الوكالة الوطنية للإعلام – ندوة عن كتاب “اتتفاضة العدالة 2019 في لبنان” للعميد علي عواد في معرض الكتاب- انطلياس
وطنية- المتن- عقدت في الحركة الثقافية – انطلياس ندوة حول كتاب رئيس المركزِ الدوليّ للدراسات الاستراتيجية العميد علي عواد بعنوان ” اتتفاضة العدالة 2019 في لبنان” ، في اطار المهرجان اللبناني للكتاب الذي تنظمه الحركة للسنة الاربعين بعنوان ” ثقافة الحرية والمئوية الثالثة للحضور الانطوني في انطلياس”، وشارك فيها رئيس الجامعة اليسوعية الاب البروفسور سليم دكاش، مدير البرامج السياسية والاخبارية في الMTV الاعلامي وليد عبود ورئيس تحرير صحيفة “اللواء” صلاح سلام.
رزق
ادارت الندوة الدكتورة هدى رزق التي رأت ان “العميد عواد في صفحات كتابه الأربعِمئة والخمسين لم يتغلب مرةً منطقُ القوةِ والانضباطِ العسكري على روح الثورة وعفوّيتها بل كان همُهُ الاولُ الاصغاءَ الى هتافاتها، والتأمّلَ في مضامينها وتبيانَ مكامنَ ضعفِها بهدفِ مؤازرتها وتصويبها“.
وعرضت رزق لموضوعات الكتاب، مشيرة الى انها” تتطرق الى مصير الوطن ومستقبل المواطن واهمها : الاستراتيجيةُ الدفاعية، ثقافةُ الحوار الإنساني ووثيقةُ الاخوّة الإنسانية، العنفُ المُفرِط ، ظاهرةُ الروبوتات العسكرّية، كيفية تصويب إنتفاضة 17 تشرين، ميّزاتُ المواطن المنتفض ، الاعلامُ والخطابُ السياسي، الحيادُ الايجابيّ الناشط ، قرارُ الحرب والسلم ، الماردُ الإغترابي ، التوسّطُ ومّيزاتُ الوسيط ، دعوةُ الاعلام الى تعزيز ثقافةِ الحوار ، شجبُ المنظومةِ الرسميّة المسؤولةِ عن كل مآسي الشعب وفضحُها كونَها متمرّسةً بحكمِ الجريمةِ المنظّمة والمبرّرة ، تكتيكُ استعادةِ ساحاتِ البلدِ من الحراكِ بواسطةِ شدّ العصب الطائفي“.
دكاش
ثم تحدث الاب دكاش فاعتبر ان “مهمة العميد عواد ليست تدوين يوميات الانتفاضة وما قاله هذا او ذاك فيها، بل انه يبلور موقفا خاصا حيال القضايا اللبنانية المتعذدة وبعض المعاني والمفاهيم الاساسية في المواضيع التالية: ماهية الدولة والوطن، الحوار، الانتفاضة وانتفاضة العدالة، الفساد وميثاق الاعتدال“.
ورأى دكاش ان” قضية الدولة المصادرة هي اساسية الا ان ما يقوله النص المرددة لموضوع حيثية الدولة ودورها ان تلك الشراكة الحكومية التي فيها مما هب ودب هي التي اختزلت وصادرت مفهوم الوطن اللبناني عندما استولت على مفهوم التعددية وهو مفهوم غني واساسي في الفلسفة السياسية البارحة واليوم، واستغلت الشراكة الحكومية التعددية بأن حولتها الى طائفية سياسية مما يضعف لا الدولة فحسب بل الوطن الذي تقوم عليه اساسات الدولة والذي من أجله تقوم الدولة بدور الخادم لجميع المواطنين بالمساواة والعدالة واستدامة الحريات “.
وقال:” لا شك ان من بين القيم التي اعطتها الانتفاضة حقها هي قيمة المواطنة لان من بين المواقف الاساسية التي قامت عليها الثورة هو ادانة كل من يعمل من أجل تغليب طائفة على اخرى والمناداة بالمحاصصة، وبالتالي موقف ينادي بالمساواة بين كل الناس باسم القانون والدستور وهو من المواقف التي لن تنسى ولن تموت، لان فيها خلاصا للوطن اللبناني ودولته “.
سلام
من جهته اعتبر سلام ان ” تحقيق العدالة في بلد ما يعني توفير الامن والاستقرار وتشجيع مقومات البحبوحة والازدهار وتقديم عوامل الاطمئنان وراحة البال وتعزيز ضمانات الحياة الكريمة“.
وأشار الى “اننا في لبنان نعيش في غربة كاملة عن هذه المفاهيم البديهية للعدالة الاجتماعية ونعاني تحت وطأة الانهيار والازمات المتناسلة من ظروف معيشية قاسية دفعت بنخب شبابنا الى الهجرة من الوطن في حين اختار آخرون المغادرة نهائيا انتحارا“.
ورأى ان “شمس العدالة بكل ما تحمله من امن وامان واستقرار وازدهار ستشرق يوما على وطن الارز القادر على النهوض اسرع من طائر الفينيق عندما تزول عن كاهله حروب الآخرين على ارضه“.
واعتبر ان عواد “راهن مثل الملايين من اللبنانيين الطيبين على حراك الانتفاضة للوصول بالبلاد والعباد الى دولة العدالة والمساواة والتخلص من منظومة الطائفية والفساد وصولا الى بناء الدولة المواطنة القادرة على تحقيق التغيير المنشود وانتشال الوطن من غياهب الازمات، واستبدل العسكري العتيق البندقية والرصاص بالحوار سبيلا للعبور الى التوافق المنشود على التغيير وبالاعتدال فكرا ونهجا لاستيعاب الآخر والقبول به وتفهم هواجسه والتوصل الى صيغة العيش الواحد مع الآخر “.
وختم سلام :” بين مرارة المعاناة وسراب الثورة والاصلاح تتساقط مقومات وطن وتهوي قواعد الدولة ويسقط شعب بكامله في آتون الفقر، بانتظار شروق شمس العدالة التي لا بد ان تعود الى فضاء هذا الوطن الحبيب“.
عبود
من جهته أشار عبود الى ان “العميد عواد حسنا فعل بوضع كتاب عن 17 تشرين الاول 2019 وحسنا فعل بالمزج بين يومياتها وحوادثها من جهة وبين تفاعله معها وبها من جهة ثانية، وهكذا اضحى كتابه ليس مرجعا تاريخيا للتطورات بل مرجعا لكيفية تفاعل الانسان المناضل والمثقف مع حوادث كان يمكن ان تشكل فرقا في تاريخ لبنان لكن للاسف هذا الفرق لم يحصل حتى الآن على الاقل“.
وقال:” مع انني مع كلمة العدالة في العنوان لكنني في المقابل ضد عبارة انتفاضة العدالة فالحاق صفة العدالة بانتفاضة 17 تشرين يناقض الواقع تماما “.
ورأى عبود ان” في 17 تشرين لم تتحقق العدالة السياسية ولا العدالة الاجتماعية”، ورأى ان “هذه الانتفاضة كانت فاشلة فبعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة عليها لا تزال المنظومة الحاكمة والمتحكمة هي هي وتحاول التحكم في الاستحقاق الدستوري الاهم وهو رئاسة الجمهورية، كما انها لا تزال تتحكم بالاجهزة الامنية وحتى في السلطة القضائية، والدليل ما يحصل على صعيد تفجير مرفأ بيروت ، وكذلك لا تزال تتحكم في الواقع المالي والإقتصادي والاجتماعي الذي يزداد تدهورا يوما بعد يوم في ظل غياب اي ردة فعل من الناس“.
واعتبر ان” امرا واحد استطاعت هذه الانتفاضة ان تحققه، لقد رفعت منسوب الوعي لدى الناس وخلقت رأيا عاما ناقدا للسلطة السياسية والمنظومة المتسلطة لكنهما لم يساهما في حصول تغيير كبير في انتخابات 2022 والازمة مستمرة في انتظار انتفاضة جديدة “.
عواد
وختاما كانت كلمة للعميد عواد قال فيها :”ما سأقوله اليوم هو على خلفية علمية موضوعية، وأنا على يقين أن الحكم والمعارضة والمستقلّين يؤيدون ضمناً ما سأقول، ولكن لكلٍّ منهم حساباته الخاصة، حكمٌ في حالة “الانكار والإنهيار”. الإنكار ولو أدّى الى الإنهيار، ومعارضة غير موحَّدة ومستقلون يعيشون ترفاً سياسياً.”
وقال:” جاءت انتفاضة العدالة 2019 ردة فعل شعبية عامة صادقة على سياسات متراكمة أدت إلى إنهيار الدولة والحريات وحقوق الإنسان. واكبتُ الإنتفاضة أميرةً جميلة نقية طاهرة، نزلتُ إلى الساحات حاملاً العلم اللبناني الى جانب المتظاهرين الطيبين نطالب بالعيش في دولة وطن“.
اضاف:” كتبتُ حولَ كلِّ حدثٍ من الإنتفاضة، حلَّلت الواقع السياسي مقارباً مواقف السلطة والقوى التغييرية والمستقلين بموضوعية علمية مستقلة. طالبتُ وناديتُ واقترحتُ وناشدتُ وتمنّيتُ وعلّلتُ واوضحتُ واكدتُ ونفيتُ وهنأتُ وأنَّبتُ وقوَّمتُ وشجعتُ و….فكانت مواقف الحق والحقيقة والمواطنة والإعتدال والحوار والسلام من أجل فكر الدولة وكيان الوطن“.
وتابع:” مواقفي المدوّنة في الكتاب، بنيتُها على علوم وتجارب وخبرات اكتسبتها على مدى نصف قرن، كتبتُها دون معرفة هويَّات محركي الانتفاضة في الساحات، وثقنا بهم جداً جداً في البداية، ولم نحاول إطلاقاً معرفة قادتها ومموليها، أيدتُ وما أزال أؤيد مفهومها وجوهرها مهما كانت أخطاء الذين أظهروا ويظهرون انفسهم أنهم قادتها، فالقضية شيء والعامل لأجلها شيء آخر، القضية مقدسة، أما العامل لأجلها فهو غير مقدس، القضية أبدية لا تُحاسَب ولا تُدان، أما العامل لأجلها فهو ظرفي ويُحاسب ويُدان.. وأنا أدين الذين صنعوا نصف إنتفاضةٍ فكانت قبراً لها أو نصف قبر“.
وشدد على ان ” مفهوم “إنتفاضة العدالة” هو بناء دولةٍ في وطنٍ لكلّ الناس حتى لمن هم في السلطة؛ ولكن مهما كانت قدسية هذه الإنتفاضة وعدالة قضيَّتها، فهي لن تنتصر وتصل إلى هدفها الوطن الشريف دون رؤية “فكر الدولة”، إذ هي تحارب “كتلة حزبية حاكمة” تمتلك فائض السلطة والقوة والإعلام والمال“.
ورأى انه” لم يكن للإنتفاضة فكر إستراتيجي لبناء الدولة يقوم على الحوار” و”فكر القرار”، وقال :”لم تسلم إنتفاضة العدالة من طعنات (8 آذار) ولا من (14 آذار) ولا حتى من الذين يقولون عن أنفسهم أنهم “تغييريون“.
واعتبر ان “انتفاضة العدالة” – وهذا أفضل إسم جامعٍ لها – كانت فرصةً تاريخيةً خسرها كل اللبنانيين، أحزاب حاكمة ومعارضات، فرصة ستبقى تستحق منا جميعاً الغضب والحزن والألم مثلما تستثير أيضا الرفض والعصيان وصولاً إلى الحقد المبرمج . ان عبارة: “ما بقى فينا نعيش سوا”، كانت همساً خجولاً، أصبحت صوتاً عالياً، وستصبح غداً مطلباً… إنتبهو! حتَّى ولو كانت مطلباً مُحقَّاً“.
ولفت عواد الى ان “حكَّام لبنان لا يريدون الحريات وفي مقدمها حرية الحوار وثقافة الحوار، خصوصاً الحوار على قاعدة أن الوجود المسيحي في لبنان هو “مسألة روح” وليس “مسألة عدد”. وبالتالي نؤكّد مجدّداً أن ما حدث ويحدث هو “انهيار ممنهج” وليس “انزلاقا انهياريا”… هو إنهيار مقصود…حكام لبنان لا يريدون أية علاقات تواصلية مع المجتمع الدولي ومؤسساته ولو على حساب انقاذ لبنان“.
وشدد على ان” الحوار وفكر القرار هما ركيزتان أساسيتان لبناء الدولة. لن يحصل التغيير الإيجابي في لبنان دون بناء الرأي العام الوطني التغييري وخصوصاً لجهة المواطنة ونظام القيم المجتمعية، وبناء ثقافات الحرية والكرامة والسيادة والهوية العربية“.
كما شدد على ان “المسار العنفي التغييري مرفوض من قبل اللبنانيين، فيبقى مسار بناء “الإنسان.. المواطن” اللبناني هو الأجدى“.
واعتبر عواد ان” التغيير من دون استنهاض الساحات مجدَّداً والعمل معها بالتوازي، فتتقاطع ساحات الناس مع “فكر الدولة”، سيفنا والقلم، سيف الساحات وقلم الفكر والرؤية والقرار“.
وقال:” نحن أمام إمَّا المبادرة وانتخاب رئيسٍ معتدل يعيد بناء الدولة، وإما إدارة “إنهيار متعمّد”، إدارة الخراب، مع انهيار اقتصادي وهزَّات أمنية متنقلة تتوالد وتتناسل“.
وأشار الى ان في “انتفاضة العدالة 2019” حجب الشعب ثقته عن الدولة لكنه لم يحجبها عن الوطن، وفي البعد الاستراتيجي، هناك مصلحة للجميع، حكما ومعارضة ومستقلين، بأن يكون لهم دولة لبنانية وهوية عربية ووطن إنساني“.
ورأى ان” العمل التغييري في مجلس النواب والحكومة قد يؤدي الى بناء الدولة، شرط أن يكون على مسارين: مسار سياسي، فكري، تربوي، ثقافي ومسار الرأي العام الضاغط في الساحات“.
وختم مشددا على انه “من دون فكرٍ وساحات لا تغيير ولا دولة وسنفقد كيان الوطن”، ودعا المعارضين الى” التوحد حول فكر الدولة وليس على “سلطات الدولة”، كما دعا الحكام الى “العودة إلى الضميرِ والدين والإنسانية“.
=========== ر.ع
مصدر الخبر
للمزيد Facebook