آخر الأخبارأخبار دولية

عام من التهديدات باستخدام السلاح النووي

نشرت في: 22/02/2023 – 22:38

نشرت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (“آيكان”- فرنسا) الحائزة على جائزة نوبل للسلام في 2017، ملفا خاصا حول التهديدات النووية التي أطلقتها روسيا خلال السنوات الأخيرة منذ اندلاع الصراع في أوكرانيا عام 2014 وتكثفت في الحرب الأخيرة. كما علّقت على الردود الغربية حيال تلك التهديدات منتقدة خصوصا الموقف الفرنسي. لإثراء هذا الموضوع، حاورنا باتريس بوفيريت المؤسس المشارك ومدير مرصد التسلح بفرنسا والمتحدث باسم (آيكان”- فرنسا).

حذّرت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (“آيكان”- فرنسا) الأحد في ملف تطرقت فيه إلى أبرز التهديدات النووية بعد مضي عام على الحرب في أوكرانيا، من أن الغزو الروسي يعرّض المجتمع الدولي لكارثة نووية أكثر من أي وقت مضى. وقالت إن إنكار ذلك أو الاعتقاد بأن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين هي مجرد خدعة سيكون بمثابة “اللعبة الخطيرة”.


في هذا السياق، قالت الحملة: “رغم أن حظر استخدام الأسلحة النووية في أوقات الحرب لم يخرق منذ 6 و9 أغسطس/آب 1945، إلا أن التهديد الصريح باستخدامها من بوتين في عام 2022، هو بمثابة خطوة غير مقبولة”.

كما سلّطت الحملة الضوء على تعاطي وسائل الإعلام مع تلك التهديدات وخصوصا مصطلح الأسلحة النووية “التكتيكية” والتي يسود الاعتقاد بأنها أقل فتكا، حيث أوضحت بأن هناك “تقليلا من أهمية التهديدات التي تعودت وسائل الإعلام للأسف عليها، واستخدام لمصطلحات تقنية ليس لها معنى مثل (سلاح إستراتيجي أو تكتيكي)، رغم أنه لا وجود لسلاح نووي صغير، لأن أي استخدام لهذه الأسلحة من شأنه أن يتسبب في عواقب إنسانية وخيمة لا يمكن لأي بلد تحملها”.

  • “فرنسا لا تجهّز سكّانها لخطر ضربة نووية”

كما أثار نفس المنشور موقف فرنسا من التهديدات النووية الروسية، وأشار خصوصا إلى أنه في الوقت الذي تحرص فيه قوات الردع النووي الفرنسية على إجراء مناوراتها السنوية للتدرب على الاستخدام المحتمل للسلاح النووي، مثل مناورات 23 مارس/آذار الماضي والتي تمت خلالها تجربة إطلاق صاروخ جو-أرض متوسط المدى قادر على حمل رأس حربي بقوة 300 كيلو طن، وحشد 40 طائرة حربية للقتال والدعم، فإن فرنسا “لا تجهّز سكّانها لخطر ضربة نووية وتفضل المراهنة على أن لا أحد يجرؤ على تجاوز عتبة الخط الأحمر النووي”.

للتنويه، فقد أنشئت (“آيكان” – فرنسا) في 2007 وهي تجمع لأكثر من 570 منظمة غير حكومية تتواجد في 105 دول. وهي تناهض أسلحة الدمار الشامل وتسعى لتطبيق معاهدة حظر الأسلحة النووية. وقد حازت الحملة على جائزة نوبل للسلام في 2017 لمساهمتها الفعّالة في اعتماد منظمة الأمم المتحدة في 7 يوليو/تموز 2017 معاهدة حظر الأسلحة النووية. أما مرصد التسلح فمقره ليون الفرنسية وقد أنشئ في 1984 تحت مسمى “مركز التوثيق والأبحاث حول السلام والنزاعات (CDRPC)”، وهو يهدف لدعم عمل المجتمع المدني في مجال الدفاع والأمن لنزع السلاح.

  • كرونولوجيا التهديدات النووية الأخيرة

ولخصت الحملة في ملفها أبرز التهديدات النووية الروسية منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا العام 2014 وحتى الغزو الذي أعلنه بوتين في 24 فبراير/شباط 2022. كما وقفت عند أبرز ردود الفعل الغربية من خلال كرونولوجيا توثّق أبرز تلك الأحداث:

29 أغسطس/آب 2014: قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “يجب أن يعي شركاء روسيا أنه سيكون من الأفضل لهم عدم إزعاجنا. حمدا لله، لا أعتقد أن أي شخص لديه أية نية للدخول في نزاع واسع النطاق مع روسيا. أريد أن أذكّركم بأن روسيا هي واحدة من أعظم القوى النووية”.

16 مارس/آذار 2015: بوتين يؤكد أنه في الأسابيع التالية لعملية ضم القرم، كان قد استعد لوضع القوات النووية لبلاده في حالة التأهب القصوى في حال حاولت القوات الغربية الداعمة لأوكرانيا شن عملية عسكرية في شبه الجزيرة.

8 فبراير/شباط 2022: قال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “ندرك أيضا بأن روسيا هي إحدى القوى النووية الرئيسية، ولديها بعض المزايا التي تجعلها أكثر تفوقا من حيث الحداثة. لن يكون هناك منتصرون، وسوف تنجذبون إلى هذا الصراع رغما عنكم”.

19 فبراير/شباط 2022: أشرف بوتين مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو على مناورات الوحدات النووية الروسية التي تشمل القوات الجوية وقوات الصواريخ الإستراتيجية والأسطولان النوويان الإستراتيجيان (الشمال والمحيط الهادي).

استوديو غرافيك/ فرانس ميديا موند

24 فبراير/شباط 2022: في خطابه للأمة الذي تزامن مع إعلانه عن بدء “عملية عسكرية” في أوكرانيا، قال بوتين: “روسيا هي اليوم واحدة من أقوى القوى النووية بالعالم […] يجب ألا يكون هناك شك في أن الهجوم المباشر على بلدنا سيؤدي إلى الدمار وعواقب وخيمة على أي معتد محتمل […] من سيحاول الوقوف في وجهنا، ومن يخلق تهديدات لبلدنا، لشعبنا، يجب أن يعرف أن رد روسيا سيكون فوريا وسيؤدي بكم إلى عواقب لم تختبروها من قبل في حياتكم”.

27 فبراير/شباط 2022: بوتين: “أصدرت أمرا لوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان بوضع قوات الردع النووي في حالة التأهب القتالي الخاصة”.

1 مارس/آذار 2022: فرنسا تضع غواصاتها في قاعدة إيل لونغ Île Longue في منطقة بروتاني (شمال غرب) في حالة التأهب القصوى بعد تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أطلق فيها تهديدات نووية.

27 أبريل/نيسان 2022: قال بوتين في خطابه أمام البرلمان الروسي (مجلس الدوما): “بالنسبة لروسيا فإن أي تهديدات ذات طبيعة إستراتيجية هي غير مقبولة.. يجب أن يعلم هؤلاء أن ضرباتنا الانتقامية ستكون قوية وسريعة. من أجل هذا، لدينا كل الوسائل، وسائل لا يمكن لأي شخص آخر أن يحظى بها… سنستخدمها إذا اقتضى الأمر… القرارات بشأن هذا الموضوع قد اتخذت بالفعل”.

21 سبتمبر/أيلول 2022: في خطابه للأمة، قال بوتين: “أود أن أذكركم […] بأن بلادنا تملك أيضا إمكانيات دفاعية مختلفة، البعض منها هي أكثر تطورا من تلك التي تملكها دول الناتو (حلف شمال الأطلسي). إذا كانت سلامتنا الإقليمية مهددة، فمن دون شك فإننا سنستخدم كل الوسائل المتاحة لنا للدفاع عن روسيا وعن شعبنا. هذه ليست خدعة”.

6 أكتوبر/تشرين الأول 2022: قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمة خلال حملة لجنة أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين: “لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ أيام كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية […] يوجد تهديد مباشر باستخدام الأسلحة النووية إذا استمرت الأمور على المنحى الحالي”.

13 أكتوبر/تشرين الأول 2022: صرّح جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: “يقول السيد بوتين إنه لا يخادع بالنسبة للتهديد النووي. يجب عليه أن يفهم إذاً أن الدول التي تساند أوكرانيا، الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، الولايات المتحدة والناتو، لا يخادعون أيضا”.

21 فبراير/شباط 2023: أعلن بوتين أن بلاده تعلّق مشاركتها في معاهدة “ستارت الجديدة” لخفض الأسلحة النووية، الموقّعة في 8 أبريل/نيسان 2010 بين واشنطن وموسكو. وهدد بوتين بإجراء تجارب نووية جديدة إذا قامت الولايات المتحدة بذلك أولا. وقال بوتين في خطابه السنوي أمام الجمعية الاتحادية: “أعلن أن روسيا تعلّق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت” مضيفا: “لا ينبغي أن يتوهم أحد أنه من الممكن انتهاك التكافؤ الإستراتيجي العالمي”، داعيا سلطات بلاده إلى “الاستعداد لتجارب أسلحة نووية” في حال نفذت واشنطن بعضها أولا.

لتسليط الضوء أكثر على مسألة التهديدات النووية الروسية والردود الغربية والانتقادات الموجهة لفرنسا، حاورنا باتريس بوفيريت مدير “مرصد التسلح” والمتحدث باسم الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النوويةICAN France  .

  • ما هي رمزية التهديدات النووية الصادرة عن روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا؟

استخدم فلاديمير بوتين التهديد باستخدام الأسلحة النووية لإرسال إشارة قوية للدول التي تدعم أوكرانيا، من أجل دعوتها إلى الحد من تورطها في هذا الصراع. وبذلك، فقد قلب فرضية الردع النووي، التي كان هدفها المعلن حيال الرأي العام لتبرير وجودها حتى الآن، هو منع الحرب على أراضي تلك الدول وكذا أي هجوم على مصالحها الحيوية. لكنه هنا يستخدم التهديد بالأسلحة النووية على وجه التحديد لشن الحرب وغزو أوكرانيا. إنها عملية كشف للدور الحقيقي لهذا السلاح: ممارسة قوة مالكه على حساب بقية الدول الأخرى.

  • كيف تقيّمون ردود فعل الدول الغربية على تلك التهديدات خصوصا وأنها لم تكن بالضرورة تعبر عن موقف موحّد؟

يجب التمييز بين تلك الردود وفقا لمسألة إن كانت الدول تمتلك أسلحة نووية أم لا. فبالنسبة للولايات المتحدة، من الضروري الاعتراف بأنها تصرفت في بداية الصراع بحكمة معينة فيما يخص الدعم الذي قدمته لأوكرانيا، على الأقل من خلال تأكيدها العلني على هذا الدعم لأنه من المستحيل بالنسبة لنا معرفة كل ما يخص المساعدات غير المباشرة والسرية. أما فرنسا، فقد أكدت منذ أول التصريحات التي أدلى بها بوتين، لا سيما من خلال وزير خارجيتها في ذلك الوقت جان إيف لودريان، بأن لديها أسلحة نووية هي كذلك. كان القصد من إثارة هذا التهديد أيضا خلق الخوف والانقسام داخل البلدان المختلفة التي يمكن أن تقدم الدعم لأوكرانيا. إضافة إلى ذلك، فقد أدت تلك التهديدات في البداية إلى توخي الدول لقدر معين من الحذر في مسألة إمداد أوكرانيا بالسلاح والمشاركة المحتملة لقواتها العسكرية إلى جانب الجيش الأوكراني.

  • هل قصّرت فرنسا بالتزاماتها في مجال حظر الأسلحة النووية؟

فرنسا لا تفي بالتزاماتها فيما يتعلق بالأسلحة النووية. ولا سيما تلك التي اتخذت منذ عام 1992 عندما صادقت على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تعهدت بموجبها التفاوض بشأن نزع السلاح النووي. وعلى العكس من ذلك، فهي لا تسعى فقط إلى تحديث ترسانتها، بل أنها أيضا قررت تجديد قنابلها وناقلاتها بالكامل. إذا أرادت فرنسا احترام التزاماتها، فيمكنها على سبيل المثال أن تقرر المشاركة كدولة مراقبة في الاجتماع الثاني للدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة النووية (المزمع عقده في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023) لإثبات رغبتها والتزامها بالمشاركة في عملية نزع السلاح.

  • هل وقعنا في فخ الترويج للأسلحة النووية الصغيرة” بعد انتشار مصطلح “الأسلحة التكتيكية”؟

ما يكشفه الجدل حول القنابل التكتيكية هو عدم مراعاة العواقب الصحية والبيئية لأي استخدام للأسلحة النووية. يجب أن نعلم على سبيل المثال أن أصغر قنبلة نووية في فرنسا لها قوة تعادل 20 مرة التي استخدمت ضد مدينة هيروشيما. هذا هو الحال أيضا بالنسبة للقوى النووية الأخرى. علينا تخيل الكارثة في حالة استخدام تلك الأسلحة. ناهيك عن أن أي استخدام للأسلحة النووية يمكن أن يبدأ برد من نفس الطبيعة ويؤدي إلى حرب نووية يمكن أن تؤدي إلى نهاية البشرية.

أمين زرواطي

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى