نبيه برّي.. بين الجدل والتقدير
كتب صلاح سلام في” اللواء”: الجلسة مع الرئيس نبيه برّي بعد طول غياب، تُعيدك إلى أجواء رجال الدولة الذين يمارسون السياسة بمعايير وطنية، تراعي قواعد الصيغة اللبنانية، وتحترم تعددية الألوان السياسية والحزبية، في بلد ما زال يحمل هوية «النظام الديموقراطي»، رغم كل الأخطاء والخطايا التي إرتُكبت باسم الديموقراطية.
قد لا تتفق مع مواقفه السياسية، وقد لا تُعجبك إدارته للجلسات النيابية، ولكنك لا تستطيع إلا أن تحترم حنكته في التعاطي مع الأزمات، وأن تُعجب بقدرته على إخراج «أرانب» الحلول في الوقت المناسب، وبما يُفاجئ أحيانا الحلفاء والخصوم.
في زمن الإنقسامات الآذارية بين جبهتي ٨ و١٤ كان أول من أقام طاولات الحوار، التي إمتصت التوتر قبل بلوغه حافة الإنفجار، وأتاح للمتخاصمين في الساحات فرصة اللقاء وتبادل التحيات في غرفة الإجتماعات.
ثنائية حركة «أمل» مع «حزب الله»، لم تُقيّد حركته، ولم تُغيّر خياراته، ولم تُفقده حرية قراره. بقي على تواصل مع كل الأحزاب السياسية والكتل النيابية، فيما الحزب إكتفى بالتفاهم مع العونيين، وخاصم بقية الأطراف السياسية. وجوده في محور الممانعة لم يُبعده عن خطه العروبي، وكان المحاور الأول في فريقه مع سفراء القرار العربي. حافظ على حرية قراره السياسي، ولم يلتزم تعهدات حليفه مع رئيس التيار العوني، ولم ينتخب العماد عون لرئاسة الجمهورية، وأطلق نبوءته الشهيرة: نخشى أن نكون قد إنتخبنا رئيسين للجمهورية. وهذا ما حصل مع العماد وصهره المدلل.
مقاصديّ النشأة والتربية، تشرّب مبادئ الدين الحنيف التي لا تُفرّق بين مسلم وآخر، وفي ذكرى الإمام الصدر خاطب الجمهور المحتشد في ساحة النبطية: أنا شيعيّ الهوية وسنّي الهوى، فلعلعت سماء النبطية بهتافات: الله أكبر.
الوحدة الوطنية تسكن فؤاده. ويعتبر قانون الإنتخاب الحالي هو الأسوأ في تاريخ الجمهورية، ولا بد من قانون يأخذنا إلى دولة المواطنة بعيداً عن الطائفية ولعناتها. والحديث الطائفي عن تقسيم بلدية بيروت هو تقسيم للوطن كله، وهو مرفوض جملة وتفصيلاً.
قد يكون نبيه برّي شخصية مثيرة للجدل، ولكنه بالتأكيد شخصية تستحق الإعجاب والتقدير.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook