بيروت على قيد الحياة… رمضان بين العادات والتقاليد والطرب والمسرح
صحيح ان الفوضى تجوب كل الاماكن وتحتلّ مختلف ساحات الوطن، وصحيح ان المواطن اللبناني تحوّل الى باحثٍ يوميَ عن ادنى متطلبات العيش والحياة، فتراه ضائعاً بين رغيف الخبز وصفيحة البنزين وأخبار الدولار التي باتت تشبه الى حدّ كبير أخبار المدافع والهدنة وما رافقهما خلال ايام الحرب بمرارتها وقساوتها.
وصحيح ان أجواء من البرودة وفقدان الأمل باتت تسيطر على الشريحة الاوسع من اللبنانيين الذين لا يريدون سوى رؤية نهاية النفق الذي ظللّ ايامهم ولياليهم فجعلها متشابهة تغيب عنها الكهرباء فتتحوّل الى صامتة وساكنة او غير مبالية.
والصحيح ايضاً، انه على الرغم من هذه المشهدية غير المطمئنة، هناك في حنايا بيوت اللبنانيين وشوارعهم وبلداتهم ومدنهم رغبة في المقاومة والصمود من المجدي جداً النظر اليها والتمسك بها كخشبة خلاص تربط جنوب لبنان بشماله وبقاعه ببيروته ووسطه.
واخبار مقاومة اللبنانيين تتخذ اشكالا متعددة ومختلفة، وهنا وبعيداً عن اي تبسيط ممكن، لا بد من الاشارة الى ان الحياة الثقافية في لبنان وما يتبعها من اعمال فنية مختلفة واشكال متعددة للنشاط والحركة والحياة، شكلت وما زالت تشكل الشريان الاساسي الذي يضخ الاصرار والعناد والمقاومة الفعلية لتدني سعر الليرة وغياب المستشفيات والمدارس وغيرها من تفاصيل لم ولن تستطيع القضاء على المواطن اللبناني.
اذاً، يتفنن المواطن اللبناني في قدرته على مقاومة الازمة الاقتصادية العاصفة، فكيف تتجلى معالم هذا لصمود؟ وكيف يظهر الى العلن؟
رمضان والاعياد
منذ بداية الشهر الفضيل، بدأ الحديث المُحق والواقعي ان الأسعار في مختلف الاتجاهات مرتفعة جدا لا بل يمكن القول انها “بتكوي كوي”، ما سيجعل من الصيام صعبا وما سيزيل بعض الرونق عن موائد الافطار الرمضانية، وهذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها.
لكن في مقابل هذه الحقيقة، هناك حقيقة أخرى متمثلة بالتكاتف والتعاضد بين مختلف اللبنانيين وهذا ما يُستدل عليه من خلال عمل الجمعيات الكثيرة التي نشطت بشكل كبير حتى تقوم بالواجب فتصل الافطارات الى منازل كل من لا يستطيع اليها سبيلا.
والى حانب تأمين طعام الافطار، تنشط جمعيات أخرى بهدف تأمين “كسوة العيد” والعاب الأولاد، هذا طبعا بالاضافة الى العامل الدينيّ المتمثل في الزكاة والذي غالبا ما يكثر خلال الشهر الفضيل على الرغم من ان الزكاة غير محصورة فيه.
وفي هذا المجال، قد يكون من الضروري جداً عدم اغفال صورة التضامن بين اللبنانيين، اذ انها واحدة من العوامل التي تظهر الطينة الاساسية للأخلاق والقيم والعادات والتقاليد اللبنانية، وقد يكون هذا التكاتف نوعاً من الحلول التي يبنى عليها لتخطي الواقع المرير في المستقبل القريب ان كتب للبنان ان يدخل مرحلة التعافي.
ومن الحقائق التي لا يجب غض النظر عنها ابدا، هي حقيقة التلاقي بين المسليمين والمسيحيين في لبنان، فصحيح ان “الساعة” سلّطت الضوء على مفاهيم بالية من الطائفية تنقّلت دون خجل على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الصحيح ايضا ان موائد الافطار تجمع الجميع من دون استثناء، و”المسحراتي” في المدن التي يعيش فيها المسلم مع المسيحي يوقظ الجميع دونما اي تفرقة، وعلى شاكلته “الحكواتي” الذي يروي قصصه عن ابطال من صيدا والبترون وطرابلس وزحلة وغيرهم.
بيروت تحيي رمضان على طريقتها
وفي الحديث عن الشهر الفضيل، لا بد من العودة الى العادات والتقاليد اللبنانية التي من خلالها يجد المواطن متنفسا له في هذا الشهر الذي فيه الكثير من العبادة والصلاة والقيم والفنون في الوقت نفسه.
وفي هذا المجال، يتضح لكل من يتابع حسابات الفنانة سمية بعلبكي على وسائل التواصل الاجتماعي، ان الاخيرة ستتطل على جماهيرها خلال شهر رمضان برصانتها المعتادة وبصوتها المتمكن لتحيي أمسية تحت عنوان “ليال الأنس”.
وفي هذه الامسية التي سيشهدها مسرح “مونو” مساء اليوم ابتداء من الساعة التاسعة والنصف، ستؤدي بعلبكي خلالها باقة من الاغنيات التي تعيد لبيروت شيئا من رونق الاغنية .
ووفقا للفيديوهات التي نشرت حول الامسية على صفحات التواصل الاجتماعي فان الطرب الأصيل سيكون سيد الموقف برفقة فرقة موسيقية تدوزّن الحانها على نغمة بيروت الرافضة للموت والمحاولة دائما وابدا ان تبقى على قيد الحياة.
وفي سياق متصل، وكما جرت العادة السنوية، يقدم “مسرح المدينة” امسيات رمضانية متونعة تنطلق ابتداء من مساء اليوم وتستمر حتى 19 نيسان المقبل، وهذه الامسيات التي تشرف عليها السيدة نضال الاشقر، ستتنوع بين الشعر والطرب والغناء والتمثيل والحكواتي.
وتتوزع امسيات مسرح المدينة الرمضانية وفقا للجدول الظاهر في الصورة ادناه.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook