بعد الزلزال المدمر.. صيدا تتذكّر هزّة الـ 56 بيوت متصدّعة وكارثة منتظرة!
كتبت آمال خليل في “الأخبار”:
نفض زلزال تركيا وسوريا الغبار عن الذاكرة الجماعية الصيداوية التي تتقاسم أثر زلزال 1956. ورغم أنّه لم يحصد ضحايا، إلا أنّه دمّر حيّ «رجال الأربعين» المطلّ على بحر صيدا الجنوبي، مستحدثاً بدلاً منه حيّ التعمير في عين الحلوة. أعيد بناء «رجال الأربعين» وتلاشت آثار «هزّة الـ 56»، لدرجة أنها لو تكرّرت، قد لا يجد المتضرّرون الدولة التي آوتهم قبل 67 عاماً.
الزلزال الأخير أحيا الذكريات المنسية. من عايشه، استحضر أحداثه، محفّزاً شعور الخوف بين الأجيال الجديدة، ليس من الهزّات فقط، بل أيضاً من تسونامي البحر الذي يفصل الكورنيش بينه وبينهم. فؤاد البيلاني كان في الخامسة من عمره حينذاك. «حضرت شرطة البلدية والدرك وأخرجت الناس إلى بحر العيد، قبل أن تنقلهم في اليوم نفسه إلى نزلة صيدون حيث نُصبت خيام لإيواء المنكوبين. وسريعاً، وزّعت التعويضات علينا بعد إجراء كشف سريع. نحن تلقّينا تعويضاً وبيتاً في حي التعمير في عين الحلوة». يخشى البيلاني من تكرار الزلزال. ليس لخوفه منه، بقدر خوفه من أضراره. «منذ 70 سنة، كان لدينا دولة آوتنا بسرعة. أما الآن، فمن سيؤوينا في غيابها؟».
منازل متصدّعة
لم يسمع محمد مسرح (30 عاماً) شيئاً من عائلته عن الزلزال الذي دمر بيوتهم في «رجال الأربعين». في مبنى متهالك شيّدته «مصلحة الإنشاء والتعمير» في نهاية الستينيات لسكان الحي، يسكن الشاب منذ عام 2000. كلّ ما يعرفه أن الطبقة الأخيرة من المبنى الذي يقيم فيه، بنيت بشكل مخالف وهي معرّضة للانهيار بعد تساقط أجزاء منها بين الحين والآخر.
على طول الواجهة البحرية الجنوبية، تظهر المنازل المتصدّعة معلّقة فوق بعضها البعض، ما بين خان الإفرنج وتلة رجال الأربعين. بعضها أخلته البلديات السابقة، ومنها ما هدم خلال إنشاء حديقة الشيخ زايد خوفاً من انهياره عليها، لكن القسم الأكبر لا يزال آهلاً بسكانه. خلف تلك الواجهة المتصدّعة، يقع منزل ماهر ألماس المطلّ على ساحة ضهر المير. مبنى مؤلف من ثلاث طبقات يبدو كقطع ألصق بعضها ببعض على نحو تدريجي، وارتفعت فوق عقد رملي غطّي بطبقات من الاسمنت المتشقق. كان منزل ألماس مؤلفاً من ثلاث غرف. لكنه انحسر مع بداية الشتاء إلى نصف غرفة، بعدما انهمرت المياه من سقوف الغرف الأخرى. أُفرغ أثاثه وحُشر في وسط آخر الغرف، محاطاً بالبراميل التي تتساقط فيها المياه. «نحمل مظلات لدى التنقل بين الغرف». لفظ السطح آخر أنفاسه بعد محاولات صيانة متكررة. تآكلت طبقة الزفت التي فرشها على السطح لمنع «النش» وظهرت قضبان الحديد المهترئة على السطح ومن سقوف الغرف وأعمدة الجدران. تتكامل بيوت الجيران في لوحة متشابهة من الجدران المتآكلة.
كارثة البوابة الفوقا المنتظرة!
في مطلع كانون الأول الماضي، علقت بلدية صيدا لافتة على واجهة مبنى في محلة البوابة الفوقا تقول: «هذا المبنى القائم على العقار 1089 متصدّع وآيل إلى السقوط. يطلب من جميع قاطنيه إخلاؤه فوراً». هذا الإشعار الذي سبق زلزال تركيا وسوريا بشهرين، لم يكن الأول. مرات عدة، وجّهت البلدية إنذاراً لسكان مبنى «بدير وحمدان» لإخلائه بعد ثبوت خطورته. تقييم الدائرة الهندسية في بلدية صيدا، دعمه تقييم مماثل أجرته شركة «خطيب وعلمي» بتكليف من الهيئة العليا للإغاثة عام 2018. وسبب تصدّعه، تعرّضه للقصف خلال الاجتياح الإسرائيلي، ثم ازدادت تصدّعاته مع مرور الزمن.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook