استجواب مدير تيك توك.. حرص على بيانات الأمريكيين أم تضارب مصالح؟ | سياسة واقتصاد | تحليلات معمقة بمنظور أوسع من DW | DW
جلسة عاصفة عقدتها لجنة استماع بالكونغرس الأمريكي للمدير التنفيذي لتطبيق تيك توك شو زي تشو، واستمرت خمس ساعات بسبب مخاوف متصاعدة لدى الحكومة الأمريكية من تعرض بيانات أكثر من 150 مليون مستخدم أمريكي للسرقة والاستغلال من قبل الحكومة الصينية.
أسئلة مثيرة للسخرية
لكن الجلسة شهدت عدداً من أسئلة نواب الكونغرس، لا تدل إلا على غياب تام للمعلومات بشأن التطبيق وبطريقة عمله.
فعلى سبيل المثال كان من الأسئلة “هل لدى التطبيق إمكانية الدخول إلى الإنترنت المنزلي Wi Fi وهو السؤال الذي وجهه النائب ريتشارد هدسون عن ولاية كارولينا الشمالية. كما سُئل تشو عن سبب رغبة التطبيق في التركيز على أعين المستخدمين عند استخدام المحسنات البصرية الملحقة به Filters .
هذه الاسئلة الغريبة التي وجهها النواب جعلت مئات المستخدمين الأمريكيين ينشرون فيديوهات ساخرة رداً عليها (الأسئلة) ، متهمين أعضاء الكونغرس بالانفصال عن التكنولوجيا وعدم الإدراك لكيفية عمل شركات التكنولوجيا وتطبيقاتها حتى داخل الولايات المتحدة نفسها.
طبيعة الأسئلة ولهجة الهجوم الحادة، دعت أيضاً شبكة سي إن إن الأمريكية لنشر تقرير جمعت فيه عدداً من التعليقات الساخرة التي انتشرت على منصة تيك تيك من خلال فيديوهات قام بإنتاجها مستخدمون أمريكيون وجهوا انتقادات شديدة لأعضاء لجنة الاستماع، وتساءلوا عن قدرات الأشخاص الذين قاموا بانتخابهم ليتولوا تشريع القوانين ومساءلة الحكومة فيما هم يفتقدون للمعلومات الأولية عن الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية.
وفي فيديوهات متعددة، عبر أمريكيون عن قلقهم من أن محاولات الكونغرس الأمريكي قد تأتي للحد من حرية التعبير وأن كل تلك المحاولات تتعارض بشكل كامل مع التعديل الأول في الدستور الأمريكي الخاص بحرية الرأي، فيما هدد آخرون بتصعيد الأمر للمحاكم إذا ما تم حظر التطبيق داخل الولايات المتحدة.
جماعات ضغط .. وتضارب في المصالح
كان أسلوب الأسئلة وطريقة توجيهها حادة بشكل أثار تعجب من تابعوا الجلسة، بل حتى أن عدداً كبيراً من المستخدمين الأمريكيين للتطبيق تساءلوا عن سر هذا الهجوم الضاري غير المسبوق على تطبيق يتم استخدامه داخل الولايات المتحدة بشكل لم يتعرض له حتى مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة ميتا المالكة لفيسبوك.
لكن خلال الأيام الماضية نشر عدد من النشطاء الامريكيين فيديوهات حملت وثائق تثبت أن بعض النواب الأمريكيين الذين شاركوا في جلسة الاستجواب لديهم أسهم في شركات التقنية الأمريكية العملاقة ومنها فيسبوك وغوغل وسناب شات وتويتر، وأن هذه الشركات الكبرى تضررت للغاية من تناقص حصيلة الاعلانات لديها لحساب تيك توك، رغم محاولاتها المستميتة لإنتاج تطبيقات وتحديثات مشابهة له.
وأشار مستخدمون أمريكيون للتطبيق إلى أن ذلك يعني أن الهجوم العنيف للنواب في الجلسة لم يكن دفاعاً عن بيانات المواطنين الامريكيين، وأن الأمر يحمل في طياته تضارباً واضحاً للمصالح.
ويشير تحقيق نشره موقع بيزنس إنسايدر على سبيل المثال إلى أن النائب الجمهوري بليك مور عن ولاية يوتاه لديه أسهم في غوغل. كما أن النائبة الديمقراطية كاثي مانينغ عن ولاية نيويورك لديها أسهما في كل من غوغل وميتا وأن النائب الجمهوري روبرت ويتمان عن ولاية فيرجينيا لديه أسهما في غوغل، كما نشر نشطاء تغريدات تتحدث عن ملكية النائب الجمهوري دان كرينشو أسهماً في شركات ميتا وآبل وأمازون.
لكن أيضاً على الجانب الآخر، تفيد التقارير بأن تطبيق تيك توك أنفق العام الماضي وحده أكثر من 5.3 ملايين دولار على جماعات الضغط لتحسين صورته والترويج لنفسه وفقا لمؤسسة “أوبن سيكرتس” (Open Secrets)، وهي منظمة غير ربحية تتعقب الإنفاق على جماعات الضغط.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، قامت شركة بايت دانس المالكة للتطبيق بنقل أكثر من 30 من مشاهير تيك توك إلى واشنطن للدفاع عن التطبيق وزيادة شعبيته بين الأمريكيين.
مخاوف أمريكية وأوروبية عميقة
المخاوف الأمريكية ليست هي الوحيدة، فالقلق نفسه اعترى عدة حكومات أوروبية للسبب نفسه، ويجمع الكل الخوف ذاته من مدى نفوذ السلطات الصينية في التطبيق واستغلال بيانات المستخدمين الأوروبيين والامريكيين أو حتى التجسس على هواتفهم، خاصة وأن الصين مصنفة كإحدى الدول الديكتاتورية التي لا تلتزم بمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
وأثار البعض المخاوف بشأن قانون تم إقراره في الصين عام 2017 يلزم الشركات الصينية بإعطاء البيانات للحكومة ويجبرها على “تسليم أي بيانات شخصية ذات صلة بالأمن القومي الصيني”.
وبحسب موقع “تيك كرانش” التقني المتخصص، فإن تيك توك قام بتحديث سياسة الخصوصية الخاصة به “للسماح للتطبيق بجمع البيانات الحيوية عن المستخدمين في الولايات المتحدة”، لكن الشركة قالت إنها تستخدم المقاييس الحيوية فقط لتأثيرات الفيديو Effects ولن يتمكن موظفو بايت دانس (الشركة المالكة للتطبيق) في الصين من الوصول إليها.
وتخشى السلطات الأمريكية بشدة من تأثير التطبيق على توجهات الرأي العام الأمريكي، خاصة ما يتعلق باستخدامه للترويج للدعاية والمعلومات المضللة المؤيدة لبكين، وهو الأمر الذي حذر منه بالفعل مدير مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” كريستوفر راي خلال جلسة استماع بالكونغرس قبل شهرين.
وكانت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا) قد حذرت من مواجهة مخاطر كبيرة عند استخدام تطبيق تيك توك. وقال نائب رئيس الهيئة: “عندما تنظر إلى نطاق البيانات وبيانات التعريف والمحتويات على تيك توك من ناحية، وعندما تتفحص نوعية إمكانات التأثير التي تمتلكها هيئات حكومية على مثل هذه الشركات من ناحية أخرى، حينئذ سيثير ذلك المخاوف، وهذا ما أعاني منه”.
ولهذه الأسباب، حظرت الولايات المتحدة وكندا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي – ومنها ألمانيا- تحميل التطبيق على الهواتف الخاصة بالموظفين الحكوميين وأعضاء البرلمانات لهذه البلاد، خوفاً من أي عمليات تسلل أو اختراق أو سرقة بيانات قد تقف خلفها الحكومة الصينية من خلال تيك توك.
تحذير أمريكي
وكان البيت الأبيض قد طالب تيك توك بسحب استثماراته من شركة بايت دانس الصينية، أو مواجهة عقوبة شديدة في الولايات المتحدة، بما في ذلك إمكانية الحظر التام للتطبيق داخل البلاد، لكن بكين قالت إنها ستعارض البيع الإجباري للتطبيق من مالكيها الصينيين.
وقالت وزارة التجارة الصينية إن البيع القسري للتطبيق قد يضر بثقة المستثمرين الصينيين في الولايات المتحدة، وأضافت أن أي بيع لتيك توك يندرج تحت قضايا “تصدير التكنولوجيا” التي يجب التعامل معها وفقا للقانون الصيني، وبموافقة حكومة بكين.
لكن على الجانب الآخر، وجه مستخدمون أمريكيون للتطبيق من خلال فيديوهات اتهامات لعدد من نواب لجنة الطاقة والتجارة الذين شاركوا في جلسة الاستجواب بتضارب المصالح خاصة وأن عدداً من الأسئلة أثار الكثير من الشكوك والريبة حول الهدف من الاستجواب وما إذا كان مرتبطاً بعملية ضغط lobbying قد تقف خلفها شركات التقنية الأمريكية.
وأشار النائب الجمهوري نيل دان إلى إفصاح الشركة في ديسمبر/كانون الأول عن أن بعض موظفي بايت دانس المقيمين في الصين اطلعوا بشكل غير مصرح به على بيانات مستخدمين اثنين، وهما صحفيان، قبل إنهاء خدماتهم. وكرر سؤاله حول ما إذا كانت بايت دانس تتجسس. ورد شو: “لا أعتقد أن التجسس هو الطريقة الصحيحة لوصف ما حدث”.
فيما قال رئيس مجلس النواب، الجمهوري كيفين مكارثي في تغريدة “إنه أمر مقلق جداً أن الرئيس التنفيذي لتيك توك لا يستطيع أن يقول الصدق ويعترف بما نعرفه بالفعل أنه صحيح، وهو أن لدى الصين الحق في الوصول إلى بيانات مستخدمي تيك توك”.
وأكد مكارثي أن النواب سيمضون قُدماً في إصدار تشريع لمعالجة مخاوف الأمن القومي بشأن تيك توك، زاعماً أن الحكومة الصينية تطلع على بيانات مستخدمي التطبيق.
تعهدات تيك توك
خلال جلسة الاستماع، أشار المدير التنفيذي للتطبيق إلى أن بيانات المستخدمين يتم التعامل معها بشكل آمن يمنع سرقتها، وألمح خلال حديثه إلى فضيحة “فيسبوك- كامبريدج اناليتيكا” التي باع فيها فيسبوك بيانات ملايين المستخدمين الأمريكيين والتي يتردد كثيراً الحديث عن استغلالها بالفعل في الانتخابات الامريكية، رداً على اتهامات نواب الكونغرس بشأن إتاحة التطبيق بيانات المستخدمين للحزب الشيوعي الصيني.
من جانبه، ولتهدئة المخاوف الأمريكية، أكد المدير التنفيذي للتطبيق أن الشركة تعمل على تنفيذ مشروع عملاق بتكلفة مليار دولار أمريكي أطلق عليه اسم “مشروع تكساس Project Texas” ويهدف إلى توجيه البيانات التي تأتي من المستخدمين الأمريكيين إلى خوادم داخل الولايات المتحدة فقط وعدم توجيهها إلى خارج البلاد.
وحسب هذا المشروع يتم حذف تلك البيانات أولاً بأول ما يعني عدم إمكانية اطلاع السلطات الصينية عليها، وأن الشركة المسؤولة عن عمل الخوادم هي شركة أوراكل الأمريكية العملاقة.
كما أكد المدير التنفيذي لتيك توك أن شركة بايت دانس ليست شركة صينية وإنما تتوزع حصص الملكية فيها بين 60% من المستثمرين الدوليين، و20٪ من الموظفين و20٪ من رواد الأعمال الصينيين الذين قاموا بتأسيس الشركة التي لها مكاتب في بكين.
ونشر شو زي تشو فيديو على حسابه في تيك توك يشكر فيه مستخدمي التطبيق على تعليقاتهم بشأن شهادته أمام لجنة الكونغرس، مكرراً تعهده بحماية بيانات كافة المستخدمين.
يذكر أن المدير التنفيذي لتطبيق تيك توك شو زي تشو هو مواطن سنغافوري ولد لأبوين صينيين ويبلغ من العمر نحو 40 عاماً وهو ضابط احتياط خدم في جيش بلاده ودرس في في لندن وفي جامعة هارفارد الأمريكية.
كما تولى عدة مناصب في شركات مختلفة ومنها منصب المدير المالي لشركة شاومي شاومي Xiaomi الصينية العملاقة كما تدرب لفترة في شركة فيسبوك وعمل في بنك غولدمان ساكس في بريطانيا.
عماد حسن
document.addEventListener(“DOMContentLoaded”, function (event) {
if (DWDE.dsgvo.isStoringCookiesOkay()) {
facebookTracking();
}
});
function facebookTracking() {
!function (f, b, e, v, n, t, s) {
if (f.fbq) return;
n = f.fbq = function () {
n.callMethod ?
n.callMethod.apply(n, arguments) : n.queue.push(arguments)
};
if (!f._fbq) f._fbq = n;
n.push = n;
n.loaded = !0;
n.version = ‘2.0’;
n.queue = [];
t = b.createElement(e);
t.async = !0;
t.src = v;
s = b.getElementsByTagName(e)[0];
s.parentNode.insertBefore(t, s)
}(window, document, ‘script’,
‘https://connect.facebook.net/en_US/fbevents.js’);
fbq(‘init’, ‘157204581336210’);
fbq(‘track’, ‘ViewContent’);
}
مصدر الخبر
للمزيد Facebook