آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – البناء: الحكومة ومجلس القضاء والمصارف ينجزون اتفاق التراجع خطوة مقابل التراجع خطوة

بري لاستثمار الأسابيع المقبلة: لبنان لا يحتمل شهوراً والأجواء الخارجية لا تمنع توافقاً ينتج الرئيس

 

وطنية – كتبت صحيفة “البناء” تقول:

توصّلت الاتصالات التي سبقت ورافقت ولحقت اجتماع السراي الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وجمعية المصارف، الى معادلة ثلاثية بين رئيس الحكومة ومجلس القضاء الأعلى والمصارف، تقوم على التراجع خطوة من كل فريق، فتعلق المصارف إضرابها، ويلغي الرئيس ميقاتي إجراءات وزارة الداخلية بوقف التعاون في تنفيذ التعليمات القضائية بحق المصارف، مقابل أن يتولى مجلس القضاء الأعلى بوضع آلية ومنهجية للتعامل مع هذا الملف ويحصر ملفاته بمرجعية قضائية واحدة، خلال الأسبوع المقبل.
في الشأن السياسي أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن قلقه من التدهور الاقتصادي والمالي الذي يتسارع وبتصاعد، قائلاً أمام زواره أن البلد لا يحتمل شهوراً، بل بالكاد يتحمل أسابيع قليلة، وأن الحل يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد الثقة بالمؤسسات، ويعيد للدولة آلية عملها، وفي هذا المجال لا يخفي الرئيس بري نسبة من التفاؤل تعادل نسبة القلق، لجهة أن المناخ الدولي والإقليمي ربما يكون مؤاتياً للتوافق على رئيس للجمهورية مع غياب أي فيتو خارجي على مرشح معين، والمقصود هو الوزير السابق سليمان فرنجية. وينتظر بري ما ستسفر عنه آخر الاتصالات الداخلية من جهة، واستكمال استكشاف الأجواء الإقليمية والدولية من جهة أخرى، لتحديد خطوته التالية.
وفيما افتتح الأسبوع الحالي على اشتعال الجبهة القضائية – المصرفية امتداداً الى السراي الحكومي، شهد يوم أمس بصيص انفراجة للأزمة من خلال إعلان جمعية المصارف تعليق الإضراب لأيام قليلة كبادرة حسن نيّة تجاوباً مع المسعى الذي يقوده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وربطت الجمعية التعليق الكامل لإضرابها بالتزام الأجهزة الأمنية بالكتب الموجهة من قبل رئيس الحكومة إلى وزير الداخلية وعبره إلى الأجهزة بعدم تنفيذ أي إشارة قضائية تصدر عن القاضية غادة عون المتعلقة بالدعاوى القضائية على المصارف.
واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال في السراي وفداً من «جمعية المصارف» في السراي الحكومي، وتحدّث باسمه محامي الجمعية أكرم عازوري فأشار الى أنه «بناء لتمني دولة رئيس الحكومة، وتحسساً بالأوضاع الاقتصادية الصعبة جداً، ولخدمة تأمين مصالح الموظفين، قرر مجلس إدارة الجمعية التعليق المؤقت لإجراءات الإضراب لمدة اسبوع على ان تدعى الجمعية العمومية للمصارف في آخر الاسبوع على ضوء ما يتحقق عملياً من إجراءات على الارض لتصحيح الخلل في المرفق العام القضائي الذي كان السبب الاساسي للإضراب».
وعن مطلب الجمعية قال: «نخضع للقانون وقد أبلغنا السلطات القضائية والسياسية ان هناك خللاً بحسن سير المرفق العام القضائي تعاني منه المصارف منذ أكثر من سنة. على السلطة بشقيها القضائي والسياسي أن تأخذ الإجراءات لتصحيح الخلل».
ورداً على قول مجلس القضاء الأعلى أن رئيس الحكومة يتدخل في عمل القضاء قال: «يجب أن تقرأ الفقرة الاخيرة من بيان مجلس القضاء الذي اعترف بحصول خلل، والرئيس ميقاتي قال إن هناك خللاً في عدم تطبيق المادة ٧٥١، ولم يتوجه إلى القضاء بل الى الضابطة العدلية التابعة للسلطة التنفيذية».
ولفت الى أن «كتاب الرئيس ميقاتي غير كافٍ، لان لا علاقة له بالسلطة القضائية، وتوجّه الى اقصى الحدود بما تسمح بها صلاحياته، ومن الآن وصاعداً السلطة القضائية عليها أخذ كل الإجراءات لتصحيح الخلل الموثق والذي تم إبلاغه الى كل من معالي وزير العدل والتفتيش القضائي ومدعي عام التمييز والرئيس الاول لمحكمة التمييز».
وأشارت معلومات «البناء» الى أن وفد الجمعية اشتكى لميقاتي قرارات القاضية عون من جهة وانقسام السلطة القضائية وتأخرها بالقيام بدورها في البتّ بالنزاعات بين المصارف والمودعين فضلاً عن التحقيقات بالاتهامات الموجهة الى المصارف من الجهات القضائية الأوروبية، كما شرحت لميقاتي تداعيات القرارات القضائية ضد المصارف على سمعتها في الخارج والثقة بينها وبين المصارف المراسلة، الأمر الذي سينعكس سلباً على وضعها في الأسواق العالمية وبالتالي على تعاملاتها المالية ما يعيق دورها المالي والاقتصادي كصلة وصل بين لبنان والعالم. كما أكد وفد الجمعية لميقاتي «شعورها مع المواطنين الذين يعانون إثر اضراب المصارف واعاقة معاملاتهم، لكن من جهة ثانية لا يمكنها فتح أبوابها في ظل الحرب القضائية الشعواء عليها، والاعتداءات الأمنية ضدها من اقتحامات وحرق وتحطيم».
وأشارت أوساط مطلعة لـ»البناء» الى أن ميقاتي نجح بإنجاز الشق الأول من التسوية عبر الكتب الموجهة الى وزير الداخلية والأجهزة الأمنية لعدم تنفيذ أي اشارة قضائية من القاضية عون، ومبادرة المصارف في المقابل لفك الإضراب، ما يعني أن ميقاتي فرض هدنة مؤقتة وجزئية بين المصارف والقاضية عون بالأداة الأمنية، بانتظار مدى تقيّد القاضية عون والأجهزة الأمنية بهذه التسوية التي تعترض عليها عون وأصرت على متابعة المسار القضائي بشكل طبيعي. وكشفت الأوساط أن ميقاتي تعرّض لضغوط من المصارف من جهة ومن الشارع والمواطنين الذين شعروا بمعاناة كبيرة جراء توقف معاملاتهم المصرفية من جهة ثانية، لكن الأهم الذي فرض على ميقاتي التسريع بالتسوية بهذه الصيغة هو حلول نهاية الشهر واستحقاق قبض الرواتب الأمر الذي سيفجّر الشارع بحال بقيت المصارف مقفلة والامتناع عن تسديد رواتب الموظفين.
وأوضح مصدر في المديرية العامة لأمن الدولة، بحسب ما نقلت قناة الـ»LBCI»، أنّه «لا يوجد في مديريّة أمن الدّولة أيّ موقوفٍ من دون وجود مسوّغٍ قانونيّ، كما أنّه لم يتمّ توقيف أيّ شخصٍ خلال الأيّام القليلة الماضية وكما دائمًا، إلّا بعد الاستحصال على الإشارة القضائيّة المطلوبة».
وعلمت «البناء» أن وزير العدل هنري خوري «يقوم بمسعى منذ فترة للتوصل الى حلحلة داخل السلطة القضائية، وهو دعا مجلس القضائي الأعلى برئيسه وكل أعضائه الى اجتماع في مكتبه منذ أيام وحصل تشاور في كل الملفات العالقة ويجري التحضير لسلسلة قرارات قضائية لا سيما بقضية المرفأ وملف الدعاوى ضد المصارف والتحقيقات الأوروبية».
وغرّدت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عبر حسابها على «تويتر»، كاتبة «شكرا لمجلس القضاء بجميع أعضائه شكراً لمعالي وزير العدل. اعطيتم الامل لهذا الشعب بأنه ورغم كل المحن والصعوبات ما زال هناك قضاة أمناء لقسمهم يؤمنون بمبدأ فصل السلطات وباستقلال السلطة القضائية».
إلا أن مصادر واسعة الاطلاع أكدت لـ»البناء» أن «تسوية ميقاتي لن تكفّ يد القضاء عن ممارسة دوره بملاحقة الفساد وتبييض الأموال ولا تسوية على أموال المودعين، والقاضية عون مستمرّة بمسارها مدعومة بموقف وبيان مجلس القضاء الأعلى ونادي القضاة ووزير العدل والشعب اللبناني الذي يقف خلفها».
في المقابل علمت «البناء» أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أصدر بالبيان أمس الأول، بعد انسحاب 3 قضاة اعترضوا عليه، ومنهم القاضيان حبيب مزهر وعفيف الحكيم. كما أثار بيان المجلس اعتراض ميقاتي الذي أكد خلال تواصله مع عبود ووزير العدل أنه مستعدّ للتراجع عن قراراته إذا عمل القضاء على إصلاح الخلل الذي حصل مؤخراً بعدة وجوه وملفات.
وبعد ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا، وماريان الحويك مساعدة سلامة، وكل من يظهره التحقيق «بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، ومخالفة القانون الضريبي»، افادت المعلومات أن بدء التحقيق في الملف، ينتظر قراراً من قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، لتحديد موعد لجلسة استجوابهم واتخاذ المقتضى القانوني.
في غضون ذلك، يستعد ميقاتي للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع، يرتقب أن تبحث صيغة للتمديد لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم. في السياق، أرسلت الامانة العامة لمجلس الوزراء، جدول أعمال أولياً للجلسة التي سيدعو اليها ميقاتي بهدف إطلاع الوزراء على بنودها مسبقاً، وهي مرتبطة بمداخيل موظفي القطاع العام وتأمين مبالغ لهيئة أوجيرو..
وكشفت مصادر حكوميّة معنيّة أنّ ميقاتي بصدد دراسة اقتراح وزارة المالية المتعلّق بتعويض باب الإنتاجيّة، وسيطلب شموله كلّ من يتقاضى معاشًا أو راتبًا أو تعويضًا من المال العام، إضافةً إلى أساتذة الجامعة اللبنانية؛ على غرار ما كان يحصل في السّابق.
إلى ذلك لم يعرف مصير الجلسة التشريعية التي يعتزم رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة اليها قبل أن يتريث بسبب عدم اكتمال النصاب لعقدها، في ظل اعتراض عدد من الكتل النيابية على التشريع بظل الفراغ في رئاسة الجمهورية.
وأشار مصدر نيابي لـ»البناء» أن الجلسة التشريعية للضرورة هي قانونية ولا تعارض الدستور، إذ لا يمكن تعطيل كل المؤسسات في الوقت نفسه، فهناك شغور برئاسة الجمهورية وشلل في مجلس الوزراء وتعطيل للجلسات النيابية، الأمر الذي يؤدي الى تعطيل مصالح الناس والدولة برمّتها، ويأخذ البلد الى فوضى عارمة، ودعا المصدر كافة الكتل الى الاستجابة مع دعوة بري وحضور الجلسة لإقرار القوانين الإصلاحية الملحّة لا سيما الكابيتال كونترول الذي هو جزء أساسي من الحرب القضائية – المصرفية الدائرة.
الى ذلك لا تزال زيارة وفد لجنة الصداقة اللبنانية – السورية في البرلمان اللبناني إلى دمشق، ولقائها رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد في قصر الشعب، ترخي بظلالها على المشهد السياسي الداخلي، نظراً لما لأهميتها التي تتعدّى البعد الإنساني الى الجانب السياسي باتجاه إعادة تصويب العلاقة الرسمية بين لبنان وسورية بالاتجاه الصحيح، وهذا يصبّ في خانة تعزيز العلاقات القومية الأخوية بين البلدين.
وفي سياق ذلك، أكد النائب جهاد الصمد في حديث لـ»البناء» أنّ «زيارة الوفد النيابي اللبناني الى سورية ولقاء الرئيس الدكتور بشار الأسد هو أمر طبيعي، لا سيما في هذه الظروف الصعبة والكارثة الطبيعية التي حصلت وخلفت آلاف الضحايا»، موضحاً أنّ العلاقات اللبنانية السورية محكومة بالتاريخ والجغرافيا والتواصل الاجتماعي والعائلي وهي خارج أيّ نقاش أو حسابات، وبالتالي من الطبيعي أن تكون الدولتان على أفضل العلاقات على كافة الصعد».
وشدّد الصمد على أنّ «الرئيس الأسد رحّب بزيارة الوفد اللبناني وعبّر عن امتنانه وتثمينه لهذه المبادرة وأكد أنّ سورية لا تتوقف عند بعض الصغائر أو الشوائب التي حصلت في مراحل سابقة». ولفت الى أنّ جهود الرئيس الأسد والدولة السورية الآن تتركز على كيفية تخطي سورية هذه الكارثة الطبيعية والمرحلة الصعبة، مشيراً إلى «وجود توجه جديد من لبنان بالتعاطي مع سورية قبل حصول الكارثة وسيجري لإكمال هذا التوجه بخطوات اضافية».
من جهته، اعتبر عضو الكتلة القومية الاجتماعية ـ رئيس لجنة الأخوة السورية ـ اللبنانية البرلمانية في مجلس الشعب السوري العميد الدكتور أحمد مرعي، أنّ الزيارة تحمل في مضامنيها ما أهو أبعد من التضامن مع سورية في مواجهة تداعيات كارثة الزلزال الذي ضرب عدداً من مدنها ومناطقها. وأشار مرعي لـ «البناء» إلى أنّ وفد لجنة الصداقة اللبنانية ـ السورية في البرلمان اللبناني عبّر عن تضامنه الكامل مع سورية والوقوف معها للتخفيف من تداعيات الزلزال ــ الكارثة، والوقوف مع سورية كسراً للحصار الجائر والظالم الذي تتعرّض له، وهذا الموقف هو محلّ تقدير الدولة السورية، التي تحرص كلّ الحرص على علاقاتها القومية المميّزة مع لبنان، رغم الحملات التي تعرّضت لها، في ذروة الحرب الإرهابية الكونية على سورية.
وكشف مرعي عن دور للحزب السوري القومي الاجتماعي في هذا السياق، مؤكداً أنّ زيارة وفد اللجنة النيابية اللبنانية الى دمشق فتحت آفاقاً جديدة باتجاه تفعيل وتعزيز علاقات الصداقة والأخوة والتعاون والتنسيق، وأنّ نتائج هذه الزيارة مجدية ومهمة، خصوصاً أنّه تمّ طرح آليات عمل مشتركة، من شأنها أن تساهم في كسر الحصار المفروض على سورية.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى