آخر الأخبارأخبار محلية

القضاء يدّعي على سلامة واحتدام الصراع السياسي-المصرفي- القضائي

ترك الادعاء القضائي امس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تساؤلات عما ستؤول اليه الاوضاع في عز احتدام مواجهة كبيرة ومتعاظمة وغير مسبوقة تتداخل فيها عوامل الصراع السياسي مع عوامل الصراع المصرفي – القضائي وفي أسوأ ظرف انهياري وأزمة فراغ رئاسي يمر بها لبنان.

فقد ادعى النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش على سلامة وشقيقه رجا ومساعدته مريان حويك «وكل من يظهره التحقيق بجرائم تبييض أموال والاختلاس والتهرب الضريبي والتزوير». وأحال حاموش ملف الادعاء إلى قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا طالباً منه استجواب المدعى عليهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم.

وكتبت” الاخبار”: تقول مصادر قضائية رفيعة إنه كان أمام القاضي حاموش خياران فور إحالة ملف حاكم مصرف لبنان إليه: 1- مخالفة القانون كما فعل النائب العام الاستئنافي في بيروت زياد أبي حيدر الذي امتنع عن تنفيذ طلب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات منذ 9/6/2022 قبل أن يُعاد تحريك الملف بضغط من القضاة الأوروبيين وتحت وطأة التهديد بالعقوبات، الذي أدى إلى ردّ الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله لأبي حيدر عن الملف وتعيين حاموش عوضاً عنه. 2- الادعاء على سلامة تنفيذاً لطلب القاضي عويدات الخطي وفقاً للمادة 13 من أصول المحاكمات الجزائية التي تؤكد على «سلطة النائب العام لدى محكمة التمييز على جميع قضاة النيابة العامة وله أن يوجه إلى كل منهم تعليمات خطية أو شفهية في تسيير دعوى الحق العام (…) ويحيل إلى كل منهم بحسب اختصاصه التقارير والمحاضر التي ترده بصدد جريمة ما ويطلب إليه تحريك دعوى الحق العام فيها». على هذا الأساس بادر حاموش بالادعاء على حاكم مصرف لبنان فقط لا غير. بالتالي يصبح الأمر منوطاً بقاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا لجهة استكمال التحقيق وإجراء الاستجوابات ثم ملاحقة المدعى عليهم أو تبرئتهم. وفي ما إذا كان هذا الإجراء سيعيق مسار التحقيقات الأوروبية خصوصاً أن القضاة يعتزمون العودة إلى لبنان في مطلع آذار لاستكمال الاستجوابات، يشير المصدر إلى أنه بإمكان أبو سمرا طلب تأجيل هذه الاستجوابات إلى حين انتهائه من التحقيقات، كما يمكنه التجاوب معهم في حال عدم تعارض التحقيقات الأوروبية مع سير دعوى الحق العام. إلا أنه في مختلف الأحوال، لا يحول قرار أبو سمرا دون الادعاء على سلامة في الخارج في حال توافر عناصر الجرم والمستندات الكافية لدى القضاة لملاحقته.
الإجراءات القضائية اللبنانية المتسارعة قبيل موعد زيارة الوفد الأوروبي مجدداً إلى لبنان تدفع جهات قضائية لبنانية إلى الشكّ في الهدف من وراء هذا الادعاء خصوصاً مع قرب إحالة أبو سمرا إلى التقاعد بعد أشهر لبلوغه الثامنة والستين، بالتالي انتقال الملف إلى قاض آخر. وإلى حينه، يكون سلامة قد قدّم دفوعاً شكلية وينتظر صدور القرار فيها، ويتخوف البعض هنا من تلطيه خلف حصانته لردّ الدعوى بنفس الطريقة التي اعتمدها وكلاؤه في تشرين الثاني 2020 عند حضورهم جلسة جزائية ضد الحاكم في الدعوى المرفوعة من مجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام». يومها، قدّم سلامة مذكرة بصفته رئيس هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان واستند إلى المادة 12 من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (قانون رقم 44 تاريخ 24/11/2015) التي تنص على تمتع كل من «رئيس الهيئة وأعضائها والعاملين لديها أو المنتدبين من قبلها بالحصانة ضمن نطاق عملهم بحيث لا يجوز الادعاء عليهم أو على أحدهم أو ملاحقتهم بأي مسؤولية مدنية أو جزائية تتعلقان بقيام أي منهم بمهامه»، رغم أن الدعوى المقدمة ضده هي بصفته حاكماً لمصرف لبنان لا رئيساً للهيئة، فكيف إذا كان رئيس الهيئة المعنية بمكافحة تبييض الأموال متهماً اليوم بتبييض الأموال.

وكتبت” نداء الوطن” انه بسرعة أحال حاموش الملفّ مع المدّعى عليهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا (سيتقاعد قريباً) طالباً استجوابهم وإصدار المذكّرات القضائية اللازمة بحقّهم. واللافت ان الإحالة لا تأتي على ذكر ما هو تقليدي في هكذا حالات أي “اصدار مذكرات التوقيف اللازمة”، ما يعني ان هناك مجالاً لتحقيقات إضافية قد تأخذ اشهراً وسنوات لأن في الملف آلاف الصفحات وعشرات آلاف التفاصيل في قضايا متشعبة ومعقدة تتجاوز قضية شركة “فوري” التي يلاحق القضاء الأوروبي عملياتها المشبوهة. وللمثال، في الملف اللبناني، هناك قضية تتعلق بإخفاء خسائر بمليارات الدولارات في ميزانية مصرف لبنان، وقضايا تنفيع لمصرفيين وغير مصرفيين.
يكمن التشاطر المحتمل بهذا الادعاء، في كونه يأتي قبل أسابيع قليلة من عودة المحققين الأوروبيين إلى بيروت، حيث قد يفسّر الادعاء المحلي على سلامة كمحاولة لقطع الطريق على استكمال التحقيقات الاوروبية في التهم الموجهة إليه، على أساس ان القضاء اللبناني سبق الأوروبي في الادعاء عليه، وسيجري بناءً عليه اتخاذ اللازم محلياً في ملف الادعاء، طالما أنّ التحقيق اللبناني يتقاطع في الجرائم التي يحقق فيها الأوروبيون ويذهب أبعد منها، على قاعدة عدم جواز ازدواجية التحقيقات والادعاءات والمحاكمات.غير أنّ مصدراً قانونياً مطلعاً ينفي إمكان قطع الطريق بناءً على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان والتزم بها، وهي تنص في البند 22 من المادة 46 على أنه “لا يجوز للدول الأطراف أن ترفض طلب مساعدة قانونية متبادلة لمجرد أنّ الجرم يعتبر أيضاً متصلاً بأمور مالية”.

وكتبت” النهار”: اكتسب هذا التطور الجديد، (رغم اعتبار البعض انه منسق لتوطين التحقيق وحماية سلامة من ادعاءات خارجية) ولو ان بعض مؤشراته السابقة لا تجعله حدثا مفاجئا، وقعا قويا إضافيا نظرا الى ما باتت تختزنه المواجهة القضائية – المصرفية من فائض خطير في التعقيدات وفي ظل ما تتسبب به من تسعير للصراع السياسي والسجالات البالغة الحدة بين فريق “التيار الوطني الحر” المنخرط بلا هوادة في الحرب على حاكم مصرف لبنان ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. ولكن الادعاء على سلامة امس اتسعت دائرة انعكاساته لجهة اثارة الكثير من التساؤلات والاحتمالات ليس اقلها ما اذا كان يمكن ان يؤدي الادعاء ومن بعده التحقيقات التي ستجرى الى توقف الحاكم سلامة عن مزاولة مهماته واي تداعيات مالية ومصرفية ستنشأ عن هذا الاحتمال وما قد يستتبعه من اثار مالية وسياسية. ولا تأتي اثارة هذا الاحتمال من فرضيات بل ان ما يؤكد جدية الامر وخطورته هو ان سلامة نفسه سارع عقب اعلان نبأ الادعاء عليه الى التبرؤ مما نسب اليه من اتهامات ولكنه قرن ذلك بإعلان استعداده لالتزام الإجراءات القضائية التي ستتخذ بعد الادعاء من دون إيضاح التفاصيل.

تبعا لذلك يبدو واضحا ان تعقيدات المواجهة المفتوحة اكتسبت درجة عالية من السخونة والتصعيد في ظل التخوف من انعكاساتها الجديدة على الازمة المالية وتدهور سعر الليرة واستفحال الارتفاع في سعر الدولار فضلا عن الانسداد الذي يرجح ان يطبع ازمة اضراب المصارف مجددا ولو ان معطيات كانت تشير الى امكان فك الاضراب في مطلع الأسبوع المقبل.

وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن العين على جهاز أمن الدولة، وما إذا كان سينفذ إشارات القاضية عون لكونها صادرة من إحدى النيابات العامة، أم سيلتزم بكتب ميقاتي ومولوي لكونه جهازاً يتبع لرئيس مجلس الوزراء، علماً أن الجهاز أيضاً يتلقى الإشارات القضائية من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات»، مرجحة أن لا ينفذ أمن الدولة أي قرار قضائي صادر من القاضية عون ضد المصارف وسلامة.

وكتبت” الديار”: الدعوى من قبل القاضي حاموش ستمنع القضاة الاروروبيين الذين سيصلون الى لبنان مطلع آذار من التحقيق في الملف كون القضية محل متابعة في بيروت، وكذلك لن تتمكن القاضية عون من وضع يدها على الملف. ويشير مقربون من الحاكم الى ان كل هذه التهم تفتقد الدلائل الجدية، وهي تاتي في سياق عملية ممنهجة «لتشويه» صورته من قبل جهات سياسية معروفة ومكشوفة الاهداف، وهي تبقى اتهامات، وستثبت الايام براءة سلامة من الاتهامات «الكيدية» الموجهة اليه. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى