنائي الشيعي” في خياراته الرئاسية، وإن لم تعلن ذلك صراحة، بل بالعكس، فهي ستحاول إقناع المملكة العربية السعودية بخيار سليمان فرنجية كمشروع رئاسي ممكن، وذلك بالتوازي مع المساعي التي تبذلها فرنسا في هذا الاتجاه… فهل تنجح؟ 
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى