آخر الأخبارأخبار محلية

من همّ وراء كبسة الزر؟

ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في اجتماع مجلس الأمن المركزي، هو مبني بالتأكيد على تقاطع معلومات توافرت لديه من أكثر من مرجعية أمنية وتقارير ديبلوماسية تصف الوضع على أرض الواقع كما هو، وليس كما يحلو للبعض تصويره، والاستناد إليه لنسج مقاربات غير واقعية، لا يمكن “صرفها” على موائد وجع الناس وأنينهم ومعاناتهم اليومية. 

صحيح أن الغلاء الفاحش واستمرار انهيار الليرة، وانعدام ثقة المواطنين بالمسؤولين وبدولته، قد يدفعهم إلى الشارع للتعبير عن حال الغضب، التي تعصف بهم نتيجة شعورهم بأنهم عاجزون أمام من يتحكّم بمصيرهم ومصير بلدهم. ومن البديهي والطبيعي أن ينزل الناس إلى الشوارع، وأن يصرخوا بأعلى أصواتهم رفضًا لواقع لم يعد في استطاعتهم تحمّل أوزاره وأعبائه وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الأمنية.  

فالحركات الاحتجاجية من حق كل مواطن مسلوب جنى عمره، ومن حقّ كل مواطن لديه إحساس بأن ثمة من يلعب بمصيره بكل أعصاب باردة، ومن حقّ كل مواطن أن يغضب ويثور ويعبّر عن رأيه بكل حرية، ولكن بكل مسؤولية، بعيدًا عن الفوضى، التي يحاول كثيرون الإفادة منها لتحقيق مآرب لم تعد مراميها خافية على أحد. 

ما حصل أثناء قيام الجيش بعملية أمنية استهدفت مطلوبين وفارين من وجه العدالة وتجار المخدرات ومصنعيها في بلدة حورتعلا البقاعية، وسقوط عدد من شهدائه غدرًا، بالتزامن مع الأحداث الأمنية التي شهدتها الأيام الماضية، دفعت الرئيس ميقاتي إلى السؤال عما إذا كان هناك إيعاز من جهة ما للعودة إلى الشارع بهذه الطريقة الفوضوية، التي تثير الريبة والشك، وتدعو المعنيين بالحفاظ على الاستقرار العام إلى أن يكونوا يقظين ومستنفرين، على رغم الأوضاع المعيشية التي تعاني منها عناصر الوحدات العسكرية في مختلف القطاعات والوحدات والاسلاك. 

ما قاله الرئيس ميقاتي في مستهل الاجتماع الامني كان لا بدّ من أن يقال، وقد قيل ردّا على بعض الهمسات والوشوشات غير البريئة، التي تتهم الحكومة بأن الاجتماع الأمني جاء متأخرًا، ليضيف: “الحقيقة هي أن مدماكين أساسيين لا يزالان يشكلان سدًّا منيعا للدولة، وهما رئاسة الحكومة والمؤسسات الأمنية. نحن نبذل كل جهدنا للحفاظ على سلطة الدولة وهيبة القوانين، خصوصا في ظل الاهتراء الحاصل في كل ادارات الدولة ومؤسساتها. من أبرز ما تحقق هو الامن المضبوط”. اضاف: “أوحت الاحداث الامنية التي حصلت في اليومين الفائتين وكأن هناك “فقسة زر” في مكان ما، ومن خلال متابعتي ما حصل من أعمال حرق أمام المصارف سألت نفسي هل فعلا هؤلاء هم من المودعين أم أن هناك ايعازًا ما من مكان ما للقيام بما حصل؟”. 

ففي بلد مثل لبنان لا يمكن إلا وضع كلام الرئيس ميقاتي في موضعه الطبيعي والواقعي والصحيح، خصوصًا أن ابن خمس سنوات يعرف أن في هذا البلد الصغير يوجد ما لا يقّل عن خمسين جهاز مخابراتي يعمل لمصالح غير المصلحة اللبنانية بالطبع، ولكل جهاز من هذه الأجهزة المخابراتية تابع لجهة خارجية لها “اجنداتها” ومخططاتها وأهدافها، عدا عن الجهات التي تحاول استثمار فوضى الشارع لتنفيذ مآربها، وهي المعروفة بـ”الخلايا النائمة” أو “الذئاب المنفردة”، من دون التغاضي عمّا يحاول العدّو الدائم للبنان القيام به تحت جنح الظلام من خلال تجنيده بعض ضعاف النفوس للانخراط في خلاياه التجسسية. 

ولكن ما سمعه جميع الذين حضروا الاجتماع الأمني من القادة الأمنيين يطمئن إلى أن هناك أعينًا ساهرة فيما يغلب النعاس أعين الذين يتهمون الحكومة بالتقاعس، وبالتالي فإن ثمة حقيقة واحدة، وهي أن الأمن ممسوك بقبضة من حديد، وأن لا تهاون مع جميع الذين سيحاولون العبث بأمن الناس، وأن أمن الحركات الشعبية مضمون طالما هي محصورة في إطارها الطبيعي، وطالما أنها لا تتجاوز حدود القوانين، وتنحرف إلى مسالك أخرى غير مسلك المطالبة بلقمة العيش الكريمة. 
أمّا الذين يقفون وراء “كبسة الزر” فباتوا معروفين ومراقبين وموضوعين تحت المجهر. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى