آخر الأخبارأخبار محلية

الوزير المرتضى في رسالة الى رئيس تحرير نداء الوطن: هداك الله

كتب وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى: “نشرت جريدة نداء الوطن في عددها الصادر نهار اليوم كتابا كان قد وجهه وزير الثقافة محمد وسام المرتضى الى الصحافي بشارة شربل ردا على مقال كان الأخير قد كتبه ونشرته الجريدة نهار الجمعة الفائت بعنوان “شراكة في العنصرية”. ومما جاء في كلام المرتضى الموجه الى شربل:” إن ثقافة وزير الثقافة في بلدك، وخطابه وحركيته ومنهجه، يفرح بها كل لبناني وطني واع ومسؤول، أكان مسلما أم مسيحيا؛ أما المتضررون من هذه “الثقافة” وأدائنا لها، الممتعضون من مراميها ومآلاتها على مستوى بث الوعي وإعادة بناء الوحدة الوطنية، فهم الصهاينة، ومن يدور في فلكهم، ولا إخالك من هؤلاء، أو ممن يسعون إلى “التعايش” معهم؛ ولا يفوتك أن التعايش مع اليهودية كدين “إبراهيمي”- على ما ألمحت إليه في مقالتك – شيء، والتعايش مع إسرائيل والصهيونية شيء آخر؛ كما لا إخالك من هؤلاء الممتعضين من اقتناعاتنا التي نعبر عنها على الدوام بأنه لا تعايش مع إسرائيل ولا أمان للبنان مع الصهيونية.”

أضاف المرتضى منتقدا شربل:” ويدخل في باب الأمانة أن يسند المرء الخلاصات التي يدسها في كلامه، إلى أدلة وبراهين تثبتها، فإن لم يفعل كان كحاطب ليل لا يتبين شيئا على حقيقته. فقد توصلت إلى أن وزير الثقافة في بلدك “لا تزال تعتمل في داخله مشاعر الحرب الأهلية”؛ من غير أن تقدم دليلا واحدا على ما تقول، إلا الرجم بالغيب؛ ولو كلفت نفسك أمرا يسيرا، أن تقرأ بعضا من مواقفي المنشورة في المواقع كلها، لأدركت بطلان ما كتبت. اسمع بعضا من مقال لي بمناسبة عيد الميلاد خاطبت فيه اللبنانيين هكذا: “ماذا نريد؟ أنريد أن يبقى كل منا ينتمي إلى قبيلة، لا لشيء إلا لكي يؤمن أحدنا حضورا له في مواجهة “الآخر”؟ أم نريد إيمانا ننفتح معه على “كلمة الله وروحه”، كما وصف القرآن المسيح، وعلى وصاياه وسيرته ورسالته التي تجعلنا على صلة مع الله، منفتحين عليه، ومن خلاله، على جميع إخوتنا في هذا الوطن؟… وفي الختام دعوة لنا جميعا مسلمين ومسيحيين أن نكون كما أرادنا المسيح. أن نكون، إلى آخر الحدود، رسل المحبة التي تصفح عن كل شيء وتصبر وتخدم ولا تحسد ولا تتباهى ولا تنتفخ في الكبرياء… ولا تسعى إلى منفعتها… وتتحمل كل شيء”. وأضفت يومها:” والى أخوتي المسلمين أخاطب نفسي وأخاطبهم بأن علينا، لا سيما في لبنان، أن نحيا “إسلاما متمسحنا” يحيا قيم المسيح كلها وفق ما هو مختزن في حقيقته وجوهر تعاليمه. فيكون تلاقي المؤمنين من هنا ومن هناك على عيش الفضائل الدينية، وأولها المحبة أو الرحمة، إنبعاثا لهذه القيم، وإيقاظا لها من سباتها العميق الذي أراد لها الشر المزروع في هذه المنطقة أن تغط فيه لكي يسهل عليه خلق الفتن واستيلاد الحروب والمحن من اجل أن تخلو له الساحة فيفرض إستمرار وجوده فرضا وسلاحه وديدنه أن يبث في الأرض فسادا وفي العلاقة بين المسلمين والمسيحيين متاريسا ونزاعات لا نهاية لها ولا طائل منها.” هذا هو خطاب وزير الثقافة في بلدك فبالله عليك دل القراء على مشاعر الحرب الأهلية فيه.”

وتابع المرتضى مخاطبا شربل:” لكن لا، لعلك شخصت ذلك “المرض” في وزير الثقافة ورميته بتلك التهمة، لأنه حين أحيا “عيد البشارة” في المتحف الوطني، جمع اللبنانيين من مختلف الأطياف ودعاهم إلى أن “نحتضن الكلمة الحسنى في قلوبنا وأفكارنا وأعمالنا، وأن نلوذ بها وحدها…” أو ربما لأنه اعتبر أن “كل يوم نحفظ فيه وحدتنا، ونفرح فيه بتنوعنا، ويحرص فيه واحدنا على الآخر منا ويطمئنه في وجوده وإيمانه ومقدساته وحضوره الفاعل يكون عيدا من أعياد مريم العذراء”. أو لأنه رد على بعض المسلمين الذين دعوا الأسبوع الفائت إلى عدم التعطيل في أعياد المسيحيين فقال: “أعيادنا الدينية في لبنان لا ينبغي لها أن تكون عنوانا للتفرقة ولا للمزايدة. إنها مواسم مقدسة لتأكيد العيش الواحد ومن أراد أن ينظر إليها بمنظار آخر، فإنه ينفي نفسه من الوحدة الوطنية التي هي معنى وجودنا” أو لأنه بمناسبة عيد التحرير أعلن “أن ثمة انتصارا أهم في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي على اللبنانيين أينما كانوا أن يستهدوا به، هو الإنتصار على كل عوامل التفرقة والانقسام، علينا أن نبقى المثال الصالح والأنموذج الحي والصورة البهية عن الوطنية الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخر والحرص عليه. هذا المجتمع، بل هذا المصهر الإنساني، لا سيما في أرض الجنوب، أعطى الانتصار بعدا آخر، لأنه شكل النقيض الواضح للمفاهيم التي قام عليها الكيان المغتصب. فبمقدار ما نصون وحدتنا ونثبت في عيشنا وأرضنا وحقوقنا معا، نغلب أعداءنا المنظورين وغير المنظورين، فالسعي إلى الوحدة بين اللبنانيين هو بالنسبة إلينا واجب ديني وواجب أخلاقي وضرورة وطنية، وهو المفتاح الذهبي لبوابة الانتصار ولصون هذا الانتصار..”
وأردف المرتضى متوجها الى شربل:” ثم وصفتني في مقالك بأنني :”القاضي البارع في مكيجة قناعات منافية لقيم العالم الحديث”؛ تجد أعلاه عينة بينة من اقتناعاتي (وهذه هي اللفظة الفصيحة)، وهي اقتناعات كل حر شريف نهل من موروث اللبنانيين الإيماني والوطني المشترك، وهي لا تحتاج إلى “مكيجة” أو تزيين، وأعتقد أنك تؤمن مثلي بأنها تشرف صاحبها وترتقي به إنسانيا، وأنها بحد ذاتها زينة من بها الله على اللبنانيين الواعين أوسمة على صدور وتيجانا فوق رؤوس. فهل أنت على قولك أنها تنافي قيم العالم الحديث؟ 
ونسب المرتضى الى شربل التحريف والتشويه والتقويل فخاطبه : “أما انزياحك المعنوي (كي لا أستعمل مفردة التحريف) الذي به صدعت المفاهيم، فاختراعك أنني أعير المسيحيين لقعودهم ألفي عام عن واجب الجهاد والثأر ليسوع، وهذا ما ينبغي لك كمثقف أن تعرف استحالة أن يخطر لي ببال، لأن المسيح بإيماننا كلنا (مسلمين ومسيحيين) هو المنتصر الغالب الذي لا يحتاج أن يثأر له. ويستمر الانزياح في قولك إنني أدعو “لمحاربة اليهود كدين لا الصهاينة كمحتلين”، وهذا أيضا تأويل يبلغ حد التشويه والتقويل، وتعسف في التحليل لا يحتمله نص التغريدة الذي لم ترد فيه البتة لا لفظة اليهود ولا لفظة الصهاينة ولا لفظة الحرب، بل اكتفى بأن وصف مغتالي الشهيدة شيرين بو عاقلة بالقتلة كما تصفهم أنت، وبأنهم بنو القتلة بحسب قول السيد المسيح عن آبائهم.”

وكان شربل قد اعتبر في مقاله أن المرتضى يختصر الثقافة بالبلاغة وأنه يزايد على يسوع الذي غفر وهو على الصليب، فرد المرتضى في كتابه:” يبدو أن “البلاغة” التي تعيب بها ثقافتي، قد حملتك على جناح خيال شاعري أوصلك إلى أنني أزايد على الناصري المعلم. حاشى ثم حاشى! لقد شطح قلمك عن معنى البلاغة الأصيل ومعنى العنصرية على السواء، لكنني سأجاريك قليلا في شطحات الخيال، وأحلم أنك بعدما قرأت مقالك مطبوعا، رددت في نفسك قول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: “إنها شقشقة هدرت ثم قرت”. إن تكن فعلت فقد أصبت، وإلا فالمقام يلزمني بأن أكف “الجدال الذي هو كالطرق الفرعية لا يعرف سالكها إلى أين ستوصله”، كما قال ونستون تشرشل؛ وأنا امرؤ قد تبين لي قصد السبيل، وهو أن لبنان كي يحقق رسالته في هذا العالم، يحوجه أن يتمتع أبناؤه كلهم بأرقى المشاعر الإنسانية، وأولها رفض الظلم من حيثما أتى ومناهضة الكيان العنصري الذي زرعته يد الشر إلى الجنوب من حدودنا، والذي لن يهنأ له بال، ولن يرسخ له وجود، إلا ببث الفرقة والشرذمة بيننا للقضاء على وطننا، لا لشيء إلا لكوننا، بتنوعنا، نمثل النموذج النقيض لمنهجه الشيطاني وعدوانه المقيت.”

وجاء أيضا في كتاب المرتضى:”حضرة الأستاذ بشارة شربل المحترم، للمرة الثانية أناديك بنداء الوطن، من قلم لم ينبس يوما إلا بالمحبة والإحترام لجميع اللبنانيين وبدعوتهم إلى الاستمساك بعرى الوحدة، ولم يخط مرة سوى الحق الذي يؤمن بأن لا شك فيه. يدفعني إلى هذا النداء المثنى أنك، على إثر مقال منك وجواب ودعوة مني، زرتني في مكتبي في وزارة الثقافة وتعرفت بي عن كثب، أو هكذا أظن، فما عاد ينبغي لك أن تتأول عني بعدما خبرت وعاينت. ثم إن المعرفة الحقة التي لا تفوتك قواعدها تقتضي أن يلزم الكاتب، أي كاتب، حدود معاني المصطلحات التي يستعملها، إلا أن يقدم لها معنى جديدا؛ فإن لم يفعل هذا أو ذاك، كان كمن يسكب حبره سكبا على صفحة دفتر، فتتبقع بالسواد من غير أن يرتسم عليها حرف مفيد أو سطر قويم.”

كما جاء في كتاب المرتضى:” دعني أتذكر وإياك، أن العنصرية في معناها الاصطلاحي العلمي الحديث تعني تعصب المرء أو الجماعة ضد الآخر أو الآخرين على أساس العرق أو الدين أو النسب أو الجنس أو الأصل القومي أو…، لكنني لم أقرأ في مرجع أنها تعني انحياز المرء إلى سواه المختلف، إلا في مقالتك الافتتاحية يوم الجمعة العظيمة، حيث نسبت إلي الشراكة في العنصرية لعلات ثلاث: أنني استعنت بناسك الشخروب “المسيحي الذي لا يحده كتاب”، ثم أنني “حشرت الشهداء من خارج السياق”، (رغم أن الموضوع كله يدور حول الشهادة وبعديها الأخلاقي والإنساني)، ثم أنني استشهدت بيسوع المسيح. ألا ترى، رعاك الله وهداك، أن هذه الأسباب الثلاثة تخطئ المعنى العلمي لمصطلح العنصرية، وإن أصابت في توجيه التهمة إلي بأنني أحب الناصري؟ فأنا كذلك حقا، أؤمن بأنه ” لم يكن أبدا ليرضى أن يكون لفئة دون أخرى، أو رجاء لجماعة دون جماعة؛ وهو القائل لتلاميذه:”اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها”، وهو الذي كان كما في النص القرآني الكريم، “آية للناس ورحمة”، أي لكل الناس، دونما استثناء، خلاصا لهم جميعهم، ورجاء لكلهم. وأن المسيحي الملتزم المسيح طريقا ومنهجا، مدعو لأن يكون، عامل محبة في محيطه، مولد خير، محقق خلاص لمن حوله، مجاهدا الظالم والفاسد والمستكبر والقاهر”، كما كتبت سابقا في مقال منشور، أرجو أن تكون قرأته.”

كما ورد في الكتاب الذي وجهه المرتضى:” ثم يرتفع في كلامك منسوب الانزياح حتى يصير انحيازا غير مبرر، تحتشد فيه “الحرب الأهلية” مع “الخطأ في الحيثيات والأحكام”، بجانب سلمان رشدي والقصة التي تعرف زيفها عن خبر مجلس الوزراء. فهذا هو بالتحديد الكلام الذي من خارج السياق، وأنت تعلم علم اليقين أنه غير صحيح، فإن كنت أتيت به لتبرير عنوان افتتاحيتك، فما أظن ذلك من الأمانة في النقد الصحافي بشيء.”

وختم المرتضى كتابه الى شربل بالآتي:” وقبل أن أنسى أسألك، بحق الله، أن لا تحسب استشهادي بالإمام علي(ع) دليلا على لوثة تعصب وعنصرية، وأن لا تعتبر اقتباسي من ونستون تشرشل، لتبرير كفي الجدال معك، ضربا من ضروب “التشاوف” الذي أتيت على ذكره في مقدمة مقالك…وهو المقال الذي جعل صاحب “الفكر العظيم” يظن أنك أصبتنا في الصميم. أذكرك، وأذكر نفسي، بأنه لا محيد عن اللقاء ولا بديل عن التعاون؛ ثبتنا الله، وهداك، وألهمنا جميعا سواء السبيل، إنه على كل شيء قدير”.

ولاحقا رد رئيس تحرير الصحيفة الزميل بشارة شربل بالاتي: مقالة معالي الوزير رد على افتتاحيتي المنشورة في عدد الجمعة 7 نيسان بعنوان «شراكة في العنصرية». ولدي على ردّه ملاحظات كثيرة في الشكل والأساس، لكنّني أكتفي بما قاله وقلناه. والحُكم عند القرّاء.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى