آخر الأخبارأخبار محلية

بعيدًا عن الشعبوية والعنصرية.. موقف لبناني موحّد من ملف النزوح؟!

إلى الواجهة، ومن دون مقدّمات، عاد ملف النزوح السوري إلى صدارة الأحداث في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، متقدّمًا على الاستحقاقات “الداهمة”، من انتخابات الرئاسة “المجمّدة” حتى إشعار آخر، إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، في ظلّ ترقّب لـ”سعر صرف” ما بعد الأعياد، والمتغيّرات التي قد تطرأ عليه، حتى خُيّل لكثيرين أنّ كلّ هذه المشاكل ليست سوى “تفصيل” بالمقارنة مع “معضلة النزوح السوري”.

Advertisement

 
لعلّ التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية، على خلفية ترحيل عدد من اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية، أعاد الجدل إلى ذروته، حيث أعربت عن “قلقها” من هذه الخطوة على اعتبار أنّ “هؤلاء الأفراد مُعرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم”، مشدّدة على أنّه “لا تجوز إعادة أي لاجئ إلى مكان تتعرض فيه حياته للخطر”، وفق توصيفها.
 
وبالتوازي مع هذا التقرير، سُجّل “استنفار” على خطّ القوى السياسية، دخلت على خطّه مرّة أخرى المفردات “الشعبوية” و”العنصرية”، التي لطالما أحاطت بهذا الملفّ، فيما لم تتأخّر الحكومة في المتابعة “الموضوعية” عبر اجتماعين خصّصتهما لبحث الملف، لكن، هل من موقف لبناني “موحّد” في مقاربة هذه المعضلة؟ وهل يمكن “الموازنة” بين المعايير “الإنسانية” البديهية، وقدرات البلاد التي يُقال إنّها تجاوزت “طاقتها”؟!
 
موقف “موحّد”
 
في تصريحاته بعد الاجتماع الذي ترأسه الرئيس نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، قال وزير الشؤون الاجتماعي هكتور حجار إنّ المجتمعين “كانوا على رأي واحد”، مضيفًا أنّ لبنان بالنسبة لهذا الموضوع موحّد، موحّد، موحّد”، ما أثار التباسات حول ما إذا كانت القوى السياسية، المختلفة حتى العظم في قراءتها للحدث السوري قبل غيره، باتت “موحّدة” في طريقة المعالجة التي تخدم مصلحة لبنان العليا.
 
يقول العارفون إنّ هذا “الاستنتاج” قد تؤشر إليه مواقف القوى والأحزاب السياسية التي برزت في اليومين الماضيين، والتي تتفق بمجملها على أنّ ملف النزوح السوري “شائك”، وعلى أنّ المطلوب معالجة “مسؤولة وجدية”، علمًا أنّ الأفرقاء “مجمعون” على وجوب “تنظيم” النزوح بالحدّ الأدنى، ما يعني أنّ من يدخلون لبنان بصورة غير شرعية، ومن لا يحصلون على الوثائق الرسمية والقانونية، لا يمكن أن ينطبق عليهم وصف “النازح”.
 
ورغم “التفاوت” في مقاربة الأفرقاء لمسألة التنسيق المباشر مع الحكومة السورية، فضلاً عن الاختلاف “الفاقع” في الموقف من الأحداث في سوريا، حتى بعد تسارع عجلة “التطبيع مع النظام”، إن جاز التعبير، يتّفق الجميع أيضًا على أنّ لبنان “يُحمَّل في هذا الملف أكثر ممّا يحتمل”، وعلى أنّ المطلوب من الدول الغربية التي تصرّ على إبقاء النازحين، تحمّل مسؤولياتها “الأخلاقية” في هذا الإطار، لناحية المشاركة في تحمّل الأعباء.
 
اختلافات “لا تفسد في الودّ قضية”
 
تحت هذا العنوان “المبدئي” الموحّد، ثمّة بعض الاختلافات في المقاربة التي يجدر التوقف عندها، وإن كان الانطباع السائد أنّها “لا تفسد في الودّ قضية”، منها على سبيل المثال مسألة “العنصرية” التي لا يمكن نكرانها في تعاطي البعض مع النازحين، سواء لجهة “التندّر” على المساعدات التي يتلقونها، أو لجهة تحميلهم، بمفردهم، مسؤولية الأزمات المتراكمة، رغم أنّ الكثيرين منهم دفعوا مثل اللبنانيين، جزءًا كبيرًا من “الفاتورة”.
 
وتحضر مسألة “حقوق الإنسان” ضمن الاختلافات أيضًا، فإذا كان الجميع مع “العودة الآمنة”، ثمّة اختلاف في تعريف كلمة “آمنة” في هذا الإطار، بغياب أيّ “ضمانات” تسمح بالاعتقاد بأنّ النازحين سيكون بمنأى عن “التعذيب أو الاضطهاد”، علمًا أنّ بعض القوى السياسية تدعو في هذا السياق إلى “الفصل” بين النازحين ونشطاء المعارضة، الذين يبقون “أقلية”، ويمكن إبقاؤهم إلى حين، كما ألمح رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل مثلاً.
 
ومن الاختلافات التي يجدر الوقوف عندها، مسألة “التنسيق مع الحكومة السورية”، الذي لطالما دعت إليه بعض الأطراف، كـ”حزب الله” و”حركة أمل”، وهي تعتبر اليوم أنّه “المَدخَل الإلزامي” لمعالجة المعضلة، فيما رفعت قوى أخرى “الفيتو” في وجهه، إلا أنّ الموقف منه قد يبدو أكثر “مرونة” اليوم، في ظلّ الانفتاح العربي على دمشق، علمًا أنّ أوساط “القوات اللبنانية” مثلاً تشير إلى أنّها تحضّر لمؤتمر، ستعرض من خلاله رؤيتها للحلّ.
 
قد تكون “قرارات” الاجتماع الوزاري الذي عقد في السراي تأكيدًا للمؤكد، فهي أكّدت على قرارات سابقة لجهة التشدد في ملاحقة المخالفين، واستكمال العودة الطوعية والآمنة، وطلب المساعدة الأجنبية. لكنّ الأكيد أنّ هذه الاجتماعات وحدها غير كافية، إذا لم تقترن بموقف “موحّد” قلبًا وقالبًا، يضع مصلحة لبنان في الدرجة الأولى، من دون أن يقع في “فخّ” العنصرية والشعبوية، وما أكثر تجلياتها هذه الأيام!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button