محاولات لجرّها إلى المنازلة.. ما صحّة رفض بكركي لترشيح فرنجية؟!
Advertisement
وفيما لم يصدر أيّ موقف مباشر عن الراعي إزاء “تسمية” فرنجية، مع تسجيل زيارة لافتة للسفير السعودي وليد البخاري إلى الصرح البطريركي في اليوم التالي لإعلان السيد نصر الله دعمه رئيس تيار “المردة”، أثيرت الكثير من التكهّنات عن الموقف الفعلي لبكركي، بل إنّ هناك من تحدّث عن “امتعاض” أثاره البطريرك الماروني، باعتبار أنّ الأوْلى بفرنجية كان أن يعلن ترشيحه صراحة بالدرجة الأولى، قبل أن يتلقى “الدعم” من الآخرين.
وثمّة من رقّى هذا “الامتعاض” لمستوى “الاستياء”، انطلاقًا من محاولة “الثنائي الشيعي” مصادرة الدور المسيحي، ومحاولة “فرض” الرئيس الذي يشاء على المسيحيّين، لكن، هل فعلاً هذا هو موقف بكركي الحقيقيّ، الذي يفترض أن يعبّر عنه البطريرك الراعي صراحةً في القادم من الأيام وربما غدا في عظته؟ وهل يرفض الأخير ترشيح فرنجية، بالشكل الذي تمّ؟ وما حقيقية الحديث عن “محاولات لجرّ” بكركي إلى مواقف قد لا تكون عمليًا في وارد اتخاذها؟
“محاولة فرض”؟!
لعلّ هذه التساؤلات تحمل الكثير من “المشروعية” في ضوء خطاب بعض القوى المسيحية الأساسية في الأيام القليلة الماضية، وتحديدًا منذ إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” دعم ترشيح فرنجية، إذ اصطفّت هذه القوى، رغم اختلافاتها وتناقضاتها، عند رفض ما اعتبرته “محاولة فرض” الرئيس على المسيحيّين، رغم أنّ السيد نصر الله كان واضحًا بتمسّكه بنصاب الثلثين في أيّ جلسة انتخابية رئاسية يمكن أن تعقد، وبدورتيها الأولى والثانية.
ومع أنّ هذه القوى أجمعت على أنّ هذا “الشرط” غير متوافر، تمامًا كما أنّ الأصوات الـ65 المفترض لفرنجية “ليست في الجيب”، وقد يكون من “المستحيل” أن يضمنها في ظلّ التموضع الحالي، وبغياب “الغطاء” المطلوب لذلك، داخليًا وخارجيًا، إلا أنّها تقاطعت أيضًا عند رفض أن تأتي تسميته من قبل مرجعيتين غير مسيحيتين، حتى قبل أن يعلن ترشيحه بنفسه، ما يضرب فكرة كونه مرشحًا “توافقيًا وتوفيقيًا”، كما يصنّف نفسه.
ولأنّ هذه القوى أثارت فكرة “الميثاقية المسيحية” في طرحها وخطابها، استنادًا لكون رئيس تيار “المردة” لا يحظى بدعم معظم المكوّنات المسيحية الأساسية، من “التيار الوطني الحر” إلى “القوات اللبنانية” و”الكتائب”، ثمّة من قرأ في الموقف “جرًا” لبكركي نحو الموقف نفسه، رغم وجود وجهة نظر أخرى تؤكد أنّ الميثاقية “مؤمَّنة” طالما أنّ النصاب متوافر، ولا سيما أن التصويت “سرّي”، أو على الأقلّ، هكذا يفترض أن يكون.
أين تتموضع بكركي؟
وبين هذا الطرح وذلك، يستبعد العارفون أن يصدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي أيّ موقف “رسميّ” من تسمية فرنجية، إيجابًا أو سلبًا، انطلاقًا من وجود قناعة أنّ بكركي لا ترغب في أن تضع نفسها في موقف “المؤيد” أو “الرافض” لأيّ مرشح بالمطلق، علمًا أنّ الراعي يصرّ على أنّ هذا الدور يجب أن يلعبه النواب، وهو ما يكرّره أصلاً في عظاته الأسبوعية، وكلما سنحت الفرصة له في مختلف المناسبات.
ويلفت هؤلاء إلى أنّ موقف بكركي واضح منذ اليوم الأول لفتح “البازار الرئاسي”، ويقوم على أساس وجوب “عدم التطبيع” مع الفراغ، إن جاز التعبير، وبالتالي إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن، بمعزل عن الأسماء، علمًا أنّ محاولات عدّة بُذِلت سابقًا ولا تزال، لدفع بكركي نحو “البازار”، من خلال وضع لوائح بمرشحين، وهو ما يرفضه البطريرك الراعي، استنادًا إلى التجارب السابقة “غير المشجّعة”.
لا يعني ما سبق أنّ بكركي تؤيد تسمية فرنجية، كما أنّه لا يعني أنّها تشهر “الفيتو” في وجهه، لكنّه يؤشر، وفق ما يقول المتابعون، إلى أنّها لا تزال متمسّكة بالعناوين التي لطالما طرحتها، لجهة وجوب تطبيق الدستور وانتخاب رئيس، سبق أن حدّد البطريرك الماروني مواصفات واضحة له، وأساسها الشفافية والاستقامة، ولكن أيضًا القدرة على إخراج البلد من الأزمة التي يتخبّط فيها، ويشرع في مسار “الإنقاذ” الذي طال انتظاره.
بمعزل عن كلّ ما يثار من روايات أقرب إلى التكهّنات، يقول العارفون إنّ موقف بكركي واضح منذ اليوم الأول، فالمهم بالنسبة إليها انتخاب رئيس يكون سياديًا وإصلاحيًا بالمعنى الحقيقي، يضع في صلب اهتماماته إنقاذ البلد من أزماته المتفاقمة. لكن، أبعد من ذلك، لن تدخل بكركي في “لعبة الأسماء”، لا بقبول الترشيحات ولا برفضها، لأنّ الكلمة الفصل هي للنواب، وما يهمّهم أن يؤدوا واجباتهم، ويكفّوا عن نهج المماطلة القاتل!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook