“يجب علينا مواصلة النضال حتى تسحب الحكومة مشروعها”… للمرة السادسة الفرنسيون في الشارع احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد
نشرت في: 07/03/2023 – 23:26
دومينيك، راشيل وإليز… كانوا من بين المتظاهرين الذين جابوا شوارع العاصمة الفرنسية باريس الثلاثاء من ساحة “لوسفر” حتى ساحة “إيطاليا” رافعين شعارات مناهضة للرئيس إيمانويل ماكرون ولمشروع قانون إصلاح نظام التقاعد الذي تريد حكومة إليزابيث بورن تمريره سواء عبر تصويت البرلمان أو بدونه. وهو اليوم الاحتجاجي السادس الذي تنظمه النقابات العمالية الفرنسية منذ 19 كانون الثاني/ يناير الماضي. مظاهرات ووقفات احتجاجية أخرى دعت إليها عدة منظمات نسائية بمناسبة عيد المرأة الأربعاء. ريبورتاج
انتشرت قوات الأمن الفرنسية بكثافة في وقت مبكر من يوم الثلاثاء حيث قامت بإغلاق عدة شوارع رئيسية في باريس، مثل جادتي “سان جرمان” العريق و”سان ميشال” وشارع “رين” تحسبا للمظاهرة التي دعت إليها النقابات العمالية الفرنسية للتنديد بمشروع الحكومة القاضي برفع سن التقاعد من 62 عاما إلى 64.
هذه المظاهرة انطلقت من ساحة “لوسفر” بالدائرة السادسة حتى ساحة “إيطاليا” في الدائرة الثالثة عشرة. وهي المرة السادسة التي تنظم فيها النقابات احتجاجات منذ 19 يناير/كانون الثاني الماضي في أعقاب بدء مناقشة مشروع إصلاح قانون التقاعد من قبل الجمعية الوطنية. وكانت قد تخللتها بعض أعمال عنف.
دومينيك (48 عاما) أحد المتظاهرين الذين كانوا مشاركين بمظاهرة الثلاثاء في باريس حيث وصل إلى ساحة “لوسفر” في وقت مبكر. يعمل كسائق للحافلات. يشارك للمرة السادسة في هذه الاحتجاجات التي يأمل “أن تأتي بثمارها في النهاية”.
“هم يعيشون في رخاء ونحن نعاني”
وقال لفرانس24: “أسكن في الضاحية الباريسية لكن فضلت أن أقضي ليلة أمس في منزل زميلي في العمل لكي أشارك في المظاهرة. ورغم المعاناة وأيام الإضراب غير المدفوعة الأجر وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يجب علينا مواصلة النضال حتى تسحب الحكومة مشروعها”.
وأضاف بنوع من الحسرة: “ماكرون وكل الذين يقدمون لنا دروسا من الصباح إلى المساء عبر وسائل الإعلام لا يعرفون شيئا عن حياتنا الحقيقية وعن مشاكلنا الاجتماعية والمالية وكيف نواجه الأيام الأخيرة من الشهر بدون أموال. هم يعيشون في رخاء ونحن نعاني”.
أما راشيل، فلقد لونت وجهها بالأسود حتى تشبه “هيكلا عظميا” حسب تعبيرها. وعندما سألناها لماذا اختارت هذه الصورة بالذات، أجابت “لأن ماكرون سلب منا كل حقوقنا وأصبحنا نعاني من الضعف إلى درجة أننا بتنا شبه هياكل عظمية”.
“لا يبالون بمعاناة الفرنسيين ولا يشعرون أصلا بأنهم معنيون بالأمر”
وواصلت: “لو كان مشروع إصلاح نظام التقاعد ضروريا وعادلا، لقبلنا به وبذلنا جهودا أكثر. لكن كل الدارسات والتقارير تشير إلى أن النظام التقاعدي الفرنسي لن يعاني من عجز مالي كبير في المستقبل مثلما كان ذلك في السابق، بل بالعكس”. فيما انتقدت التصريحات المتناقضة التي يدلي بها وزراء حكومة إليزابيث بورن قائلة “لقد ارتفع عدد هفواتهم اليومية بشأن موضوع التقاعد. فكلما عبّروا عن مواقفهم، كلما ارتكبوا أخطاء جديدة وفادحة كونهم في الحقيقية لا يبالون بمعاناة الفرنسيين ولا يشعرون أصلا بأنهم معنيون بالأمر”.
أما لويز وهي امرأة في سن التقاعد، فلقد قررت المشاركة في المظاهرة للدفاع عن الأجيال القادمة ومساندتها. وقالت لفرانس24: “أدرك أنه ستتم المصادقة على هذا القانون غير العادل، لكن هذا لا يعني بأننا لا يجب أن نصعّد من غضبنا لنقول لهذه الحكومة أنه في حال واصلت في تطبيق سياساتها الملائمة فقط للأغنياء وللمستثمرين الكبار فهي ستقود البلد رويدا رويدا نحو حرب أهلية. لأن الفرنسيين باتوا يعانون من مشاكل اجتماعية وحياتية لم يتخيلوا في يوم من الأيام أن يمروا بها”.
مشروع رفع سن التقاعد سيصعب حياة الطلاب
واتهمت هذه الموظفة السابقة في مجال الاتصالات أوليفييه فيران المكلف بالعلاقات بين الحكومة والبرلمان وأوليفييه ديسوبت وزير العمل بـ”الكذب على الفرنسيين وبإشعارهم بالذنب عوض أن يطلبان من الشركات العالمية أن تدفع ضرائب أكثر”. وقالت بنوع من السخرية: “لسنا السبب في انقراض الديناصورات. لكن هم (الحكومة وأعضاؤها) السبب في تواجدنا في الشارع، لذا عليهم فقط أن يسحبوا مشروعهم”.
وخلافا عن المظاهرات السابقة، شاركت هذه المرة أعدادا كبيرة من طلاب الجامعات والثانويات والمدارس العليا. ووفق سيلين، طالبة تدرس في معهد الهندسة المعمارية بباريس، ثماني مدارس من أصل 22 في فرنسا أغلقت أبوابها الثلاثاء.
وأضافت “عوض أن تصرف الدولة أموالا باهظة على الجيش لشراء الأسلحة التي سترسلها إلى أوكرانيا، لماذا لا تقدم هذه الأموال للجامعات وللطلاب وتحسن من أوضاعهم الاجتماعية وترفع من قدرتهم الشرائية”. وتابعت: “السياسيون يعتقدون بأن الطلاب لا يريدون العمل وأنهم كسالى. والعكس هو الصحيح. فهم يبحثون عن عمل ولا يجدونه. وحتى إن وجدوه فستكون الرواتب منخفضة”.
واعتبرت أن مشروع رفع سن التقاعد سيصعب حياة الطلاب الفرنسيين. “فإضافة إلى انعدام فرص التوظيف، تريد الحكومة أن نعمل سنتين إضافيتين. كيف يمكن أن نقوم بذلك بينما ندخل إلى سوق العمل في سن متقدم”.
“أشعر بالتعب وبغياب العدالة”
أما جيرالدين (58 عاما) فهي تعمل كتقنية في مستشفى باريسي. قالت بأنها بدأت حياتها المهنية وعمرها لم يتجاوز 20 سنة. “اشتغلت 38 عاما بما في ذلك خلال سنوات جائحة فيروس كورونا. اليوم أنا متعبة. الحكومة لا تريد فقط أن نعمل سنتين إضافيتين بل تفرض علينا ظروف عمل صعبة وقاسية بسبب نقص الإمكانيات الصحية”. وأنهت: “اضطريت للعمل بدوام جزئي لأتمكن من تربية ابني. لم يكن لدي خيار آخر ولم أكن أذهب إلى الشاطئ لقضاء أوقات ممتعة. هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها بالمظاهرة لأنه بلغ السيل الزبى. أشعر بالتعب وبغياب العدالة”.
طاهر هاني
مصدر الخبر
للمزيد Facebook