سلامة من الاتهام إلى الهجوم: أيّ رسائل وجّهها الى السياسيين؟
لم يكتفِ سلامة برفض اعطاء الجلسات طابع الاستجواب او التحقيق، فأعلن انه حضر بصفة مستمَع اليه، لا كمشتبه به ولا كمتّهم. في رده على الاتهامات الموجهة اليه، في ملف شركة “فوري”، فصل بين حسابه الشخصي في مصرف لبنان والحسابات التي تودع فيها الاموال العائدة للمصرف، موثّقاً مسألة عدم تحويل اموال من “المركزي” الى حسابه، ومثبتاً ان التحويلات الخاصة به مصدرها حسابه الشخصي.
في هذا الشقّ من الدعوى، نُقل عن سلامة ارتياحه الى قوة حجته. فالرجل وفق الحلقة القريبة منه، أذكى من ان يسقط في اخطاء كتلك الموجهة اليه. ولكن ما يقلق سلامة منبعه مكان آخر، له علاقة بالخلفية السياسية التي يعتبر انها تقف وراء تحريك الدعاوى، كما جاء في بيانه المقتضب جداً وانما الحافل بالرسائل ايضاً.
فالبيان يشير الى ان سلامة “لمس لأكثر من عامين سوء نية وتعطش للادعاء عليه، من خلال حملة اعلامية مستمرة تبنّتها بعض الوسائل الاعلامية والتجمعات المدنية منها أوجدت غب الطلب لتقديم إخبارات في الداخل والخارج وذلك للضغط على القضاء والمزايدة عليه”. وفي البيان أيضًا اتهام لمدنيين وصحافيين ومحامين “يدّعون انهم قضاة يحاكمون ويحكمون بناء لوقائع قاموا بفبركتها، وواكبهم بعض السياسيين من اجل الشعبوية اعتقاداً منهم ان هذا الامر يحميهم من الشبهات والاتهامات، أو أنه يساعدهم على طمس ماضيهم أو يعطيهم عذراً لاخفاقاتهم في مواجهة الازمة وحلّها”.
في القراءة بين سطور البيان، يتضح ان سلامة يوجه اصبع الاتهام في اتجاه “التيارالوطني الحر” الذي كانت له اليد الطولى في قيادة الحملة ضده. لكن عدم تسمية الامور بأسمائها يُفسح في المجال واسعاً امام المخيلة لتوجيه الاتهام الى ايّ من القوى السياسية التي تسعى الى “طمس” الماضي، او تبرير الاخفاق في الحل. والكلام عن الماضي يذهب حكماً الى مرحلة أبعد من الماضي القريب، ما يجعل غالبية القوى السياسية في مرمى اتهاماته.
الضغوط، على اهميتها، لم تجعل القلق يتسلل الى قلب الحاكم. وما لهجته العالية النبرة وهجومه على السياسيين إلا في هذا السياق. فهو يستند الى مجموعة معطيات تضفي الطمأنينة على تحركه.
اولها انه تمكن عقب جلسات الاستجواب من التأكد ان ما يملكه القضاء الاوروبي لا يرقى الى الاتهامات المساقة ضده، ولن تصل الى حد زجّه في السجن، منطلقا في هذه القناعة بأنه بريء من الاتهامات وغير متورط فيها.
يدرك سلامة كذلك ان التخلي عنه على رأس الحاكمية عندما تنتهي الولاية لا يعني ولن يصل الى حد تسليم رقبته. وهذا نتيجة التسوية التي قضت بخروجه من “المركزي” فور انتهاء ولايته. وهذا الموقف لا يقتصر على سلامة فحسب وانما تم ابلاغه الى كل رؤساء الاجهزة والمؤسسات ومفاده التسليم بانتهاء الولاية والذهاب الى المنزل.
وعليه، هي أشهر قليلة حتى تموز المقبل كي ينتقل سلامة من الحاكمية الى مكان لا تزال وجهته مجهولة!
وفي سياق متصل كتبت” نداء الوطن”: أنّ السلطات القضائية السويسرية تتابع ما ستتوصل إليه التحقيقات النهائية الجارية في القضية المتصلة بسندات خزينة لبنانية (يوروبوندز) تبلغ قيمتها 153 مليون دولار، جرى تحويلها من بنك سويسري إلى بنك لبناني بطريقة “لا تسمح بتتبع المحاسبة والتدقيق فيها وفق الأصول”، كما جاء في طلب التحقيق.وفي تفاصيل القضية، أنّ حاكم “المركزي” كان قد فتح في العام 2008 حساباً باسم مصرف لبنان في بنك “يوليوس باير” السويسري، مع إبقاء نفسه “المخوّل الوحيد” بالتوقيع! الأمر الذي استغربته السلطات السويسرية. ولاحقاً في شهر نيسان من العام 2012 تلقى البنك السويسري أمراً من سلامة بتحويل السندات الى “بنك عودة”، في عملية مصرفية وصفها القيّمون على بنك “يوليوس باير” أمام المحققين “بأنها تحمل خصائص غير مألوفة وغير واضحة كفاية”.وتشير مصادر مطلعة على مجريات التحقيق إلى أن “البنك السويسري لم يستطع التأكد من سداد قيمة تلك العملية التي أنجزت في وقت قياسي (يوما عمل)، كما انه لم يعرف الشاري، ولم يتمكن من معرفة ما إذا كان السعر متوافقاً مع أسعار السندات في الأسواق خلال تلك الفترة”. ولدى محاولة الاستفسار عن طبيعة هذه العملية التي أثارت الشبهات في سويسرا، قلّلت مصادر لبنانية متابعة لـ”نداء الوطن” من أهمية هذا التحقيق “الذي مضى عليه وقت غير قليل”، ورفضت الخوض في تفاصيل القضية، مكتفيةً بالقول: “العملية صحيحة من وجهة نظر مصرف لبنان”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook