الاحتضان الشعبي للحريري لم يتبدّل وعودته الدائمة.. رهن المستجد الاقليمي
الثوابت نفسها تظهرت أمس وتتمثل بطبيعة العلاقة بين الرئيس الحريري من جهة والجمهور الأزرق من جهة أخرى، فالحشود الشعبية في ساحة الشهداء مؤشر واضح ان احدا من الشخصيات التي حاولت تسلق رافعة العائلات البيروتية من اجل اقفال بيت الوسط لم يتمكن من أن يطرح نفسه بديلا عن الشيخ سعد عند البيئة السنيّة على وجه التحديد. فالشيخ سعد يدرك جيداً أنه لا يزال يتمتع بحيثية سنيّة على وجه الخصوص يراد استهدافها ممن كانوا في صفوف تيار المستقبل والى جانبه وجانب الرئيس الشهيد، ومع ذلك فإن الواقع السنيّ يعيش حالة وهن مع غياب الحريري عن البلد وخروج تياره من الحكم، فالزعامة السنيّة الشعبية المرتبطة بالسياسة لا تزال تعاني من فراغ الحريري بمعزل عن أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يؤدي بجدارة دوره في السلطة التنفيذية وكممثل للطائفة السنيّة داخل النظام ويحفظ لها دورها وحضورها التام.
أسئلة كثيرة طرحها زوار بيت الوسط على الرئيس الحريري لجهة عودته إلى بيروت بيد أن جوابه أن تعليق العمل السياسي لا يعني مطلقا تعليق “تيار المستقبل”العمل الاجتماعي والانساني، فبيت الوسط سيبقى مفتوحاً أمام الجميع ولن يترك ناسه الذين يبقون ضمانة الاعتدال وضمانة البلد الذي وصل إلى ما وصل إليه بفعل سوء الإدارة، فالحريري مدرك ان غيابه قرابة العام أدخل البلد في اتون الدولة الفاشلة وليس سرا انه يشمت ببعض الفرقاء الذين عجزوا عن تحقيق شعاراتهم طيلة عهدهم ليؤكد فعالية قراراته وجدارته عندما كان في السلطة وان زعامته لا تزال قائمة ربطا بالاحتضان الشعبي له، خاصة وانه مقتنع ان هذه المرحلة اثبتت ان قراره كان صائبا عندما جمد عمله السياسي وارتأى عدم خوض الانتخابات النيابية، لذلك فإنه سيبقى في المرحلة المقبلة على موقفه خاصة وان لا مؤشرات تدل على احتمال حصول تغيير في الاداء السياسي لبعض المكونات السياسية.
ليست صدفة ان يتزاحم خصوم الحريري والذين وجهوا له الطعنات تلو الاخرى، لزيارة ضريح الشهيد الحريري وبيت الوسط ايضاً، لكن الاكيد، وفق مصادر بارزة ، ان الحريري تحدث عن رئيس حزب القوات سمير جعجع كخصم كبير له، و عبر عن ارادة قوية بعدم التعاون مع معراب في اي استحقاق رغم زيارة وفد من القوات “بيت الوسط”في ذكرى 14 شباط . اما اتصال رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون بالحريري يوم الاثنين والتمني عليه العودة إلى لبنان بعد طول غياب، لأن الوطن يحتاج إلى جميع أبنائه وطاقاته، فيحمل بحسب أوساط سياسية محايدة لـ”لبنان24” رسائل الى الخارج المتمثل بالسعودية وإلى أطراف في الداخل أبرزها رئيس حزب القوات الذي يتهم بأنه طعن الحريري كثيرا في السنوات الماضية وانقلب عليه، والى الرئيس ميقاتي الذي بالنسبة الى الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خالف الدستور وتعدى على صلاحيات رئيس الجمهورية، علما ان الخلاف باطنه سياسي بعدما وقف رئيس الحكومة في وجه اطماع باسيل وحساباته الانية بدليل ان حليف الجنرال ( حزب الله) يؤكد صوابية ما قام به ميقاتي على المستويين الدستوري والقانوني.
يمكن القول ان الحريري سيبقى الى حين ليس بقريب محكوما بضوابط خليجية تمنع عودته الدائمة الى بيروت، لانه لا يزال محكوما بما يسمى الالتزام المقيد له بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الامارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان والذي يفرض عليه البقاء في الامارات بعيدا عن العمل السياسي، وان تكون زياراته الى بيروت محددة بالزمان والمكان ولا تتجاوز الايام القليلة، لكن طالما ان هناك نبضا في الزعامة الحريرية، فإن اي تغيير في الظروف الإقليمية لاحقا، سيفتح الطريق امام عودة الشيخ سعد سريعا فهو يمثل حالة وطنية يصعب تجاوزها، وبالتالي فإن أي تسوية على مستوى إيران -السعودية قد تغير في المعادلات اللبنانية على المستوى الاستحقاقات المرتقبة، مع الاشارة في هذا السياق إلى أن الرئيس ميقاتي وكما يكرر دائما فإنه من أبرز الداعمين لعودة الحريري وإعادة إحياء دوره وهو على تواصل دائم معه ولا يسعى مطلقا للغرف من الزعامة الحريرية او الافتتات عليها.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook