عنف اقتصادي ومعنوي من نوع اخر.. وتجربة سامي جلول تكسر القواعد
تفرض أحيانا مسارات الحياة الصعبة على المواطن التكيف السلبي مع الواقع، فتضعه امام خيارات أحلاها بطعم مرارة العلقم. وفي المقابل ثمة اشخاص يخلقون من التحديات فرصا وكفاحا ونجاحا، فتجدهم يسبحون عكس التيار الى اهداف النجاح. والنماذج على ذلك كثيرة في عالم يأتي تحت مسمى ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان.
هي حكاية صمود وأمل، ودعوة الى السعي خلف الاحلام كي لا تنقطع مهما كانت الصعوبات. وعلى الرغم من أنّ الألم أصعب بكثير من التخيل، استطاع الصحافي والمذيع في الإذاعة اللبنانية سامي جلول أن ينال درجات من الامتياز بنجاحه في نيل شهادة الدكتوراه بقسم التاريخ من الجامعة اللبنانية بعد 7 سنوات من الاجتهاد والصعوبات، ليفتح النقاش مجددا على الصعوبات التعليمية والكفاءات لذوي الاحتياجات الخاصة وضرورة الالتفات الى وضع هذه الفئة من الناس. فسامي شاب كفيف منذ الولادة، راهن على النجاح وفعلها.
ليست قصة سامي الوحيدة حتما، ولكنها الأقل تراجيديا، فثمة روايات كثيرة لأشخاص لم تسعفهم ظروفهم على الاستمرار، ووضعت في دربهم العوائق والاحجار، فغابت التسهيلات التي يرجونها وغاب الدعم أقله بكلمة من قريب يقول “أكمل الطريق والله لا يضيع تعب أحدا“.
طاقات كبيرة
يروي جلول تجربته في حديث لـ”لبنان 24” واختياره لواحدة من اصعب الأبحاث في علم التاريخ والتي تحتاج الى الكثير من المصادر، ما أضاف صعوبات كثيرة الى عمله إضافة الى الصعوبات الأخرى واهمهما على مستوى عدم تجهيز المكتبة بأجهزة خاصة للمكفوفين، ما يصعب من المسألة ويجعل طالب الجامعة اللبنانية من ذوي الاحتياجات الخاصة يعاني اكثر. وفي المقابل يتحدث جلول عن فرحة مضاعفة بنجاحه بسبب كل هذه التحديات التي واجهها، واصراره على استكمال الدكتوراه في الجامعة اللبنانية “ليس فقط لأنها جامعة الفقراء بل لأنها جامعة المجتهدين” على حد قوله. ويتحدث سامي أيضا والذي يعمل مراسلا اخباريا ويحاول دائما ان يكون صوت الأشخاص الذين لا قدرة لهم على إيصال معاناتهم الى المسؤولين، ويقول “هناك طاقات كبيرة تفوق قدرتي ولكن للأسف ربما لم يجدوا الدعم الذي وجدته انا بكافة اشكاله، وخصوصا من بعض الأشخاص الذين كانوا الى جانبي وآمنوا بقدراتي وطاقاتي“.
تجهيزات خاصة
ونال الطالب سامي محمد جلول شهادة الدكتوراه في قسم التاريخ من الجامعة اللبنانية بدرجة جيد جدا، بإشراف الدكتور عصام الحاج علي، الذي يؤكد انّه لو كان بالإمكان أن نضع “ممتاز” بدلا من الجيد جدا لكانت هذه درجة سامي ويستحقها بجدارة. ويتحدث الحاج علي لـ”لبنان 24″ عن الصعوبات التي مرّ بها جلول، كاشفا انّ بعض الأشخاص نصحوه بأن لا يتابع البحث معه لأنه سيكون متعبا جدا، ولكنه اصرّ على الاشراف على أطروحته. ويقول: “استطاع ان يحقق جلول ما لم يحققه البعض، وهنا نطالب الوزارات المعنية والجامعة اللبنانية بأن تسعى ونعلم حتما الصعوبات والتكلفة، ولكن نأمل منهم ان يوفروا أقله بعض التجهيزات لطلاب الاحتياجات الخاصة، فهؤلاء يتمتعون بقدرات كبيرة وتحتاجهم أيضا الجامعة اللبنانية في مجال التدريس“.
عنف اقتصادي ومعنوي
إذا، هو عنف من نوع اخر يواجه الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، عنف قد يكون اقتصاديا او غير مجدول أصلا على سلم الأولويات. عنف لن يسمح لبعض الطلاب بتجاوز الاختبارات او حتى الوصول الى قاعة الجامعة او المدرسة لان الطريق المؤدي اليها لا يسمح لهم، في ظل وجود الكثير من الادراج في الجامعات وهذا يعتبر من أكثر العوائق الصعبة، على الرغم من ان بعض الجامعات اجرت تعديلات او وضعت مساعدات لوجستية تسمح للطلاب ذوي الهمم من الدخول الى القاعات والى ما هنالك من مساعدات اخرى.
وفي المقابل، فانه حتما ثمة كثير من المشاكل لإجراء تعديلات على الجامعات من حيث الهندسة، فغالبية هذه الكليات كانت مباني عادية عند استئجارها وتم تحويلها الى جامعات. وإذا ما تخطينا مسألة التعليم، فهناك مسألة أصعب بكثير وهي سوق العمل، وهناك تكمن المشكلة الحقيقية للطلاب من ذوي الاحتياجات الذين يتخذون القرار الأصعب بالنسبة إليهم ولا يستكملون علمهم لمعرفتهم المسبقة بأنهم سيواجهون صعوبات وتحديات كبيرة في سوق العمل. وهكذا يكبر هذا العنف الذي يعاني منه ذوو الاحتياجات الخاصة في لبنان.
في القانون
وينص القانون اللبناني 220/ 2000 المتصل بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ضمان الفرص المتكافئة للتربية والتعليم لجميع الأشخاص المُعوَّقين من اطفال وراشدين، ضمن كل المؤسسات التربوية أو التعليمية من اي نوع كانت، وذلك في صفوفها النظامية وفي صفوف خاصة إذا استدعي الأمر، بسحب المادة 59 منه.
وينص القانون أيضا: “تغطي الدّولة، نفقات التعليم والتربية الخاصة أو التأهيل المهني للمُعوَّقين بطلب خاص من وزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك من خلال عقود تنفذها مع المؤسسات المعنية. ويعطى كل طالب انتساب حامل بطاقة المُعوَّق الشخصية فرصة تمكنه من متابعة الدراسة في المؤسسة التربوية أو التعليمية التي يختار، وذلك بتأمين الشروط الفضلى، التي تسمح له بإجراء امتحانات الدخول، وسائر الامتحانات خلال العام الدراسي في كل المراحل المدرسية والمهنية والجامعية”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook