آخر الأخبارأخبار محلية

ممنوع التجاوز.. الأمن خطّ أحمر وبكل الألوان

ما يتحمّله اللبنانيون، جميع اللبنانيين، في يومياتهم، لم يتحمّله أي شعب آخر في تاريخ البشرية، ولن يقدر أن يتحمّله لا اليوم ولا غدًا. فلا السياسيون المفترض بهم أن يكونوا مبادرين يريدون أن يتحمّلوا، ولو جزءًا يسيرًا، من مسؤولية الإنقاذ. ولا نواب الأمّة المنتخبون حديثًا يحاولون فك اسر رئاسة مخطوفة. ولا أهل الاختصاص يقومون بما عليهم القيام به لتصويب كل اعوجاج. ولا أهل الاقتصاد يقدّمون الحلول العملية والمبسّطة للتخفيف عن كاهل الناس، بل يكتفون بالتنظير. ولا رجال الدين ينصرفون إلى تدبير شؤون الرعية. فلا يصّلون ولا يتركون غيرهم يصّلي. ولا أهل الاعلام يهتمون بما يفيد، بل أصبحوا حاملي أقلام مسخرّة لحملات سياسية غير بريئة. 

Advertisement

عندما يُشار إلى السياسيين والنواب وأهل الاختصاص وأهل الاقتصاد ورجال الدين وأهل الاعلام لا يُقصد التعميم، لأن كثيرين من بين جميع هؤلاء يملكون قراراتهم بأيديهم المجردة من أي غاية، وهم يسعون، على قدر ما تسعفهم أحوال البلد المتداخلة مشاكله إلى حدود الاستعصاء، إلى تقديم ما أمكن من مبادرات تبقى دون المستوى المطلوب، وذلك لكثرة الأزمات المتراكمة.  
ولكن، وعلى رغم هذا، لا نزال نرى بعضًا من كل هؤلاء يحاولون، وبكل الطرق، التحرّك في كل الاتجاهات علّ وعسى. فلا الحملات المنظّمة تثنيهم. ولا الاتهامات الباطلة تثبط من عزيمتهم. ولا التعاطي معهم بقّلة أخلاق تحبطهم. ولا كثرة العصي التي توضع في الدواليب تقّلل من قوة اندفاعهم. ولا الكلمات الجارحة تخرجهم عن صوابهم.  
هؤلاء يسعون، وبكل ما يملكون من طاقة، إلى تحمّل المسؤولية، وهي كبيرة جدًّا. لم ييأسوا ولن يتركوا الساحة لقطّاع الطرق. لم يتهرّبوا من المواجهة ولن يفعلوا، مع أنها صعبة. لم يستسلموا ولن يرموا سلاحهم في منتصف المعركة، مع أن كل ما يدور حولهم غير مشجع ويدعو إلى اليأس والقنوط والاستسلام.  
فالمسؤولية تاريخية. والتاريخ لن يرحم المتخاذلين أو أولئك الذين يكتفون بالتفرج من بعيد على شعب يتعذّب ويُقهر ويُهان ويُذّل. فالمحاسبة لا بدّ آتية، وإن تأخرّت بعض الشيء. ولا خفّي إلا وسيظهر، ولا مستور إلاّ وسيُكشف. فمن يظّن أن فوقه خيمة سيفاجأ عندما يجدها تحترق من دون أن يلقى من يطفئها له.  
اللبنانيون تحمّلوا كثيرًا، وهم على استعداد لأن يتحمّلوا أكثر وأكثر، ولكن ليس على حساب كراماتهم وعنفوانهم، وبالتأكيد ليس على حساب أمنهم واستقرارهم وسلمهم الأهلي، الذي كاد يهتزّ مؤخرًا لولا حكمة هؤلاء، الذين لا يزالون يؤمنون بأن الصيغة اللبنانية الحالية هي أفضل الممكن لوضعية لبنان المتعدّد الطوائف والمذاهب والثقافات. 
فإلى الذين يحاولون استغلال أي أمر لتحويله إلى مشروع فتنة يأتيه الردّ من أصحاب الشأن والقرار. ولهذا الردّ شكل واحد لا غير، وهو يتمّ التعبير عنه في شكل لا يحتمل التأويل والتفسير والاجتهاد، من خلال ما تتخذه وحدات الجيش والقوى الأمنية من تدابير، وما تقوم به من إجراءات على الأرض تحول دون تمكّن مثيري الشغب والقلاقل من تحقيق ما يرمون إليه تنفيذًا لبعض “الاجندات”، التي لا تأخذ في الاعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين التواقين إلى العيش بسلام وطمأنينة وراحة بال، ومن دون أن يضطرّوا لـ “كسر يدهم والشحادة عليها”. 
الرسالة واضحة المضامين: ممنوع تجاوز الخط الأمني والسلم الأهلي. هو خطّ أحمر لا كسائر الخطوط. فلا مزاح في الأمور الأمنية، ولا تهاون مع كل من تسّول له نفسه التلاعب بهذا السلم أو المسّ به.      


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى