آخر الأخبارأخبار محلية

مُعطيات من وزارة التربية.. هل إجراء الإمتحانات الرسمية مُمكن؟

رغم الشكوك الكثيرة التي أثيرت حول إمكانية إنجازها وسط الصعوبات اللوجستيّة والماليّة، حسمت وزارة التربية والتعليم العالي قرارها بإنجاز الإمتحانات الرسمية، فحدّد الوزير عباس الحلبي قبل يومين المواعيد الخاصة بهذا الإستحقاق التربوي المُنتظر ضمن “مناهج مقلّصة” ومواد دراسية مُحدّدة. 


إثر ذلك الإعلان، تعالت أصواتٌ كثيرة معارضة لقرار الوزارة، على قاعدة أنّ هناك أزمة تربوية كبرى، فالمدارس الرسميّة شهدت إضراباتٍ طويلة، ولم يتلق الطلاب كافة المناهج المطلوبة منهم، في حين أنّ هناك صعوبات مالية يعاني منها الأساتذة وسط تقلّص قيمة رواتبهم بسبب تدهور الليرة اللبنانية أمام الدولار. 

أمام هذه المشهدية المليئة بالأزمات، طُرحت علامات إستفهام حولَ قرار الوزارة بإجراء الإمتحانات، فماذا في خلفياته.. لماذا هذا الإصرار عليها؟ وهل من قدرة لإنجازها في ظلّ الواقع الحالي؟ 

بالنسبة للكثير من الأساتذة، تعتبرُ خطوة إنجاز الإمتحانات الرسمية “غير مقبولة” ومُستغربة، فالمدارس الرسمية ما زالت تُعاني من غياب قسمٍ كبيرٍ من الأساتذة الذين لم يلتزموا قرار العودة إلى صروحهم التعليمية، ما يعني أنّ تلامذة المدارس الرسمية سيرزحون تحت وطأةِ عدم تلقيهم ما هو مطلوب للإمتحانات، بينما طلاب المدارس الخاصة أكملوا مناهجهم ولم يواجهوا صعوباتٍ كتلك التي واجهها طلابُ المؤسسات التعليمية الرسمية. 

قبل الدخول بالأزمات المتلاحقة، أي منذ العام 2019، كانت المناهج والدروس تُحدّد قبل شهرين من انطلاقة العام الدراسيّ، وكان التلميذ الرسميّ كالخاص يتلقى نفس كمية الدروس، والحصص المحدّدة للمادة مثله مثل طالب المدرسة الرسمية، سواءً في الشهادة الثانوية (التيرمينال) أو في الشهادة المتوسطة (البروفيه). إلاّ أن السنة الدراسة الحالية شهدت على أشدّ الأزمات التربوية، وهو أمرٌ يتحدث عنه عددٌ وافر من الأساتذة بـ”حرُقة”، إذ أن ما وصلنا إليه ليس معقولاً أبداً، والخوف كبيرٌ من تدمير التعليم الرسمي والخاص على حد سواء. 

تروي مديرة إحدى الثانويات الرسمية لـ“لبنان24” معاناتها مع صفوف الشهادات، وتقول إنّه “حتى تاريخه لم يأتِ إلى ثانويتها سوى عدد محدّد من الأساتذة الذين يعطون الطلاب مواد محدّدة، أما باقي المواد فإلى حدّ الآن لم تستأنف عملية تلقينها، ما يعني استحالة استكمالها خلال الشهرين المتبقيين، خصوصاً أنّ ما يفوق الـ30%من هؤلاء الأساتذة باتوا خارج لبنان”، وسألت: “هل يعي أصحاب القرار هذه المهزلة الحاصلة؟”.

وتضيف: “كيف يمكن لوزارة التّربية أن تطرحَ المناهج المقلّصة بوقتٍ أنهت المدارس الخاصة برامجها، بينما أكثر من 55% من المدارس والثانويات الرسمية لم تعمل أكثر من 45 يوماً طيلة العام الدراسي الحالي؟”.

لسان حال هذه المديرة هو لسان حال المئات من المدارس والثانويات، والآلاف من الطلاب الذين لجأوا إلى حلول بديلة، إذ عمد هؤلاء إلى التسجيل بمعاهد خاصة، حيث باتوا يدرسون المناهج بشكلٍ مسبّق، أي قبل أن يتلقوا الدروس حتى في مدارسهم، وهذا ما يعكس خوف الأهل على مستقبل أولادهم، وانعدام الثقة بالمدارس والثانويات الرسمية. 

ماذا تقولُ وزارة التربية؟ 

على صعيد وزارة التربية، جاء الردّ بشكل واضحٍ على الشكوك التي أثيرت بشأن إمكانية إجراء الإمتحانات. فبالنسبة للوزارة، إجراء الإستحقاق التربوي الأساسي هو أمرٌ ثابت ولا يمكن التغاضي عنه بتاتاً، وهناك مصلحة تربوية عليا لإجرائه. 

تقولُ رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية في وزارة التربية أمل شعبان لـ”لبنان24″ إنّ “الإمتحانات الرسمية هي إستحقاقٌ وطني تسعى الوزارة لإتمامه بشكلٍ عادل بين مختلف شرائح الطلاب، سواء في التعليم الرسمي أو الخاص”، وأضافت: “إننا في الوزارة نعمل جاهدين لأن تحافظ الشهادة الرسمية على قيمتها ومستواها رغم الصعوبات الكثيرة، ولهذا كان القرارُ حاسماً بإجراء الإمتحانات هذا العام ضمن أسس أكثر من عادلة لأننا نعي تماماً الظروف التي مرّ بها الطلاب والأساتذة”.

ولفتت شعبان إلى أنَّ وزارة التربية حدّدت مواعيد ومواد الإمتحانات الرسمية على إختلاف فروعها، إستناداً لدراسة أجرتها الوزارة والمركز التربوي للبحوث والإنماء لمعرفة الدروس المُنجزة في كل المدارس خلال العام الدراسي الحالي”، وتابعت: “هناك بياناتٌ ومعلومات وإحصاءات تمّ إجراؤها لتحديد المناهج التي تلقاها الطلاب خلال الأشهر الماضية، كما أن هناك بياناتٍ لدينا ترتبطُ بما يمكن أن يدرسه الطلاب خلال الفترة المتبقية قبل الإمتحانات. وعلى هذا الأساس، حدّد وزير التربية المواعيد، والأمور تسيرُ بشكلٍ واضح ووسط جهدٍ كبير الهدف منه هو الحفاظ على التعليم والشهادة ومستوى الطلاب”.

كذلك، فقد أكدت شعبان أنّ وزارة التربية بدأت التحضيرات لإجراء المناقصات الخاصة بالإمتحانات الرسمية، موضحةً أنَّ العمل على تحضير التجهيزات المطلوبة قائم ومستمر، كاشفة أن الوزير الحلبي يعملُ مع الجهات المانحة لتأمين تمويل للإمتحانات إلى جانب المبلغ الذي ترصده الدولة لها، وأكملت: “إلى جانب كل ذلك، فإن الوزارة تعمل أيضاً على تأمين حوافز للمعلمين والمراقبين والمصححين الذين سيشاركون في الإمتحانات سواء من التعليم الخاص أو الرسمي، وهناك سعيٌ لزيادة تلك الحوافز بالدولار الأميركي وتحسينها علماً أن قيمتها بلغت أكثر من 2 مليون دولار العام الماضي”.

وأردفت: “كلنا نعي المشكلة التي يعيشها القطاع التربوي، وحينما نتحدث عن إفادات للطلاب فإننا نكون قد عمّقنا المشكلة أكثر. قبل نحو 10 سنوات، حصل طلابُ الشهادات على إفادات بسبب عدم تصحيح الإمتحانات، لكن المفارقة هي أنهم في ذلك الحين أكملوا عامهم الدراسي بشكل كامل وتلقوا مناهجهم الكاملة. أما الآن، فعلى أي أساس ستُعطى الإفادات؟ الطلاب لم يكملوا مناهجهم والحضور كان ضعيفاً بسبب الأزمات.. هنا تكمن المشكلة، ولهذا جاء القرارُ بإجراء الإمتحانات كونها ستوفر الحل العادل للطلاب وفق الآلية الموضوعة وهذا الأمر يدركه الكثير من الأساتذة سواء في التعليمين الخاص والرسمي”.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى