آخر الأخبارأخبار محلية

إرحموا عزيز قوم ذل او تسول من نوع اخر.. ظواهر غريبة في شوارع لبنان

بين من قسى عليه الزمن بمرارة العلقم من جهة، ومن استغل الازمة والأوضاع الاقتصادية المتردية من جهة ثانية، ترى اليوم في الشوارع ظاهرة جديدة تتفشى في أكثر من منطقة لأشخاص يقومون بطلب المال تحت حجج قد تكون حقيقية في بعض الأحيان، وأحيانا أخرى تبقى مجرد ذرائع يتحجج بها طالب المال لاستعطاف الاخر والحصول على مساعدة.. وبالدولار.   

Advertisement

 
واليوم تحت شعار “ارحموا عزيز قوم ذل”، ينزل بعض الاشخاص الى الشارع يستعطفون الناس للحصول على المال وخصوصا في فترات المساء. تنقل احدى الشابات ما حصل معها لـ”لبنان 24” عندما كانت تركن سيارتها فأتى اليها رجل يرتدي ملابس رجال الامن “security”، فبقيت داخل سيارتها خوفا منه. ولكنه طمأنها انه يعمل في شركة امن ولا داعي للخوف، وطلب منها مئتي الف ليرة لبنانية ليتمكن من شراء علبة حليب لطفله، فالمبلغ المتبقي لشراء العلبة 200 الف واستطاع تأمين 600 الف ليرة. أعطته الشابة المبلغ وانصرف، وتقول “حتى لو كان يكذب للحصول على المال، لكنني تخوفت من ردة فعله وخصوصا انّ الشارع شبه خالٍ من المارة، فأعطيته المال”. 
 
بالدولار  
ولكن ما حصل مع سيدة أخرى كان مختلفا، ففي وضح النهار، اقترب رجل منها وقال لها انّ ابنه في احد المستشفيات وأعطاها اسم المستشفى، مؤكدا لها انّ الإدارة ترفض إخراجه منها الا بعد دفع كامل المبلغ المتوجب عليهم. تروي السيدة ما حصل معها لـ”لبنان 24″ قائلة انّ الرجل تحجج بانّ المستشفى تريد 35 دولارا لإعطاء ابنه الأذن في الخروج. وتكمل: “استغربت انه يطلب مبلغا بالدولار، وأعلم انّ كثيرين يتذرعون بقصص إنسانية قد لا تكون حقيقية، وحتما هناك اشخاص يستحقون المساعدة في حال كان هذا الرجل كاذبا”. ولمعرفة ما اذا كان صادقا طلبت منه اسم ابنه واسم المستشفى، فأعطاها ما طلبته، ولكنه لم يكن يتوقع ان تتصل السيدة فورا بالمستشفى. “اتصلت بالمستشفى وتفاجأت بأنّه لا يوجد مريض بهذا الاسم لديهم، وعلمت انّه كان يكذب للحصول على المال”، كما تقول السيدة مشيرة الى انّ الرجل لم يفتح فمه بكلمة وأكمل سيره.  
 
التذرع بالعاطفة  
تفتح الحادثتان وغيرها من الأمور المماثلة، باب النقاش امام أكثر من مسألة. الأولى هو كيف تحول وبفضل الصعوبات الاقتصادية بعض الأشخاص الى “متسولين” على الطرقات، وبعضهم صادقون اضطرت بهم احوالهم وعجزهم امام أطفالهم الى طلب استحسان الاخرين، وهو اللبناني، عزيز النفس، الذي يبقى صامداً مهما حصل، ها هو اليوم يطلب المال لشراء حليب لأطفاله.  
أمّا المسألة الثانية فهي استغلال البعض الازمة، والتذرع بالعاطفة والإنسانية للحصول على المال. والمسألة الثالثة تكمن في خطورة ما قد يحصل على الشوارع، فبدلا من أن يسرق احدهم حقيبة سيدة، يطلب منها المال مباشرة وفي حال لم تتجاوب معه قد يهددها بسلاح يحمله وربما يقتلها، وهذا ما حصل مع احدى الشابات في منطقة في بيروت، عندما هددها احدهم بقتلها بواسطة سكين في حال لم تعطه كل ما تملكه في حقيبتها، فاضطرت السيدة وبدون أي مقاومة الى إعطائه المال.  
 
تفسير علم الاجتماع  
ما يحصل اليوم على الطرقات هو ظاهرة اجتماعية، تتحدث عنها الاخصائية في علم الاجتماع منار الهاشم في حديث لـ”لبنان 24″ مشيرة الى انّ كل اشكال استعطاف الناس للحصول على المال هو ظاهرة قديمة لكنها بدأت باتخاذ أشكال جديدة مستحدثة، منها ما هو موسمي او في وقت الازمات او الأعياد، وأصبحنا أيضا نسمع اليوم عن التسول الإلكتروني في عصر التحول الرقمي والسوشيل ميديا. وبحسب الهاشم “تختلف أساليب طلب المال اليوم بفعل تقدم المجتمعات وهذا نتاج طبيعي لما نعيش، ولم يعد المشهد القديم للتسول هو السائد فقط، ولا يمكن حصره في مجتمعات معينة، بل نرصد الأساليب المتقدمة في الحصول على المال في كل المجتمعات”.  
وتتخوف الهاشم من تحول ما يحصل اليوم على الشوارع الى مهنة منظمة، وتقول “لا يمكن استبعاد ذلك، وخصوصا اننا بتنا نسمع اليوم وبشكل دائم عن حوادث مماثلة لأشخاص صادفوا اخرين يطلبون منهم المال تحت حجج مختلفة. ومع استمرار سوء الأوضاع الاقتصادية، قد نصل الى مرحلة بفعل التطور السلبي والدراماتيكي الى تحول الاستحسان الى مهنة”. ودعت الاخصائية الأشخاص الى الانتباه، محذرة من استخدام البعض للأسلوب الجرمي والعنف في حال لم يتجاوب الاخر مع طلبهم للحصول على المال. 
 
العجز الاجتماعي  
في المقابل تتحدث الهاشم عما تسميه العجز الاجتماعي الذي وصل اليه كثر في مجتمعنا اليوم، “للأسف، فان بعض الأشخاص قد يضطرون مرغمين الى طلب المال بسبب عجزهم الاجتماعي ووقوفهم كما الاسرى امام أطفالهم عاجزين عن تأمين لقمة العيش وأدنى متطلبات العيش الكريم. وهذا ما يؤدي في كثير من الأحيان الى حالات انتحار او تفكك أسرى او عنف أسرى أحيانا كردة فعل سلبية تنتج عن الضعف الذي يشعر به الرجل فيقوم بتعنيف عائلته. وكل هذا مرده الى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر على اللبنانيين”. 
وبين الضعف والعجز، يتهالك المجتمع اللبناني امام العجز الاقتصادي وتفاصيل حياة المواطن المرتهنة ما بين تقلبات دولار السوق الموازية. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى