آخر الأخبارأخبار محلية

زيارة الموفد القطري إلى بيروت.. أكثر من جسّ نبض وأقلّ من مبادرة؟!

 
مع أنّها لا تُعَدّ الأولى من نوعها، وتأتي في السياق الطبيعي للعلاقات اللبنانية القطرية، وقد سبقتها زيارات عدّة لمسؤولين قطريين إلى بيروت، خطفت جولة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، على مختلف الأفرقاء في اليومين الماضيين الأضواء على أكثر من مستوى، خصوصًا أنّها تأتي في توقيت “معبّر”، سواء في الداخل اللبناني، أو في الإقليم الذي يشهد حركة لافتة.

 
اكتسبت هذه الزيارة أهمية استثنائية للعديد من الأسباب والاعتبارات، من بينها التوقيت الذي جاءت فيه، ولكن أيضًا لأنّ الخليفي كان هو ممثلاً لقطر في الاجتماع الخماسي الشهير الذي عقد في باريس قبل شهرين، وجمع إلى جانبه ممثلين عن كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر، علمًا أنّ بعض التسريبات تتحدّث عن لقاء مماثل سيعقد قريبًا بين ممثلي الدول الخمس، يرجح أن تستضيفه العاصمة السعودية الرياض.
 
ولعلّ ما عزّز من أهمية هذه الزيارة افتراضيًا على الأقلّ تمثّل في قائمة الشخصيات التي التقاها الرجل، والتي شملت كل الأحزاب والأفرقاء تقريبًا، من دون أيّ استثناء، ما طرح المزيد من علامات الاستفهام حول الأهداف الفعليّة من الزيارة، وما إذا كان يمكن أن ترقى لمستوى مبادرة متكاملة تقدّمها دولة قطر للمسؤولين اللبنانيين، على غرار الدور الذي لعبته مثلاً عام 2008، من خلال اتفاق الدوحة الذي أدى لانتخاب ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية.
 
دور قطري “ثابت”
 
يقول العارفون إنّ زيارة الموفد القطري إلى بيروت لا يمكن أن تكون مُستغرَبة، من حيث المبدأ، وفي الشكل قبل المضمون، باعتبار أنّها تتناغم مع الدور القطري “الثابت” في لبنان، والذي لم ينقطع منذ اتفاق الدوحة، حتى في أدقّ المراحل وأكثرها حساسية، إبان ما عرفت بالمقاطعة الخليجية للبنان، ولا سيما أنّ الدوحة لا تزال تقدّم المساعدات للبنانيين التي تشمل مختلف المجالات، فضلاً عن الدعم الذي تؤمّنه للجيش وسائر القوى الأمنية.
 
ولم يغب هذا الدعم عن المجال السياسي، حيث حطّ رئيس الحكومة القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حين كان وزيرًا للخارجية، أكثر من مرّة في بيروت في الآونة الأخيرة، بعدما نجحت قطر في إرساء علاقات مع مختلف القوى السياسية المتباعدة، ما أهّلها للعب دور فاعل، خصوصًا في مرحلة ما قبل اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس، علمًا أنّ الوساطة التي قامت بها في الداخل اللبناني هيّأت الدور للتحرّك الأوسع الذي جسّده هذا اللقاء.
 
لكنّ العارفين يستبعدون أن تكون قطر في وارد التحرّك “أحاديًا” في لبنان، سواء لإطلاق حوار أو مبادرة، مشيرين إلى أنّ دور الدوحة هو “مسهّل وميسّر”، ولكنّه يأتي بالتنسيق مع سائر أصدقاء لبنان، كما حصل في اللقاء الخماسي الشهير، انطلاقًا من وجود قناعة لدى مختلف اللاعبين الدوليين بأنّ الكرة هي في ملعب الأفرقاء اللبنانيين، وبالتالي فإنّ الدوحة ليست في وارد أن تلعب هذا الدور نيابة عنهم، وبمعزل عن شركائها الإقليميين.
 
جسّ نبض؟
 
انطلاقًا ممّا تقدّم، أثيرت الكثير من التساؤلات حول “مهمّة” الموفد القطري في بيروت، حيث أشارت بعض المصادر إلى أنّه جاء بـ”تفويض” إقليمي ودولي، تحديدًا من الدول الخمس المعنيّة بالشأن اللبناني، لإطلاع مختلف الأفرقاء على جديد النقاشات الدولية بشأن الملف اللبناني، والاستماع إلى آرائهم من الأفكار المطروحة، بغية وضعها على طاولة الاجتماع المقبل، الذي ترجّح بعض المعطيات أن يعقد في وقت قريب جدًا، وربما هذا الأسبوع.
 
ويشير العارفون إلى أنّ زيارة الموفد القطري ليست بهذا المعنى، “معزولة” عن سائر التحركات التي رُصِدت أخيرًا حول الاستحقاق الرئاسي في لبنان، والمساعي التي تلعبها باريس تحديدًا في هذا الصدد، بعدما استقبلت كلاً من رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، المرشح الرئاسي المصنّف “الأوفر حظًا”، علمًا أنّ الحراكين الفرنسي والقطري “منسّقان ومتكاملان” كما تجزم العديد من الأوساط.
 
ويشدّد هؤلاء على أنّ الحراك القطري، كما الفرنسي، غير معزول أيضًا عن الأجواء الإقليمية “المبشّرة”، في ضوء الاتفاق السعودي الإيراني، وما تبعه من مؤشرات إيجابية، والذي يُقال إنّ الملف اللبناني لن يكون بمنأى عنه، رغم أنّ ما لمسه الموفد القطري في بيروت بقي في إطار “المناكفات” نفسها، في ظلّ “الفيتوات” المتبادلة، التي يعتقد العارفون أنّها لن تقف حجر عثرة أمام التسوية، متى حان أوانها، والذي قد يكون أقرب ممّا يتصوّر البعض.
 
أكثر من جسّ نبض إذًا، تنطوي عليه زيارة الموفد القطري إلى بيروت، التي تمهّد وفق ما يعتقد كثيرون لاجتماع خماسي جديد، أو ربما أوسع من ذلك، يخصّص حول الملف اللبناني، في ضوء المتغيّرات المحلية والإقليمية الكثيرة. إلا أنّها لن تؤدي إلى مبادرة يمكن أن تفضي إلى اتفاق دوحة جديد، برأي هؤلاء، فظروف اليوم مغايرة، والموقف الدولي واضح، فالكرة في ملعب اللبنانيين، ليتلقفوا اليد الممدودة لهم، فيساعدوا أنفسهم بالدرجة الأولى!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى