آخر الأخبارأخبار محلية

حزب الله.. هل سيُغيَّر سلوكه مع السعودية؟

من دون أدنى شك، شكّل الإتفاق السعودي – الإيراني الأخير لبنةً أساسيّة لـ”تسويات جديدة” يُمكن أن تؤسس لواقع جديد عنوانه “التهدئة” في المنطقة العربية ككل. أما على صعيد لبنان بالتحديد، فإنّ الأمور قد تتخذ طابعاً جديداً من المقاربات، فجميع الأطراف فيه مدعوة اليوم لتلقّف المسار الجديد والعمل معه بعيداً عن “العصبية” أو “الهجومية”، لأن الوقت ليس لصالح أحد في ظلّ أزمات إقتصادية وسياسية متفاقمة.


على صعيد “حزب الله” في لبنان، فإنّ دوره لن يكون عادياً على صعيد التسوية السعودية – الإيرانية.. وعموماً، فإن الحزب، باعتباره لاعباً إقليمياً، وجد نفسه اليوم أمام مرحلةٍ جديدة مع جهة كانت “خصماً أساسياً” له، والسؤال الذي يُطرح اليوم: كيف سيتعامل معها بعد آخر تقاربٍ حصل بينها وبين إيران، وهي الدولة التي تدعمه؟

في بادئ الأمر، لا يمكن لأي أحدٍ أن يستبعدَ وجود إسم “حزب الله” ضمن التسوية بين إيران والسعودية. فباعتراف الجميع، يعدّ الحزب عنصراً مفصلياً في سياق حرب اليمن، إذ لعبَ دوراً أساسياً عبر المواقف والدعم اللوجستي والعسكري للحوثيين هناك، إما عبر الخُبرات أو الخبراء. وبكل تأكيد، فإنّ الحزب كان ورقة ضغطٍ أساسية في التقارب كما أن تأثيره على الحوثيين كبيرٌ جداً، وعندما يذهب هؤلاء نحو التهدئة، عندها ترتاح السعودية وتتحقق التسوية الفعّالة التي تريدها مع إيران بعد آخر اتفاق حصل. وعليه، فإنّ الحزب سيكون حاضراً على طاولة المفاوضات المُكمّلة للإتفاق، وبالتالي فإنّ استبعاده سيكون صعباً جداً.  

على صعيدٍ آخر، فإنّ ما قامت به السعودية قد يروق تماماً لـ”حزب الله”، ليس لأن المملكة اتفقت مع إيران فحسب، بل لأنّها كسرت بخطوة التوافق، نمطيّة ما يعتبرها “هيمنة أميركية على القرار في العالم العربي”. وببساطة، فإنّ السعودية أبرمت اتفاقها مع إيران من البوابة الصينية التي لطالما روّج “حزب الله” لها، ما يعني أنّ الولايات المتحدة، المناوئة للصين، كانت خارج المعادلة تماماً. هنا، فإنَّ التبدلات ستكون كبيرة خصوصاً أن السعودية اتجهت “شرقاً” للتقارب مع إيران التي تواجهها أميركا، ولم تستعِن بأي دولة غربية لذلك ما يعني استقلالية واضحة في القرار وجرأة أكبر على التنفيذ.  

وأمام كل هذه الأمور، فإنّ ما تُقدِمُ عليه السعودية يستحقّ التفكير قليلاً، إلا أنّ ما جرى من تطوراتٍ متلاحقة يفرض على “حزب الله” مقاربة كيفية تعاطيه لاحقاً مع السعودية التي أعادت التأكيد أيضاً على وجوب “محاورة” النظام السوري، حليف الحزب الأول والأساسيّ… وعليه، فإن “المحفزات” للحزب كثيرة، فالأطراف التي يؤيدها باتت تحظى بقبول سعودي، وبالتالي فإنّ مهاجمة الطرف الأخير ستنحصرُ حكماً لأن الظروف اليوم هي ظروف توافق لا ابتعاد.  

داخلياً وعلى الصعيد اللبناني، فإنّ “حزب الله” قد يجدُ نفسه أمام خطابٍ جديد “هادئ” تجاه السعودية، وهذا الأمر مطلوبٌ بشدّة. فاليوم، ووسط التسويات القائمة، فإنّ مصلحة لبنان تقتضي عدم مخاصمة السعوديّة التي ما زالت تدعمه على أكثر من صعيد، وما يعيهِ الحزب تماماً هو أنّ المملكة قررت عدم التدخل مباشرة في الملفات الداخلية من بواباتها العريضة، بل تكتفي بإعطاء نصائحها المرتبطة بالمواضيع الطاغية، وأبرزها الإستحقاق الرئاسي.  أما الأمر الأهم فهو أنّ المملكة ربطت دعمها المباشر للبنان عبر المشاريع الإنسانية المختلفة والتي تصل مباشرة إلى المواطنين، في حين أنّها لم تفرض شروطاً تعجيزية للتعامل مع بيروت، بل كان المطلب الأساس لديها هو عدم تحول لبنان إلى مقر ومستقر لأنشطة تؤثر على الخليج وأمنه.  

أمام كل ذلك، فإنّ “حزب الله” سيجدُ نفسه مسؤولاً عن خطابٍ جديد أكثر “ليونة”، وما لا يمكن نكرانه أيضاً هو أنّه ليس من مصلحة لبنان أن يُبادر الحزب لمُهاجمة السعودية مُجدداً لأن هذا الأمر سيفتح الباب أمام خضّات جديدة وسلسلة من الأمور غير الإيجابية أقله على الصعيد السياسي. مع هذا، فإنّ الحزب بات ملتزماً اليوم عدم المضي في المواجهات المباشرة مع أي طرفٍ يمكن أن يؤثر على وضع لبنان المأزوم، ما يعني أن منسوب التوتر العلني سيتراجع بانتظار التسوية المرتقبة. أما الأهم هنا هو أنّ الحزب بات يرى اليوم من جهة السعودية حواراً ديبلوماسياً بشأن اليمن، ما يعني انتفاء للغة العسكرية، الأمر الذي يُمهد لعلاقة أفضل في المستقبل القريب.

على الصعيد الإسرائيلي، فإنَّ اتفاق السعودية مع إيران يعد ضربة قاضية لتل أبيب، وهذا ما يريد “حزب الله” حصوله بكل قوة في المنطقة. والأساس هنا هو أنّ ما فعلته السعودية يؤكد مجدداً تمسكها بمضمون القضية الفلسطينية، ما يعني تعزيزاً لفكرة الصراع العربي – الإسرائيلي التي يغذيها الحزبُ بقوة في كل مناسبة.  

إذاً، ومع كلّ المعطيات القائمة، ما يتبين تماماً هو أن المفروض على الحزب تغيير طريقة مخاطبته للسعودية، فالظروف تُملي ذلك والتقارب الإقليمي يفرض هذا الأمر باستمرار بغض النظر عن انعكاسات ونتائج وآفاق العلاقة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى