حزب الله يخشى إضعاف أوراق المساومة
كتبت روزانا بو منصف في” النهار”: لم يمض شهر على إعلان السفيرة الأميركية دوروثي شيا في 25 كانون الثاني الماضي أن الولايات المتحدة ستقدم “72 مليون دولار مساعدات نقدية لقوات الأمن اللبنانية” وذلك بهدف تعزيز الدعم للقوات المسلحة اللبنانية حتى بدا أن الأزمات المالية والاقتصادية المترافقة مع الانهيار الحاد والمستمر أدّت الى ذوبان الرواتب والتعويضات واضمحلال القدرة الشرائية وحتى الاستمرار، وهو ما أدّى إلى حالات كثيرة من الفرار والاستقالات لم ينفها الجيش اللبناني فيما تلقت كل العواصم المعنيّة تقاريرها في هذا الشأن. وشدّدت شيا على أن هذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها الجيش اللبناني دعماً نقدياً للرواتب من الولايات المتحدة، وهي سابقة بكل المعايير ليست موجودة أو معهودة في الإدارة الأميركية واكتسبت بعدها المهم نظراً الى خطورة الأزمة التي دفعت أكثر من 80٪ من سكان لبنان إلى ما دون خط الفقر. وتعزيز قدرات الجيش أمر بالغ الأهمية باعتباره الضمانة لمنع انزلاق لبنان الى اهتزاز أمني ويظهر مدى مصلحة الولايات المتحدة في إبقاء الجيش اللبناني مؤهلاً وعدم انفراط عقده في ظل مخاطر ما يجري في لبنان وفي جواره.
وتعتقد غالبية سياسية أن هذه المبادرة من واشنطن هي لمنع عدم استقرار لبنان والتخوف من ذلك، ما يدحض الاتهامات التي ساقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في سياق تهديده الولايات المتحدة في حال دفعها لبنان الى الفوضى، كما قال. فالحزب بحسب مراقبين سياسيين في مأزق أو إحراج فعلي يدفعه الى محاولة إبقاء سقف التحديات سياسياً على أبواب إسرائيل والولايات المتحدة فيما ممثلة منظمة الفاو اعتبرت أنّ “حالة الأمن الغذائي مقلقة للغاية في لبنان نتيجة الأزمة الاقتصادية المستمرّة وانخفاض قيمة العملة وارتفاع تكاليف المعيشة ورفع الدعم عن السلع الغذائية وغير الغذائية وتراجع القدرة الشرائية وخاصة لذوي الدخل المحدود كما التراجع في فرص العمل وازدياد البطالة بين السكان”، مشددة على أنّ “أكثر من مليوني شخص بحاجة الى المساعدة اليوم”. وكذلك فعل نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج الذي قال مطلع الأسبوع “إن لبنان وتونس هما أكثر دولتين يشعر البنك بالقلق بشأنهما في المنطقة، تليهما مصر والأردن” وأشار إلى أنَّه “رغم أن لبنان يعاني منذ فترة طويلة من ارتفاع مستويات الدين العام، فإن الأمر بات “مشكلة كبيرة”, والشعب يشعر بعبء الانهيار شبه الكامل للقطاع المالي”. وأضاف أن “لبنان من الأماكن التي تقضّ مضجعك بالفعل كما يقولون”.
اعتقد ديبلوماسيون غربيون قبل أكثر من سنتين أن لا مصلحة للحزب في انهيار لبنان وأنه لدى صراع الرئيس سعد الحريري من أجل تأليف حكومته قبل الاتفاق على الرئيس نجيب ميقاتي، فإنه لن يترك حليفه المسيحي الذي بات يقر راهناً بأخطاء ارتكبها إزاء الحريري، يتحكم بمسار الأمور بحيث تسوء الأمور أكثر. ولكن يقر هؤلاء راهناً بأنهم ربما أخطأوا التقدير الى حد ما على رغم اعتقادهم أن الانهيار الكامل لا يزال ليس في مصلحة الحزب. ولكن يبقى السؤال: ما هو الانهيار الكامل وهل ملامسة الدولار عتبة ١٠٠ ألف ليرة أو ربما تجاوزها الى ١٥٠ أو ٢٠٠ أو ربما أكثر هو السقف لهذا الانهيار. ولم يخف هؤلاء اعتقادهم بأن الانهيار الكلي قد يكون من مصلحة إيران ومن ضمن أجندتها في اليمن كذلك ولكن ليس من ضمن أجندة الحزب للانعكاسات على بيئته كذلك. ولكن هؤلاء أكدوا كذلك أن المجتمع الدولي لن يترك للانهيار الكلي أن يحصل في لبنان. وقد طرأت أمور كثيرة منذ ذلك الوقت وأبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها الخطيرة وأولويات فرضت نفسها بقوة على أجندات الدول المؤثرة.
في أي حال لا يزال البعض طامحاً الى عدم الوثوق بالمواقف الصاخبة وغبارها إذ تشعر جميع القوى “بالسخن” وتحاول البحث عن تدوير للزوايا لكن بمقدار كبير من الحفاظ على ماء الوجه والمكاسب في المرحلة اللاحقة وليس فقط في الرئيس العتيد.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook