مهاجمة مستودع مساعدات إنسانية بعد وفاة رضيع في مخيم لنازحي الزلزال بأعزاز
نشرت في: 08/03/2023 – 18:12
يظهرُ مقطع فيديو صوره مراقبنا في 24 شباط/فبراير 2023 هجوم عدد من سكان مخيم الإيواء الثالث الذي تم إنشاؤه لاستضافة نازحي الزلزال في شمال غرب سوريا، وهم يقتحمون مستودعا للمساعدات الإنسانية، وذلك بُعيد وفاة طفل رضيع بشكل مفاجئ. بحسب أحد الوالدين، فإن الطفل “مات متأثرا بالبرد بسبب غياب المساعدة الإنسانية”، وهو ادعاء رفضه عاملو قطاع الصحة في المدينة بشكل قاطع.
أرسل إلينا مراقبنا في أعزاز (50 كلم شمال حلب) مقطع فيديو يظهر مستودعا للمعونات الإنسانية ينهبه سكان نازحون يعيشون في مخيم موقت على مقربة. ووقع هذا الحادث في صباح 24 شباط/فبراير 2023، عدة ساعات فقط بعد العثور على زهير عثمان، وهو رضيع يبلغ من العمر 7 أشهر، ميتا في إحدى الخيام.
فيديو يعود تاريخه إلى 24 فبراير 2023 وتم تصويره من قبل مراقبنا يظهر نازحين في مخيم وهم يندفعون باتجاه مستودع حيثُ تم تخزين مساعدات إنسانية مخصصة لضحايا زلزال 6 شباط/فبراير 2023. ويظهر الفيديو قيامَ عدد من سكان المخيم النازحين وهم ينهبون فراشاً إسفنجية وبطانيات شتوية مغلفة بالبلاستيك. ويمكن سماع أحد الأشخاص يصرخ : “خذوا ما أردتم!”.
في نفس اليوم، استيقظ محمد عثمان بعيد السادسة صباحا ليجد طفله ميتا، بحسب قوله. وفي مقطع فيديو تقشعر له الأبدان نُشر لأول مرة على فيس بوك في 2 آذار/مارس 2023، يظهر الأب بحالة صدمة وهو يحمل طفله الميت بين ذراعيه قائلا: “مكثنا أربعة أيام في أحد المخيمات المؤقتة… ولم يقدموا لنا أي مساعدة. لا فراش ولا مدافئ ولا بطانيات. استيقظت هذا الصباح لأجد ابني يتجمد حتى الموت”.
ووفقا للأب، فإن عائلته كانت تعيش في منزل صغير بمدينة أعزاز، كان تضرر من الزلازل المتعددة التي ضربت جنوب شرق تركيا وجزءا كبيرا من المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية في شمال غرب البلاد، والتي تسببت بمقتل ما يقرب من 6000 شخص.
ويشرح الأب محمد عثمان، الذي اتصل به فريق تحرير مراقبون:
بعد الزلزال الأول في 6 شباط/فبراير، بقينا في المنزل معتقدين أن الأسوأ قد مرَّ بالفعل. ولكن في 20 شباط/فبراير، تسبب زلزال ثان [فريق التحرير: زلزال مزدوج بقوة 6.4 درجة و 5.8 درجة بمقياس ريختر] في حدوث تصدعات كبيرة في الجدران. خوفًا من انهيارها، قررنا أن نلجأ إلى أحد مخيمات الاستقبال التي تديرها السلطات المحلية. طلبت المساعدة من موظفي هذا المخيم، لكنهم لم يعطونا سوى خيمة فقط، معزولة بشكل سيء للغاية، بدون أي شيء يحمينا بداخلها. في 24 شباط/فبراير 2023، عندما استيقظت حوالي الساعة 6:30 صباحا، لم يكن ابني يتحرك وساعدني المسعفون الذين كانوا بسيارة الإسعاف خاصتهم بالقرب من المخيم على نقله فورا إلى غرفة الطوارئ، حيث أبلغوني أنه توفي.
“تشريح الجثة وحده يسمح بتحديد سبب الوفاة”
وفقا لموقع AccuWeather الإلكتروني، كانت ليلة 23 إلى 24 شباط/فبراير شديدة البرودة في مدينة أعزاز، حيث انخفضت الحرارة إلى درجة واحدة مئوية. وتخضع هذه المدينة الحدودية مع تركيا لسيطرة فصائل المعارضة السورية المقربة من أنقرة وتعتمد بشكل أساسي على المساعدات والبنية التحتية التي تقدمها هذه الأخيرة.
في حين أدت وفاة الطفل الرضيع إلى الهجوم على مستودع المساعدات، فإن أسباب الوفاة تواصل إثارة الجدل. وتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من الاتصال بياسر سام، أحد طبيبَّي الطوارئ اللذين استقبلا الطفل في مستشفى المدينة يوم الحادث.
قرابة الساعة السابعة صباحا، وصل الطفل إلى منزلنا وقد كان ميتا بالفعل. كان جسمه باردا وبؤبؤا عينيه متسعين للغاية. حاولنا إنعاشه، لكن بدون جدوى، حيث أكدت عملية تخطيط القلب على وفاة الطفل، وقد أبلغنا الأب بذلك. يمكن أن تكون أسباب الوفاة كثيرة. ربما اختنق الطفل في نومه مثلا. لا يمكن معرفة سبب الوفاة إلا في حالة وقوع حادث به إصابات أو كدمات ظاهرة. من المحتمل أن يكون البرد هو السبب، لكن لماذا يصر الأب على أنه السبب بالضرورة؟ يمكن فقط للطبيب الشرعي التقدم بنظريات عن سبب الوفاة، ولمعرفة هذا، يتوجب إخراج الجثة ويعود القرار إلى المحاكم لتحديد ما إذا كان من الموجب أن تشرح الجثة.
وتتقاطع هذه الاجوبة مع ملاحظات حسن الإبراهيم، طبيب عام ومدير هيئة الصحة في أعزاز. وقال الإبراهيم في اتصال مع فريق تحرير مراقبون إنه “يمكن أن يكون هناك 1000 سبب يبرر وفاة الطفل، بما في ذلك البرد، لكن فرضية الوفاة بسبب البرد تظل بعيدة الاحتمال جدا”.
كما يشكك نسيم فاروق، مسؤول التواصل في المجلس المحلي لمدينة أعزاز المسؤول عن المخيم الذي وقعت فيه الوفاة، في رواية الأب. بالنسبة له، لم يكن هناك نقص في المساعدات، حتى لو كان الإمداد معقدا في الأيام الأولى التي أعقبت الزلزال.
في الساعات والأيام التي أعقبت الزلزال الأول، كان هناك عدد كبير من المانحين، وخاصة على مستوى المبادرات الفردية المحلية. المشكلة هي أن العديد من الأشخاص الذين لم يحتاجوا إلى مساعدة طلبوها وحصلوا عليها. يبقى هنالك شيء واحد من المهم الإشارة إليه: المنظمات الإنسانية، على الرغم من وجودها ونشاطها، لم تعرف كيف تتجاوب إلى الاحتياجات التي خلفتها الكارثة، ولا السلطات المحلية بالمناسبة. لدى معظم هذه المنظمات خطط طوارئ، لكن هذه الخطط صُممت للاستجابة لحالات القصف. لم يكن لدى أيٍّ منهن خطة مخصصة لتلبية احتياجات السكان في حالة وقوع كارثة بهذا الحجم. حتى مساعدات الأمم المتحدة كانت بطيئة في الوصول. استغرق الأمر سبعة أيام قبل أن يتم إرسال فريق تقييم تابع للأمم المتحدة بهدف تقييم الاحتياجات
“المخيمات تفتقر بشدة إلى الخيام المجهزة بشكل جيد”
خلف زلزال 6 شباط/ فبراير 2023، 12 قتيلا و 150 جريحاَ في مدينة أعزاز وضواحيها. وتم تدمير أكثر من 380 مبنى بشكل جزئي، في حين اُعتبر 80 مبنى غير صالح للسكن.
وقال أيهم هلال، صحافي محلي ومقيم في مدينة أعزاز، لفريق تحرير مراقبون:
تمثلت الاستجابة الفورية بعد الزلزال بإقامة مخيمات استقبال طارئة، بالإضافة إلى مخيمات متواجدة منذ فترة طويلة في المنطقة للنازحين السابقين. معظم الدمار الذي شهدته المدينة هو تدمير جزئي للمباني السكنية. بشكل عام، قدمت جميع المنظمات الإنسانية، وكذلك الأفراد، المساعدة للسكان المتضررين، سواء كانوا من أعزاز أو من أي مكان آخر. لكن لا يزال هناك نقص كبير في الخيام، خاصة الخيام المجهزة والمعزولة بشكل جيد. ويضاف إلى ذلك الأسعار التي ارتفعت بشكل حاد نتيجة للطلب المتزايد. الخيام الموقتة التي تم بناؤها على عجل من القماش المشمع لا يتجاوز سمكها 1 إلى 2 مليمتر وهي معزولة بشكل سيئ للغاية وشديدة الهشاشة في حال سوء الأحوال الجوية. وقد تطاير الكثير منها خلال العواصف الهوائية التي ضربت المنطقة في الأيام القليلة الماضية، في حين تتفاوت درجات الحرارة على نطاق واسع من يوم لآخر.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook