اللعب على المكشوف
ولكن ما يواجهه جعجع، ومعه حزب “الكتائب اللبنانية” وعدد من النواب المستقلين من مختلف الطوائف ونواب “التغيير”، أن عددًا من نواب “اللقاء الديمقراطي”، وبسبب الموقف الأخير الذي اتخذه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، قد يضطّرون لتغيير موقفهم المبدئي والذهاب إلى خيار الرئيس بري. وهذا الأمر، إن حصل، قد يصعّب على الفريق المعارض “مهمة” تعطيل النصاب، خصوصًا إذا نجحت المفاوضات بإقناع رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل بالسير في خيار ترشيح فرنجية. وهو أمر، في رأي بعض الأوساط السياسية، يُعمل عليه بجدّية.
في المقابل، فإن ثمة من يحاول اقناع جعجع بالذهاب في معركته إلى أقصى الحدود، وذلك انطلاقًا من نظرية أن الضرورات تبيح المحظورات. ومن بين هذه الوسائل إمكانية التفاهم مجدّدًا مع باسيل، ولكن هذه المرّة تحت عناوين غير مندرجات “تفاهم معراب”. الذين يقومون بهذا المسعى غير متفائلين بإمكانية التوصّل إلى نتائج مرضية، باعتبار أن باسيل المعروض عليه “صفقة حرزانة” من قِبَل الفريق الآخر، يرى أنه لا يزال الشخص الأكثر حيثية وتأهيلًا لكي يُنتخب رئيسًا للجمهورية، أو الذهاب إلى مرشح ثالث غير فرنجية وميشال معوض، يكون من اختياره، بعدما أسقط الرئيس بري إمكانية انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون.
إلاّ أن بعض الذين يرون في انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية فرصة لا تُعوّض يفاجئون الذين يقولون بأن ترشيحه يحتاج إلى تعديل دستوري، وهو أمر لم يحصل يوم انتخب العماد ميشال سليمان “رئيس تسوية الدوحة”، وذلك من خلال تأكيدهم أنه مجرد تأمين نصاب الثلثين يكون “التعديل الدستوري” بمثابة تحصيل الحاصل، وبالتالي لا يعود تفسير الماء بالماء يجدي نفعًا، لأن الكرة تصبح في ملعب الذين يمكن لهم أن يطعنوا بدستورية الانتخاب أمام المجلس الدستوري، الذي يمكنه الاستناد إلى سابقة الرئيس سليمان كعرف لرفض أي طعن يمكن أن يُقدّم إليه.
مقربون من “معراب” يؤكدون ان الثلث المعطِّل مضمون، وأن ثمة نوابًا كثرًا لم يصوتّوا في الجلسات الـ 12 للنائب معوض، لاعتبارات شتّى، هم على استعداد للانضمام إلى “معطّلي” انتخاب فرنجية، ومن بينهم نواب من “اللقاء الديمقراطي”.
وأمام هذا الواقع المستجدّ والمأزوم في الوقت ذاته تدخل البلاد مرحلة جديدة من النزف الداخلي، وذلك على وقع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتفلت سعر صرف الدولار على حساب المزيد من التدهور في القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، على رغم ما تحاول الحكومة تقديمه من “اللحم الحيّ” من حلول آنية، مع اقتناع رئيسها نجيب ميقاتي بأن بداية الحل الجدّي لا يكون سوى بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي معه ينتظم عمل سائر المؤسسات الدستورية.
إلاّ أن الأجواء السائدة حاليًا، وبعدما انكشفت كل الأوراق، وأصبح “اللعب” على المكشوف”، لا توحي بإمكانية خروج الدخان الأبيض من مدخنة مجلس النواب، الذي يقف عاجزًا أمام حائط مسدود من الصعب احداث ثغرة فيه.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook