تفاؤل حذر في الشرق الأوسط بعد عودة العلاقات بين السعودية وإيران
نشرت في: 13/03/2023 – 22:10
يكتسي الإعلان عن التقارب المفاجئ الأسبوع الماضي بين الغريمين التاريخيين بالشرق الأوسط السعودية وإيران، أهمية بالغة بالنسبة للمسؤولين والمحللين السياسيين في المنطقة، لكنهم حذرون في تقييمهم للموضوع. فيما أتت لغة البيان مبهمة إلى حد ما، بما في ذلك تعهد كل جانب بعدم التدخل في “الشؤون الداخلية” للطرف الآخر واحترام سيادته.
أنهى الاتفاق السعودي الإيراني الذي كشف عنه النقاب الجمعة بوساطة صينية للمرة الأولى في المنطقة، قطيعة دبلوماسية دامت سبع سنوات بين الغريمين التقليدين وأدت لإشعال فتيل الاضطرابات في الشرق الأوسط.
وكانت إيران قد أعلنت الإثنين أنها مستعدة للبناء أكثر على التقارب الوليد مع السعودية، عبر إصلاح العلاقات مع مملكة البحرين، حليفة الرياض القوية.
وعلى غرار السعودية التي تقطنها أغلبية سنية، كانت قد علّقت البحرين، ذات القيادة السنية، العلاقات الرسمية مع إيران ذات الغالبية الشيعية في 2016 بعد مهاجمة متظاهرين إيرانيين مقرات دبلوماسية سعودية ردا على إعدام الرياض لرجل دين شيعي.
هذا، وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني “علينا أن نثق في طريق الدبلوماسية وأن نتخذ خطوات في هذا الاتجاه”، مشددا على “الأجواء الإيجابية التي نراها في المنطقة“.
وعلى الضفة المقابلة من الخليج، شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الإثنين على أنه لا تزال هناك الكثير من النقاط الحساسة التي يجب معالجتها في العلاقة بين البلدين.
وقال الأمير فيصل لصحيفة الشرق الأوسط السعودية إن “الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسية لا يعني أننا توصلنا إلى حل لجميع الخلافات بيننا“.
وتابع “بل هو علامة على إرادتنا المشتركة لحلّها من خلال التواصل والحوار والوسائل السلمية والدبلوماسية“.
ومن المتوقع أن يغير هذا التقارب، مهما كانت طريقة حدوثه، حركية القوى في بؤر التوتر من اليمن جنوبا إلى لبنان شمالا.
وفي الرياض، على وجه الخصوص خيّم نوع من التفاؤل الحذر على ردود الفعل. إذ كتب فيصل عباس رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز الصادرة بالإنكليزية في مقاله اليومي “إذا حافظت طهران على وعودها في الاتفاق، فقد يشكل تغييرا حقيقيا للعبة، يبشر بحقبة من السلام والازدهار الإقليمي لم تشهده (المنطقة) منذ عقود“.
مضيفا “بالطبع، لا زال الوقت مبكرا، يجب أن تكون هناك فترة لبناء الثقة، وإجراءات على الأرض لترسيخ الاتفاق“.
ما هي الخطوة المقبلة؟
وإلى ذلك، يحدد بيان الجمعة المفاجئ، الذي صدر بعد محادثات مباشرة في بكين، فترة شهرين للجانبين لاستئناف علاقاتهما رسميا وإعادة فتح البعثات الدبلوماسية.
لكن عدا ذلك، فقد أتت لغة البيان مبهمة إلى حد ما، بما في ذلك تعهد كل جانب بعدم التدخل في “الشؤون الداخلية” للطرف الآخر واحترام سيادته.
وللعلم، ما سيحدث بعد ذلك في اليمن، حيث تقود السعودية تحالفا عسكريا منذ ثماني سنوات ضد الحوثيين المدعومين من إيران، سيقدم مؤشرات على مدى عمق هذه الوعود.
هذا، وكان الحوثيون قد أعلنوا في السابق مسؤوليتهم عن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على منشآت نفطية سعودية، بما في ذلك هجوم في العام 2019 أدى إلى خفض الإنتاج الخام للمملكة مؤقتا إلى النصف.
واتهمت الرياض وواشنطن إيران بالوقوف وراء الهجوم، الأمر الذي نفته طهران.
ومن جانبه، قال محمد اليحيى الباحث السعودي في مركز بلفر بجامعة هارفرد “من المرجح أن يكون الإيرانيون قدموا تأكيدات للصين بأنهم سوف يمتنعون عن مهاجمة السعودية مباشرة أو استهداف المنشآت النفطية للمملكة“.مضيفا أن “الحفاظ على الاستقرار في المنطقة وحماية التدفق الحر للنفط مهم بالنسبة للصينيين كما هو بالنسبة للسعوديين أو حتى للأمريكيين“.
وتابع “بالنظر إلى هذا التوافق في المصالح، فمن المعقول أن نتوقع من الصينيين أن يضعوا ثقل نفوذهم الاقتصادي الكبير وراء هذه الاتفاق“.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الاتفاق لا يعني سلاما في اليمن، خصوصا إذا اكتفى بإتاحة مساحة أكبر لتواصل المحادثات بين السعودية والحوثيين التي قد تؤدي في نهاية المطاف لانسحاب الرياض من ساحة المعركة.
وفي السياق، أوضحت دينا اسفندياري من مجموعة الأزمات الدولية “إذا كنا على وشك رؤية صفقة سعودية حوثية فقط، فيجب أن تكون الأساس لحوار يمني – يمني“.
وتابعت “وإلا فإننا سنواجه مشكلة داخل اليمن مع وجود مظالم لمختلف الأطراف الأخرى لم تتم معالجتها“
“مزاج من التفاؤل.. لكن…”
وفي بؤر توتر أخرى في أرجاء المنطقة، يخيم نوع من عدم يقين وشكوك مماثلة.
ومن بين الأسئلة المتداولة في هذا السياق: هل يشجع الاتفاق السعودي – الإيراني الرياض على التوقف عن معارضتها لعودة الرئيس السوري بشار الأسد المقرب من طهران إلى المنطقة؟
وهل يمكن أن يساعد في كسر الجمود السياسي في لبنان، وتحديدا الخلاف بشأن رئاسة الجمهورية؟
إن غياب الأجوبة الواضحة عن هذه الأسئلة لم يزعزع الحماس الذي ولّده إعلان الجمعة في صفوف محللين مثل العراقي علي البيدر، الذي تعاني بلاده من الخلاف السعودي – الإيراني منذ سنوات وتحاول التوصل إلى اتفاق بين الجانبين قبل تدخل بكين.
وكتب بيدر في تغريدة “العراق أكبر وأكثر المستفيدين من عودة العلاقات بين السعودية وإيران التي ستخفف الضغط الحاصل داخل المشهد العراقي“.
أما اسفندياري فقالت إن التقارب “يوفر بالتأكيد مزاجا من التفاؤل (..) لكن يبقى أن نرى مايعنيه في الواقع”.
بالفعل فقد أثار الإعلان عن الاتفاق حماسة عامة فيما تنتظر المنطقة التفاصيل.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook