آخر الأخبارأخبار دولية

أبرز المحطات السياسية من عهد البشير إلى النزاع العسكري بين البرهان وحميدتي

نشرت في: 16/04/2023 – 17:17

 بعد حكم الرئيس السابق البشير السودان مدة استمرت ثلاثين عاما (1989 – 2019)، تعمقت الأزمة في بلاد النيلين بعد سقوطه، ودخلت في نفق سياسي ومؤسساتي مظلم  لم تخرج منه بعد، رغم وعود الجيش الذي يحكم البلاد منذ 2019 بالعودة إلى الشرعية الديمقراطية. ولفهم أبعاد الأزمة التي تشهدها السودان حاليا، تعرض لكم فرانس24 أبرز المراحل السياسية التي مرت بها البلاد بعد سقوط البشير.

بعد انقلاب 19 أبريل/نيسان 2019 الأول الذي أطاح بنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم السودان بقبضة من حديد طيلة ثلاثين عاما، علق السودانيون أملهم في عهد جديد تميزه الديمقراطية والانتقال السلس للسلطة.

فخرجوا بالآلاف إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم وعن إيمانهم بمستقبل سياسي واقتصادي زاهر في بلد عانى من ويلات الحرب والنزاعات المسلحة الداخلية والأزمات الإنسانية. 

ورغم أن الجيش هو الذي سيطر على مقاليد السلطة مباشرة بعد الانقلاب، إلا أن غالبية المواطنين كانوا متأكدين آنذك أن مرحلة انتقالية، حتى وإن كانت تحت حكم العسكر، ضرورية ليستتب الأمن والاستقرار قبل الانطلاق في بناء مؤسسات سياسية واقتصادية جديدة.

فتجمعوا كلهم وراء قوى الحرية والتغيير التي أطلقت محادثات مع ممثلي الجيش، وعلى رأسهم الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي زعيم قوات الدعم السريع لتحديد مدة لفترة انتقالية يليها بعد ذلك تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة تضع السودان على سكة الشرعية السياسية والازدهار الاقتصادي. لكن حلم السودانيين وجهود ممثلي قوى الحرية والتغيير لم تتحقق إذ عاد بلد النيل الأزرق والأبيض عدة مرات إلى نقطة الصفر بسبب تشبث الجيش بالسلطة وفرض شروطه الخاصة بخصوص المرحلة الانتقالية.

فبعدما حدد زمن هذه المرحلة بستة أشهر، قام العسكر بتمديدها عدة مرات أخرى ليبتعد رويدا رويدا حلم بناء سودان جديد يضم جميع مكوناته السياسية والعرقية والدينية. ولفهم مسار الأزمة السياسية العميقة التي يعيشها السودان منذ 2019، تستحضر فرانس24 أبرز المراحل والأحداث التي عاشها هذا البلد منذ أربع سنوات وحتى اندلاع اشتباكات عنيفة السبت بين الجيش وقوات الدعم السريع.

 


04:26

في العام 1989: وصل عمر البشير إلى السلطة عبر انقلاب عسكري على حكومة الأحزاب الديمقراطية السودانية التي كان يقودها الصادق المهدي وبدعم الجبهة القومية الإسلامية التي كان يحكمها حسن الترابي. احتل البشير منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو/حزيران من نفس السنة. نظم عدة انتخابات رئاسية وفاز بها كلها بدعم من حزب المؤتمر الوطني الذي كان يسانده. واجه البشير انقلابات عسكرية عديدة أبرزها “انقلاب 1990” بقيادة عسكريين على غرار الفريق خالد الزين نمر واللواء الركن عثمان إدريس…لكن الانقلاب فشل كليا وتم توقيف المدبرين له وأعدم البشير 28 ضابطا. حكم البشير السودان بالحديد والنار فيما انتشرت الرشوة والفساد والنزاعات المسلحة الداخلية أبرزها دارفور. كما انقسم السودان إلى بلدين (السودان وجنوب السودان) في زمن البشير.

19 أبريل/نيسان 2019: بدأت مظاهرات شعبية كبيرة مع بداية الشهر تنديدا بتدهور الوضع الاجتماعي وبغلاء المعيشة، اغتنم عسكريون على غرار عبد الفتاح البرهان الوضع للقيام بانقلاب عسكري غير دام ضد البشير وحاشيته. فيما تم توقيف الرئيس السابق وسجن في الخرطوم. جرت بعدها وقفات واعتصامات لعدة أيام متتالية أمام مقر القيادة العسكرية حيث كانت تدور محادثات بين ممثلي قوى الحرية والتغيير ومسؤولين كبار في الجيش بهدف رسم خريطة تضمن العودة إلى الشرعية السياسية عبر انتخابات نزيهة وشاملة تعاد بموجبها السلطة للمدنيين.

صورة ملتقطة عن الشاشة.


02:43

صورة ملتقطة عن الشاشة. © فرانس24.

 20 آب/أغسطس 2019: مجلس السيادة السوداني يعين عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء وفقًا لما يقتضيه مشروع الإعلان الدستوري. استقبل السودانيون هذه التسمية بأمل لأن حمدوك يتمتع بسمعة طيبة وبكفاءات معتبرة اكتسبها عندما عمل في العديد من المؤسسات الاقتصادية والتنموية التابعة للأمم المتحدة بأفريقيا. كما أنه يعتبر من بين المسؤولين النزهاء الذين لم يتورطوا في قضايا فساد بالسودان. لقي ترحيبا كبيرا من قبل الأمم المتحدة ومنظمات عالمية أخرى كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي أبدت رغبتها في العمل معه لتخفيف عبء الديون التي بلغت حوالي 60 مليار دولار. لكن حمدوك لم يبق طويلا على رأس الحكومة.

25 تشرين الأول/أكتوبر 2021: تم توقيف الغالبية الساحقة من المسؤولين المدنيين وبينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بعد رفضهم دعم الانقلابالذي قاده قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان. هذا الأخير أعلن حالة الطوارئ بعد حل السلطات الانتقالية وإقالة عدد كبير من أعضاء الحكومة والأعضاء المدنيين في مجلس السيادة المسؤول عن قيادة المرحلة الانتقالية فيما ردت الولايات المتحدة على هذه الخطوة بتعليق مساعدات بقيمة 700 مليون دولار للسودان.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، الخرطوم 9 شباط/ فبراير 2023.


02:06

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، الخرطوم 9 شباط/ فبراير 2023. © أسوشيتد برس

26 تشرين الأول/أكتوبر2021: تظاهر آلاف السودانيين ضد الجيش في الخرطوم وأغلقوا الشوارع. فيما نشرت القوات الأمنية مدرعات على الجسور ومحاور الطرق الرئيسية. في المساء، وبعد العديد من الدعوات للإفراج عن رئيس الوزراء الذي كان قائد الجيش يحتجزه في بيته، وضع عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية في منزله الشخصي. من جهة أخرى، قام الاتحاد الأفريقي بتعليق مشاركة السودان في كل نشاطاته وأوقف البنك الدولي مساعداته ودعا مجلس الأمن الدولي إلى إعادة تشكيل حكومة انتقالية يقودها مدنيون. وهو مطلب أعلنه أيضا الرئيس الأمريكي جو بايدن.

4 تشرين الثاني/نوفمبر 2021: القيادة العسكرية التي تحكم السودان تفرج عن أربعة وزراء كانوا في حكومة عبد الله حمدوك. 

11 تشرين الثاني/نوفمبر 2021: شكل البرهان مجلس سيادة انتقالي جديد استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير واحتفظ بمنصبه رئيسا للمجلس كما احتفظ الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع بمنصبه كنائب لرئيس المجلس. هذا الأخير متهم بارتكاب تجاوزات إبان الحرب في دارفور وأثناء الانتفاضة ضد البشير لكن لم تتم محاسبته حتى اليوم. ويعتبر مقربا من السعودية وأرسل بعضا من قواته إلى المشاركة في الحرب في اليمن ضد الحوثيين في إطار التحالف العسكري الدولي بقيادة الرياض.  


01:42

 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021: توصّل الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى اتفاق بشأن عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة السودانية. إلا أن ذلك لم يؤد إلى تهدئة الشارع واستمرت المظاهرات في مدن عدةفي اليوم التالي، أطلق سراح الكثير من السياسيين الذين اعتقلوا منذ الانقلاب.

 2 كانون الثاني/يناير 2022: رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يعلن عن استقالته بعدما أسفر يوم جديد من الاحتجاجات عن مقتل ثلاثة متظاهرين.

8 حزيران/يونيو 2022: انطلاق محادثات برعاية الأمم المتحدة قاطعتها الأطراف المدنية الرئيسية لا سيما قوى الحرية والتغيير، العمود الفقري للحكومة المقالة إثر الانقلاب. قوى حرية التغيير وضعت كشرط مسبق إنهاء القمع وإطلاق سراح السجناء السياسيين لكي تشارك في المحادثات. لكن بعد ثلاثة أيام فقط، أرجئت الجولة الثانية من المحادثات إلى أجل غير مسمى ودخل السودان من جديد في نفق دون أفق.

تحول الخلاف في السودان بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو إلى معركة على الأرض.


05:20

تحول الخلاف في السودان بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو إلى معركة على الأرض. © صورة من شاشة فرانس 24

21 تموز/يوليو 2022: أمام تردي الوضع الإنساني والغذائي في السودان، أعلن البنك الدولي منح 100 مليون دولار للخرطوم مقابل تحويلات مالية وغذائية“. وبهذا يكون السودان قد دخل في أزمة غذائية خانقة إضافة إلى النفق السياسي. بعد شهرين فقط أي في أيلول/سبتمبر من نفس السنة، دقت الأمم المتحدة ومنظمة “أنقذوا الأطفال” ناقوس الخطر بالقول إن نحو سبعة ملايين طفل سوداني محرومون من التعليم وأن نحو 12 مليون طفل يواجهون خطر الانقطاع عن التعليم. ووصلت نسبة التضخم شهريا إلى 200 بالمائة فيما ازداد سعر الخبز عشرة مرات منذ انقلاب 2019 ضد البشير.

 18 تشرين الأول/أكتوبر2022: أعلن زعيم قوى الحرية والتغييرخالد عمر يوسف أن مفاوضات غير مباشرة جارية مع الجيش.

19 و20 تشرين الأول/أكتوبر 2022: سقوط 250 قتيلا إثر مواجهات قبلية في ولاية النيل الأزرق بجنوب السودان. فيما اعتبر خبراء أن الفراغ الأمني الذي أحدثه الانقلاب شجع على تجدد العنف القبلي.

تصاعد الدخان في أحد أحياء العاصمة الخرطوم بسبب المواجهات بين قوات الجيش والدعم السريع. 15 أبريل/نيسان 2023

تصاعد الدخان في أحد أحياء العاصمة الخرطوم بسبب المواجهات بين قوات الجيش والدعم السريع. 15 أبريل/نيسان 2023 © مروان علي أ ب

 5 كانون الأول/ديسمبر2022: توقيع اللواء برهان والقائد محمد حمدان دقلو، الرجل الثاني في النظام، والعديد من القادة المدنيين وخصوصا من قوى الحرية والتغيير، اتفاقا لإنهاء الأزمة بحضور المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس وسفير الاتحاد الأفريقي لدى الخرطوم محمد بلعيش.قوى الحرية والتغيير اعتبرت أن الاتفاق يمهد الطريق لتشكيل سلطة مدنية انتقالية. 

13 نيسان/ابريل2023: انتشار قوات الدعم السريع شبه العسكرية الموالية لدقلو في الخرطوم والمدن الرئيسية ووقوع اشتباكات مع قوات الجيش النظامي، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين. من بين أسباب دخول السودان في دوامة عنف جديدة، عدم وجود روزنامة واضحة فيما يتعلق بعملية إدماج قوات تدخل الدعم السريع في صفوف الجيش السوداني كما يطالب به زعيمها.

"الحرية والسلام والعدالة والمدنية" كتابات المتظاهرين على حائط في منطقة بري بالخرطوم، السودان، 10 تموز/يوليو 2019.

“الحرية والسلام والعدالة والمدنية” كتابات المتظاهرين على حائط في منطقة بري بالخرطوم، السودان، 10 تموز/يوليو 2019. رويترز

15 نيسان/أريل2023:  وصلت حصيلة القتلى المدنيين لغاية الأحد 15 نيسان/أبريل إلى أكثر من 50 شخصا ونحو 600 جريح. وتوالت ردود الفعل الدولية إذ دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى “الوقف الفوري للعنف والعودة إلى الحوار“. واعتبرت فرنسا أن ” العودة إلى عملية سياسية تجمع كل الأطراف وتقود إلى تعيين حكومة انتقالية وإجراء انتخابات عامة، يمكنها أن تفرز تسوية دائمة لهذه الأزمة“. وأعلنت الجامعة العربية تنظيم اجتماع طارئ  بطلب من القاهرة والرياض وهما حليفان رئيسيان للجيش السوداني. وعرضت أيضا مصر وجنوب السودان الوساطة بين البلدين، كما يجتمع مجلس السلم والأمن الأفريقي للنظر في الوضع.

 

طاهر هاني/أ ف ب


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى