آخر الأخبارأخبار محلية

حراكٌ مريب.. لماذا يقلقُ حزب الله جداً من باسيل؟

ما يبدو في الوقت الرّاهن هو أنّ “الحرب” بين “التيار الوطني الحر” و “حزب الله” قد اتخذت منحى تصاعدياً أكثر فأكثر. فالتهدئة الآن معدومة، وما يُقال بين المسؤولين المقرّبين من الطرفين لا يشي إلّا بأزمة مفتوحة عنوانها الإفتراق، وهذا الأمرُ بدأ يتجلّى فعلاً.


قبل أيّام، كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله واضحاً في تأكيده على أنّ العلاقة مع “التيار” في وضعٍ حرج، إلى أن جاءَ الرّد من رئيس “الوطني الحر” جبران باسيل ليُهاجم الحزب بطريقة غير مباشرة، من بوّابة رئاسة الجمهوريّة وأبواب أخرى سياسيّة، متهماً الحزب بشكل مباشر بـ”عدم مكافحة الفساد رغم القوة التي يمتلكها”، وأضاف: “نحن نختار رئيس الجمهورية بقناعتنا، ولا أحد يفرضه علينا”. حتماً، فإنّ الرّد الذي يجري في الإعلام بين الطرفين ليس عادياً، فالنقاشُ خرجَ من الغُرف المُغلقة وباسيل أخذ المبادرة نحو “كسر الجرة”، وما حصل خلال اليومين الأخيرين من تراشقٍ كلاميّ “مضبوط” حتى الآن، يؤكد أنّ التقارب الذي حُكيَ عنه بين “التيار” والحزب خلال لقاء ميرنا الشالوحي الشهير قبل نحو شهرٍ من الآن، كان غير حقيقي أبداً، وما الكلام الذي ارتبط بالإجتماع الذي جمع باسيل بمسؤولي الحزب وفيق صفا وحسين الخليل، سوى “مجاملات بمجاملات” لا تعكسُ الواقع المتردّي للعلاقة.

ومع خطاب باسيل من الرّبوة خلال الجمعية العمومية لقطاع الشباب في “التيار الوطني الحر”، وبعد الرسالة النارية من نصرالله، ما يمكنُ قوله هو أنّ نزاع الحزب – التيار بات يتفاقم، وما يتبين أيضاً هو أنّ المساعي بين الطرفين لـ”تهدئة الجبهات” لم تُفلح، لا عبر لجان تنسيق مشتركة ولا حتى من خلالِ إتصالاتٍ خلف الأضواء أصبحت شبه مقطوعة الآن. وحتى هذه اللحظة، فإنّ الرهان على حصول لقاءٍ بين نصرالله وباسيل في القريب العاجل بات ضعيفاً، فخطاب باسيل بدّد إمكانية التقارب، وما يتبين هو أنّ هناك رسائل عتبٍ شديدة وصلت إلى رئيس “التيار” من أطرافٍ قريبة منه ومن الحزب، تشيرُ إلى أنّ الأمور باتت تخرجُ عن السيطرة.

ليس سهلاً أبداً أن يُبادر نصرالله لكشف حقيقة الأمور مع “التيار”، وما دفعه لهذا الأمر وقائع قد لا تكونُ مرتبطة حصراً برئاسة الجمهوريّة حصراً، بل أيضاً بأمورٍ أخرى قد تتطور إلى خذلانٍ سياسي كبير. فـ”الحزب” بات يستشعرُ بقلق أن باسيل يسعى للإنقضاض عليه على أكثر من جبهة، إذ يرى أنه من السهل مثلاً على رئيس “التيار” الإندماج مع “القوات اللبنانية” بطرح رئاسي ولا أن ينتخب رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيّة. كذلك، من الممكن بالنسبة لباسيل أن يكسر الجرّة مع الآخرين ولا أن يُبادر نحوهم كـ”ساعٍ للحلول”.. حقاً، تتجلّى هُنا العقدة السياسية، في حين أنّ السؤال الذي يُطرح ارتباطاً بكل ذلك هو التالي: ما هي أسلحة باسيل الآتية في حال تصاعد التوتر مع “الحزب”؟

في الوقت الراهن، فإنّ سلاح باسيل ما زال مرتبطاً بالكلام العام، لكنّه في حال قرّر تصعيد الهجوم، عندها ستكون المعضلة الأكبر، وقد يكون سلاحه المقبل “نسج تحالفاتٍ” مفاجئة مع أي طرفٍ مناوئ لـ”حزب الله” أو التطرق إلى ملفات تطالُ الأخير.. وإن حصل ذلك فعلاً، فإنّ باسيل يكون قد أكّد على “ضعف الحنكة السياسية”، وبالتالي سيكون قد دقّ آخر مسمارٍ في نعش علاقته مع حارة حريك، لأنّه سيُطيح بكل التفاهمات التي نُسجت على قاعدة الإنتقام.. فهل هذا الأمر سيُناسب “حزب الله” في حال حصل؟

طبعاً لا، فـ”الإنتقام السياسي” بهذا الشكل يمكن أن يقود إلى ما هو أبعد، وبالتالي فإنّ باسيل سيُصبح ذاك الطرف الذي “يطعن المقاومة” في ظهرها، ومن الممكن أن يكون رفض الحزب لباسيل هو استشعار هذا الأمر من خلال تصرفات عديدة حصلت وتحصل حالياً.

بالنسبة لمصادر سياسة متقاطعة عديدة، فإنّ باسيل ومن خلال “تصعيده الكلامي” الأخير ضدّ “حزب الله” ومن أسماهم بـ”الفاسدين”، قد سعى مجدداً لتمرير رسالة تقرّب من الأميركيين والأوروبيين لإظهار أمر واحد وهو التالي: “أنا متمسّكٌ بمحاربة الفساد وأستغني عن حزب الله بأي لحظة”.. وعملياً، فإن هذا الأمر الذي قد يحصل في نهاية المطاف، لكنّ المشكلة الأكبر لا تكمن هنا فقط بل تتحدد في مكان آخر وهو مجلس النواب الذي سيكون ساحة افتراقٍ واضحة بين الحزب و “التيار” خلال جلسات انتخاب الرئيس التي يتريث رئيس مجلس النواب نبيه بري في الدعوة إليها.

مع كل ذلك، تقول المصادر إنه “كلما استمرّ باسيل في اعتماد خطابه التصعيدي، كلما كان اللقاء أصعب بكثير مع نصرالله وغيره”، وأضافت: “لدى الحزب عزة نفس كبيرة، وسيبرر فوراً أسباب انقطاع العلاقة مع التيار، إلا أن المشكلة تبقى عند الأخير لأنه في حال فك ارتباطه مع الحزب، فإن ذلك سيعني خسائر شعبية، سياسية من العيار الثقيل.. فالحزب هو الحليف المسلم الوحيد للتيار الوطني الحر، وفي حال ابتعد عنه، عندها، سيثبت التيار نفسه في موقع فئوي”.

في خلاصة القول، ما يمكن رسمه من خطاب باسيل هو “التشنج” فقط وإقصاء الحلول. أما في ما خص العلاقة مع الحزب، فإن الأزمات الأكبر تلوح في الأفق، ومن الممكن أن يكون التوافق على الإستحقاق الرئاسي أبعد مما كان سابقاً.. فكيف سيتعاطى “حزب الله” لاحقاً مع كل ذلك؟ كيف سيحل الأزمات التي تطاله؟


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى