هكذا رفعت كريستا ماريا أبو عقل اسم لبنان عاليًا
بعيدًا من السياسة اللبنانية المحلية، وما فيها من تعقيدات واختلافات وتفاوت في الآراء؛ وبعيدًا من الأجواء الخطيرة التي سادت في الساعات الأخيرة على خلفيات طائفية بغيضة، وقفت بالأمس فتاة من لبنان هاجرت مع أهلها إلى كندا، كما غيرها كثيرون من أبناء جيلها وبناتها، على منصة “ذا فويس” (أحلى صوت) بنسخته الكندية. واثقة من نفسها إلى حدّ الإيمان بما تقدّمه من نجاحات متتالية، راكمت من خلالها عشقها للموسيقى منذ أن كانت طفلة بعمر الورود، وضمنت لنفسها في بيئة لا تشبه بيئتها مستقبلًا باهرًا. تأقلمت مع بيئتها الجديدة بإرادة الواثق من نفسه، فكانت منها ولها، ولكن من دون أن تذوب فيها، بل حاولت بما اكتسبته من إرث روحي وثقافي وتربوي أصيل، أن تكون مؤثرّة في محيطها، فطبعته بطابعها الخاص؛ بعفوية وبساطة لافتتين. وبهذه العفوية وبتلك البساطة، وما بينهما من موهبة فذّة، استطاعت أن تخطف اعجاب لجنة الحكم والجمهورين الكندي واللبناني.
مرة جديدة استطاعت كريستا ماريا أبو عقل، ابنة الزميلة جاكلين جابر، ان تسرق منا لحظة انبهار ودهشة، واستطاعت بحضورها وعذابة صوتها، أن تحجز مكاناً لها في مرحلة نصف النهائيات من هذا البرنامج الكندي.
منذ أن وطأت قدماها الأراضي الكندية حلمت كريستا ماريا بهذه اللحظة؛ عملت بكدّ لتحقيق حلمها. ثابرت وجاهدت ووصلت. استثمرت موهبتها وصوتها المميز فزادت عليهما معرفة معمقة بالموسيقى في جامعة مونتريال، التي أمن المسؤولون فيها بما لديها من طاقات استثنائية، فكان لها ما أرادت. وقد زادها العلم ثقافة موسيقية، وثقة بالنفس بما عليها أن تحققه من نجاحات، وهي التي تحاول أن تشق طريقها بنفسها، وبمساعدة وتشجيع من أهلها، وأن تحقق أحلامها الوردية.
فنجاح كريستا ماريا بالأمس، وهي حصدت أعلى نسبة علامات (107) في تاريخ هذا البرنامج في هذه المرحلة، التي تسبق النصف النهائيات، عنى الكثير لجميع اللبنانيين، في الداخل والخارج، وبالأخص اللبنانيين الموجودين على الأراضي الكندية، الذين صوتّوا لها بكثافة، اولًا لأنها لبنانية وتمثّلهم خير تمثيل، وثانيًا لإيمانهم بموهبتها الواعدة.
في كل مرّة كانت كريستا ماريا تطلّ على الاعلام بعد كل فوز لها لم تكن تنسى أن تذكر وطنها الأول، لبنان. فهي منه عصفورة في فضاء الابداع، وهي له في ما امتلكته من مواهب لا تنسى أن تشكر الله عليها.
بالأمس لم تنجح كريستا ماريا وحدها، بل نجح معها كل لبناني مقيم ومهاجر. هي أهدت هذا النجاح لوطنها المعذّب، ولأهلها الساهرين على تنمية هذه الموهبة بمحبة واحتضان، ولمواطنيها اللبنانيين الذين يعيشون في غربة بعيدة عن وطن يريدون له أن يكون فوق كل الأوطان.
كريستا ماريا، التي غنت بالأمس وعلى خشبة “ذا فويس”، J’ai quitté mon paysللمغني انريكو ماسياس، ثم أتبعتها بأغنية للسيدة فيروز “نسمّ علينا الهوا”، أبدعت وأدهشت، وأنستنا للحظات مآسي وطننا المرفوع على خشبة الأهواء والمصالح والانانيات وقلّة المسؤولية.
غنّت كرسيتا ماريا بالأمس باسم كل لبناني، مقيمًا كان أم مهاجرًا. غنّت للبنان، وردّدت مع زاد الخير “وعدي الك وعد الصوت غني الك وخلي الدني تغني لك وندروني الك”.
فإلى المزيد من النجاحات لكِ كريستا ماريا، ولنا نحن اللبنانيين المغتربين. بك نكبر، ومعك سنخوض معركة النجاح. وسيكون حليفنا في نهائيات “ذا فويس”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook