مشهدية الجمود تلف الداخل اللبناني ترقبا لتطورات الخارج
يسود الجمود المشهد السّياسي الداخلي في انتظار استحقاقات الأسبوع المقبل ومن أبرزها ترقّب خريطة توزّع القوى في جلسة التّمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة، وكذلك ترقّب نتائج التحرك الفرنسي الأخير في اتّجاه المملكة العربيّة السعودية في شأن ملف الانتخابات الرئاسيّة في لبنان، علماّ أنّ بعض التطوّرات الإقليميّة الجارية يطغى بقوّة على مجمل الحسابات السياسيّة للقوى المحليّة بما يتوقّع معه أن ينشأ مناخ جديد حيال الأزمة الرئاسيّة.
وبحسب ما كتبت” النهار” فان هذه القوى ترصد باهتمام التطوّرات الجارية على كلّ من ملفّ إنهاء الحرب في اليمن وملف إعادة سوريا إلى الجامعة العربيّة ناهيك عن التحرّكات المتّصلة بإعادة العلاقات الديبلوماسيّة بين المملكة العربيّة السعوديّة وإيران، إذ إنّ هذه التطوّرات تتحرّك بشكل متزامن ومتدرّج كما أنّها تؤشّر إلى انعكاسات حتميّة ستبلغ الوضع في لبنان سواء في وقت سريع أو متوسّط المدى. هذه الأجواء جعلت التريّث الشديد في الحكم على تردّداتها على الأزمات القائمة في المنطقة وخصوصاً في لبنان أمراً إلزاميّاً لأنّ الغموض لا يزال سيّد الموقف حيال طبيعة الانعكاسات التي ستصيب لبنان وما إذا كانت معالم تسويات ستحصل في شأنه بما يضع الأزمة الرئاسيّة في لبنان تحديداً في عين الانتظار السّاخن والحارّ في قابل الأسابيع والأشهر.
ومن هنا تفهم إعادة النّظر الجارية لدى معظم الأفرقاء في مسار الأزمة الرئاسية منذ بدء الفراغ الرئاسي قبل أقلّ من ستّة أشهر بقليل بما بدأ يثير سؤالاً كبيراً عمّا إذا كان هناك مسار جديد سيبدأ أو ربّما يكون بدأ فعلاً وينبغي معه توقّع متغيّرات كبيرة في خارطة المواقف والتطورات الداخلية لدى جميع الأطراف.وهذا الأمر قد لا يطول الانتظار لبلورته علماً أنّ جهات تعتقد أنّ فرنسا الدّولة الأكثر انخراطاً في جهود حلّ الأزمة الرئاسيّة حاليّاً قد تكون بدأت بنفسها إعادة حساباتها حيال سياساتها في الفترة السابقة.
وكتبت” الرأي الكويتية”: بدا الملف الرئاسي وكأنه في استراحة مردُّها إلى شبه الإجازة السياسية التي فرضتْها أجواء الأعياد وإلى حال انتظارية لوهج اتفاق بكين الذي ربما يلفح لبنان كواحدة من ساحات الصراع في المنطقة.
ورغم هذه الاستراحة الهائجة فوق بحرٍ من الأزمات الهائجة، فإن الكواليس السياسية تضج بمناقشاتٍ حول ما آل إليه الاستحقاق الرئاسي المعلَّق وبمحاكاةٍ لما ينتظره في ضوء الخلاصات الراهنة لمواقف الداخل والخارج.
وعكستْ أوساط واسعة الإطلاع في بيروت قراءة «حزب الله» وحلفائه للّوحة الرئاسية وما يحوطها، وهي قالت لـ«الراي» إن «المداولات الجارية عبر القنوات الخلفية في شأن الملف الرئاسي لم تُحْدِثْ أي خرقٍ يُعتد به حتى الآن».
وفي تقدير هذه الأوساط أن «حزب الله» الذي يحرص على إظهار حيوية الدور الذي تلعبه باريس يدرك أن الإدارة الفرنسية ليست في موقع مؤثّر، لا على مستوى العلاقات الدولية – الإقليمية ولا حيال الداخل اللبناني.
ورغم الحملات الدعائية التي تروّج لـ «تَعاوُن» باريس، فإن الأوساط عيْنها تجزم بأن محاولات استدراج السعودية للانخراط في لعبة المساومات أو الأسماء لم تنجح، فالرياض ما برحت تتحدّث بلغةٍ واضحة وحاسمة مؤداها أن الرئاسة اللبنانية تخص اللبنانيين.
وترسم الأوساط الخبيرة بخيارات «حزب الله» لوحةً داكنةً لِما هو عليه الموقف الداخلي من الاستحقاق الرئاسي المركون في «الثلاجة» منذ أكثر من خمسة أشهر من الدوران في الحلقة المقفلة رغم الأهوال التي يعانيها لبنان.
وفي هذه اللوحة، بحسب الأوساط، استنكاف مسيحي بسبب الانقسام بين الكتلتين الكبريين، وشرذمةٌ سنية أصبحتْ أكثر انفلاشاً بعد تعليق زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري لعمله السياسي وتجميد نشاط تياره الذي لم يشارك في الانتخابات النيابية.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن العلاقة بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «خارج الخدمة» بعدما قرّر الحزب ترْك باسيل وشأنه ما دام الأخير اختار المعاندة التي ربما تجعله «خارج اللعبة» بعدما سدّ الآخرون الأبواب في وجهه.
وكشفت تلك الأوساط عن ان «الثنائي» بري – «حزب الله» يسعى إلى عملية «جس نبضٍ» في أكثر من اتجاه حيال إمكان عودة الرئيس سعد الحريري عن قراره بتعليق العمل السياسي ومعاودة دوره ولا سيما في «صناعة» الرئيس العتيد للجمهورية.
ولفتت دوائر متابعة في بيروت إلى أن مناقشاتٍ تدور خلف الستائر المقفلة حول ما سيكون عليه موقف «حزب الله» في ضوء المناخ الجديد الذي أشاعه «اتفاق بكين»، وسط سؤال محوري هو: هل سيكون «حزب الله» أكثر انفتاحاً على صوغ تسوياتٍ في لبنان، أم انه سيمتطي المركب الخشن لتكريس تفوُّقه في لبنان، وهو الذي لعب دور الناظم السياسي – الأمني طويلاً.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook