آخر الأخبارأخبار محلية

لم يكن ينقص لبنان سوى هذا الأمر

احتفل لبنان قبل يومين بعيد الفصح المجيد لدى المسيحيين، الذين يتبعون التقويم الغربي. وكانت عطلة. وبعد أقّل من أسبوع من الآن يحتفل المسيحيون، الذين يتبعون التقويم الشرقي أيضًا بعيد الفصح. وسيكون لبنان في إجازة. وبعد أسبوعين يحّل عيد الفطر السعيد، وسيكون لبنان على موعد مع عطلة رسمية. 

 

إنه موسم أعياد أعادها الله على الجميع بالخير. وبما أن شهر نيسان هو شهر أعياد فإن السياسيين عندنا استفادوا من كل هذه العطل ليكون لديهم حجّة اضافية لعدم “قلي العجة الرئاسية”، وللتهرّب أكثر فأكثر من مسؤولياتهم، التي يفرضها عليهم الدستور، وهي من ضمن واجباتهم غير الاختيارية، لأن الدستور وتطبيقه “مش لعبة” في أيديهم. فهم لا يستطيعون تطبيقه بطريقة انتقائية أو عشوائية، أو وفق ما تمليه مصالحهم الضيقة، التي غالبًا ما تتعارض مع مصلحة الناس، هؤلاء الناس الذين يريدون أن يكون لديهم رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد. 

 

فهؤلاء المسؤولون، وبالتحديد نواب الأمّة، مطالبون باتخاذ مواقف جريئة، ولو لمرّة واحدة، وعدم انتظار الوحي أو كلمة السرّ من هذه العاصمة أو تلك. فلهذه العواصم، سواء أكانت قريبة من حيث المسافة أو بعيدة، مصالح قد لا تتلاقى في المطلق مع مصلحة لبنان، لأن الدول لا تتعاطى عادة ومن حيث المبدأ سوى وفق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. ولا مصلحة لها، كما هو ظاهر من خلال توالي التطورات، في أن يوضع الملف اللبناني كأولوية على نار حامية، وذلك قبل أن “تستوي” الطبخة الإقليمية.

 

ولكي تزداد العقد، التي تحول دون أي انفراج على الساحة اللبنانية، كانت عقدة إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا الأمر كان مثار بحث مستفيض بين الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ووفد من حركة “حماس” برئاسة اسماعيل هنية. وكان تشديد على ضرورة مواجهة العدو والتصدّي لاعتداءاته المتمادية ضد الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة والقدس المحتلة. ولكن لم يُعرف ما إذا كان الحديث قد تطرّق إلى عدم جدوى إطلاق الصواريخ بهذا الشكل العشوائي من الجنوب اللبناني، وكأن لبنان لا يكفيه ما فيه من مشاكل داخلية، وهو ليس في وضع يسمح له بفتح جبهة جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا إذا لم تكن هذه المواجهة منسّقة ومدروسة ومحسوبة النتائج. 

 

وفي اعتقاد البعض أن ما قام به بعض الفصائل الفلسطينية، التي يُقال إنها “فاتحة على حسابها” قد أنقذ رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو من ورطته الداخلية، وأعطاه فرصة لم تكن لتخطر على بال أحد لإعادة لملمة ما لاقته حكومته من حركة اعتراضية داخلية خطيرة في الشارع الإسرائيلي، وهو الذي لم يكن في حاجة إلى حجّة إضافية ليشنّ المزيد من غاراته على أهل غزّة. 

 

المنطق السائد في شارع “حزب الله” أن إطلاق الصواريخ الفلسطينية بهذا التوقيت غير المدروس وغير المنسّق مع الغرفة العسكرية في “حارة حريك” كانت نتائجه مضرّة أكثر من فوائده. والدليل أن بعض الدول التي تتعاطف مع الكيان الصهيوني استفادت من ظاهرة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان لتزيد من دعمها لهذا الكيان الغاصب، بحجّة أنه يتعرّض للاعتداء. وهذا يذكرّنا برواية “ذئب وحمل” لافونتين، وكيف استنتج بأن منطق الأقوى هو الأفضل. 

 

وعود على بدء فنقول إن لبنان لديه ما يكفيه من مشاكل داخلية، وهو ليس في حاجة إلى من يعيده إلى الوراء، بل يحتاج إلى من يعطيه دفعة إلى الأمام، لكي يستطيع أن يستعيد بعضًا من أنفاسه وأن يلتقطها من جديد. فما فيه مكّفيه وأكثر، وهو في غنىً عن أي “تقالات” تزيد من غرقه غرقًا، خصوصًا أن “الفواشات” الداخلية م تعد تكفي لإنقاذه من الغرق المحتمّ. 
      

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى