الوكالة الوطنية للإعلام – الجمعية الثقافية الرومية احتفلت بعيدها التاسع وكرمت انطوان مسره الحلبي: لبنان سينهض بأفكارك الوطنية الصائبة
وطنية – احتفلت “الجمعية الثقافية الرومية” بعيدها التاسع، واقامت مأدبة غداء في نادي “المارينا” – ضبيه، برعاية وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال القاضي عباس الحلبي، وحضور الوزيرين السابقين نقولا الصحناوي وميشال فرعون، المحافظين السابقين نقولا سابا وزياد شبيب وفاعليات، وتخلله تكريم للبروفسور أنطوان مسره.
جهشان
بعد النشيد الوطني ونشيد القسطنطينية، تحدث أمين سر الجمعية بشاره حبيب عن أهداف الجمعية ، تلاه رئيس الجمعية البروفسور نجيب جهشان قائلا: “لا نقبل تناسي ما أحرزه القدامى جيلا بعد جيل، ولا نعتبر وجودنا حاصلا من فراغ، ولا نزدري بالذين قضوا حياتهم يبحثون عن الحقيقة ويرفعون من شأن الإنسان روحا وجسدا. نحن نؤمن بأن الحضارة الإنسانية هي ثمرة تراكم الإنجازات الفردية وتضافر التجارب الجماعية، جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن. كيف لا نختار هذا السبيل ونحن في بيروت ، أم الشرائع، مدينة أنطوان مسره القانوني العالم والمربي، الذي خط بيده لجيلنا وللأجيال المقبلة دستور الحياة الجماعية المنتظمة وسواء السبيل نحو المواطنة والرقي؟ كيف لا نختار هذا السبيل ونحن في مدينة بيروت التي لعبت، في التاريخ الرومي، أعظم الأدوار، منذ بدايات القرن الثالث والتي إحتضنت في وسطها مدرسة الحقوق الشهيرة التي بدأ ذكرها في حوالي السنة 238، وروى سيرتها كثير من المؤرخين، وبلغت ذروة شهرتها في القرن السادس عندما حصر أشهر أباطرة الروم يوستنيانوس الكبير بها وبالقسطنطينة دور جمع القوانين وتحليلها وتطويرها وتدريسها؟“.
وختم:”من رحم هذا التاريخ العريق الذي عبق به أريج بيروت وفينيقيا الساحلية، نبت أنطوان مسره الذي نجل ونكرم اليوم لأنه من طينة هؤلاء العظام الذين تفتخر الجمعية الثقافية الرومية بإبداعاتهم ، وتنحني أمام إنجازاتهم وتدعو أجيالنا الحاضرة والمقبلة الى الإقتداء بهم لتكون الحضارة إستمرارية والثقافة تراكمية. هو يجسد إستمرارية مدرسة بيروت الحقوقية كما تجسد كاتدرائية القديس جاورجيوس وكاتدرائية النبي إيلياس الملاصقة لها إستمرارية كنيسة القيامة Anastasis في وسط بيروت“.
موقديه
ثم تحدث رئيس لجنة تكريم المبدعين ايلي موقديه عن كيفية اختيار البروفسور مسره ليكون المبدع المكرم في سنة 2023 والذي وجدت فيه اللجنة كل صفات الإبداع الوطني والثقافي والأكاديمي، والذي أجمع الجميع على إعتباره متألقا في عالم القانون وعلم الإجتماع السياسي.
عبس
وكانت كلمة للأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس الذي تلا سيرة الدكتور مسره، فهو “القانوني والأستاذ الجامعي، عضو المجلس الدستوري اللبناني بين 2009 و2019، رئيس كرسي الأونيسكو للدراسات الدينية المقارنة والوساطة والحوار في جامعة القديس يوسف، الأستاذ الجامعي في مؤسسات لبنانية وأجنبية عدة، وفي معهد الدروس القضائية، عضو لجان التحديث التربوي في لبنان، حامل أوسمة عدة، وصاحب مؤلفات قانونية وإجتماعية عديدة“.
تابع:”إشتهر البروفسور مسره بدراساته في إدارة التعددية السياسية والإجتماعية، في معنى المواطنة وأبعادها، في التربية المدنية الحافظة للتراث الوطني وللقيم الإنسانية، في تطبيق الديمقراطية، في التشريع، في الإدارة المحلية، في الحقوق الإقتصادية والإجتماعية، في التعددية الدينية والثقافية وفي السلم الأهلي الدائم“.
فيلم
ثم جرى عرض فيلم قصير يوثق حياة مسره ويتضمن شهادات الذين عايشوا أعماله وإنجازاته وخدماته الكبرى.
مسره
وقبل تسلمه درع التكريم، ألقى البروفسور مسره كلمة جاء فيها: “أشكر الجمعية الثقافية الرومية لأن مبادرتها تأتي في زمن أحلم بالراحة الأبدية، بدون أن أجرؤ بالبوح بذلك كي لا أعمم اليأس! تأتي بالتالي مبادرة الجمعية كدفع أحتاج إليه للإستمرار. تعلمت كل ما أنا عليه من الغير: من والدتي التي فقدتها في الثامنة من عمري، من والدي في نظراته القلقة والمسؤولة والذي فقدته في سن الرابعة عشرة من عمري، من زوجتي وأولادي وأحفادي، من آباء يسوعيين في مدرسة الجمهور، في كلية الحقوق“.
وقال:”طوال أكثر من ستين سنة في ممارستي التعليم، كان هاجسي الأول ودائما، بفضل عصبية بعض الممتحنين وليس التربويين، إكتشاف وإستنهاض المواهب والنظر الى كل تلميذ وطالب كمشروع عبقرية وإرتقاء في مستقبل قريب أو بعيد. الفضل الوحيد ربما لي هو الإصغاء. فضيلة الإصغاء نابعة من صوت الضمير الذي يسميه جان جاك روسو الغريزة الإلهية، شرط إبقائه حيا وعدم تدجينه أو إنزوائه في حالة غيبوبة. الضمير هو صوت الله في كل إنسان وجوهر خاصية الإنسان“.
وتابع:”من أنا لولا إكتشاف يسوع بعد سنوات من القلق على إثر وفاة والدي وبفضل الأب جان بيروز الذي كان موضوع تعليمه المسيحي هو رسالة الإنسان على ضوء الإنجيل. الثقافة والتربية والحضارة هي تراكم. ماذا يحصل في العالم عندما تنعدم أو تضطرب آليات النقل من جيل الى جيل؟ ليس هدف نقل التراث التباهي ولا الإفتخار ولا الشوفينية ولا التعظيم. بل لهدفين متكاملين نحتاج إليهما في كل سلوكياتنا في لبنان: إدراك المسؤولية لأن كل واحد منا وريث ومكمل، وإكتساب بعد النظر في كل سلوك ونبذ المقاربة المحض آنية. ليس التاريخ علم أحداث الماضي بل علم الإنسان في الزمن الطويل.”
أضاف: “وأختم بالشأن الوطني الذي هو ثمرة معاناة وإنجازات مشتركة وتراث، الكيان اللبناني والميثاق والدستور هي ثمرة إختبار متراكم“.
بعد ذلك، سلم جهشان المحتفى به درع التكريم الذي تقدمه الجمعية سنويا لمبدع “قدم لكنيسته أو لطائفته أو لوطنه أو للإنسانية عملا مميزا يتسم بالفرادة أو الإقدام أو الإختراع أو رص الصفوف أو الخدمة، وكان عمل ذا فائدة جماعية ومستديمة، ولم يتصف بالإفراط في الفائدة الخاصة أو الربح المادي أو المعنوي لشخصه“.
وقد شارك في تسليم الدرع كل من الحلبي ، الصحناوي ، فرعون ، سابا، شبيب، موقديه وعبس.
الحلبي
من جهته، قال الحلبي: “الأوطان تزهر برجالاتها، وأنطوان مسره أزهر في الوطن، فحل الربيع دوما في ربوعه، بالرغم من حر الصيف، وقلق الخريف، وقسوة الشتاء. عرفتك صديقي، أستاذا ومرشدا وعرفناك مشرعا ومربيا وأكاديميا وعالما في المجتمع وفي السياسة، تريد تحصين الوطن في الوجدان، قبل رسمه في جغرافية الحدود وفي مجاهل الأعراق والأقوام والإثنيات واللغات. إنتهت الحرب وبدأت أنت مسيرتك المديدة في تضميد جراح الوطن الكبير، فمضيت محاولا تحصين السلم الأهلي مناديا بالعيش المشترك وبالحوار الإسلامي المسيحي وبالمواطنة وبالديمقراطية وبالحقوق الإقتصادية والإجتماعية. وكان ما كان، وخذلك الكبير مجددا، وقد تفشى فيه سرطان الطائفية والتبعية وأورام الفساد وسوء الإدارة والتخطيط، وأمسى جسما واهنا ضعيفا، وبتنا نحن في عداد المترقبين لجنازة لم تصل بعد“.
تابع:”سينهض لبنان، يا عزيزي أنطوان، بأفكارك الوطنية الصائبة التي حفرتها وتحفرها في القلوب والعقول، وستشرق الشمس مجددا في سماء لبنان، فالأفكار الخصبة لن تموت، ولها زمنها في الولادة وفي النمو وفي النضج. أما الشكر فيبقى للجمعية الثقافية الرومية التي كرمتك والتي أوجه إليها التهنئة في ذكرى تأسيسها كما أهنئ أعضاءها ورئيسها والى سنين عديدة. هنيئا للأرض التي أنبتتك والتي ستخلد إسمك علما من أعلام الفكر والثقافة في بلاد الأرز، فالكبار الكبار لا ينصفهم الا التاريخ، والتاريخ هو محكمة الحقيقة، وأنت يا أنطوان كبير في الكلمة وأنت رسولها“.
اشارة الى ان مسره يكون قد انضم الى قافلة المبدعين الروم الذين كرمتهم الجمعية منذ تأسيسها وفي عيدها السنوي، وهم ليلى بدر وأسعد رزق وإلياس الرحباني ومنير أبو عسلي.
=======ج.ع
مصدر الخبر
للمزيد Facebook