هذا ما يجب أن يقدم عليه من أُعطي مجد لبنان
عندما كلّف البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي المطران أنطوان أبو نجم مهمة التواصل مع القيادات المارونية كان يعرف مسبقًا ما ستكون أجوبة كل واحد ممن يّسمّون أنفسهم “أقطابًا”. وعلى رغم معرفته بمواقف كل من رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، ورئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل، ورئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل، ورئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، قرّر أن يوفد إليهم هذا المطران الشاب ليعود إليه في نهاية جولاته بخلاصة يمكن أن يستفيد منها سيد بكركي في مرحلة لاحقة عندما تحين ساعة قول الحقيقة، ووضع هؤلاء “الأقطاب” أمام مسؤوليتهم التاريخية، وذلك قبل أن ينهار سقف الهيكل على رؤوس الجميع، بمن فيهم من تتسبّب خلافاتهم الضّيقة بتضييع أكثر من فرصة سانحة، وبالأخصّ إمكانية التوافق على اسم رئيس للجمهورية.
ما لمسه المطران أبو نجم لمس اليد في خلال جولاته لم يكن مطمئنًا، مع أن الراعي الذي يعرف جيدًّا طبيعة العلاقة المتوترة بين هؤلاء “الأقطاب” كان قد وضعه في جو ما يمكن أن يسمعه حتى لا يفاجأ ويصطدم بهذه الحقيقة المرّة والمخيبة للآمال.
أمّا لماذا أصرّ البطريرك الماروني على تكليف أحد مطارنته الشباب بهذه المهمة المستحيلة، وهو الذي يعرف “البير وغطاه”، وهو الذي يعرف أيضًا أن هذه الجولات ستكون كمن يطبخ بحصًا، وسيعود المطران المكّلف بخفي حنين، وسيضع بين يدي البطريرك تقريرًا قد يضمّنه تفاصيل “محادثاته البيزنطية”، على أن يخلص إلى نتيجة واحدة، وقد تكون معبّرة جدًّا عن واقع حال هؤلاء القادة الموارنة، وهي خلاصة مؤسفة ومحزنة في آن، ومفادها أن “الفالج لا يمكن أن يُعالج”.
وعلى رغم معرفته المسبقة بهذه الخلاصة المخزية أصرّ سيد بكركي على إيفاد أحد مطارنته ليكون شاهدًا حيًّا عمّا آلت إليه حال من هم مسؤولون عمّا نسبته 90 في المئة من الموارنة الموزعين في انتماءاتهم السياسية بين هذه الأحزاب والتيارات الأربعة، وهذا ما أنتجته الانتخابات النيابية الأخيرة.
ولأن هؤلاء الأقطاب الأربعة مسؤولون أكثر من غيرهم على بقاء البلاد من دون رأس فإن تحميلهم تبعات ما يمكن أن تفضي إليه حال البلاد المتروكة وهي تسير بخطى متسارعة نحو الهاوية سيكون مدّويًا. وهذا ما يُفترض أن يقوم به من أُعطي له مجد لبنان، وذلك قبل أن يُنزع هذا المجد كصفة ملازمة لبلاد الأرز منذ نشأتها بالصيغة، التي هي عليها اليوم، والتي لم تكن لتبصر النور لو لم يكن في لبنان بطريرك اسمه الياس الحويك.
نقول لـ”بطريرك مجد لبنان” إن لم تُستعمل عصا بكركي اليوم، وهو يوم مصيري، فلن تُستعمل أبدًا. كان يُقال إن العصا لمن عصى. وهو قول فيه الكثير مما يمكن اعتباره “حفرًا وتنزيلًا”، وهو يتطابق مع حال الموارنة المصابين بلعنة “الكرسي”، التي قد تُسحب من تحت أقدامهم، وهم بخلافاتهم الصغيرة لاهون ومشغولون بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook