آخر الأخبارأخبار محلية

هل يتحمّل نواب المعارضة مسؤولية تأجيل الانتخابات البلدية؟!

حسم عددٌ لا بأس به من نواب المعارضة، باختلاف انتماءاتهم السياسية، موقفهم من الجلسة التشريعية التي يعتزم رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إليها، باعتبارها “مخالفة للدستور”، بل “ضربة قاتلة لأساسات النظام اللبناني”، وذلك بمعزل عن الأسباب “الموجبة” التي قد تتظلّل بها، وفق ما جاء في بيان مشترك أصدروه، تحت شعار “لن نشارك بأيّ جلسة تشريعية ولن نعترف بأيّ من قوانينها“.

 

يستند النواب في موقفهم إلى تفسيرهم للمواد 49 و74 و75 من الدستور، التي تنصّ على تحوّل مجلس النواب إلى “هيئة انتخابية” بمجرّد خلو سدة الرئاسة، ما يجعل مهمّة البرلمان “محصورة” بانتخاب رئيس للجمهورية، وهم يرفضون أيّ “استثناء” لهذه القاعدة تحت عنوان “تشريع الضرورة”، كما يرفضون “الاجتهادات” التي تميل لاعتبار هذا “الحصر” مشروطًا بالتئام البرلمان أصلاً لانتخاب رئيس للجمهورية.

 

وبغضّ النظر عن “جدول أعمال” الجلسة التشريعية، التي لا يربط نواب المعارضة موقفهم منها به، كما يفعل مثلاً “التيار الوطني الحر”، الذي يقال إنّ لديه “شروطًا” يقرّر بموجب نهائيا تلبيتها الحضور من عدمه، فإنّ ثمّة علامات استفهام تُطرَح عمّا إذا كان نواب المعارضة يمكن أن يتحمّلوا “مسؤولية” تأجيل الانتخابات البلدية، بل تكريس ما يشبه “الفوضى” في البلديات، إذا ما أصرّوا على موقفهم الرافض للتشريع بالمُطلَق.

 

هل يجوز التشريع؟

 بالنسبة إلى المدافعين عن عدم جواز التشريع خلال الفراغ الرئاسي، فإنّ مهمّة مجلس النواب في هذه المرحلة “مضبوطة” بانتخاب رئيس الجمهورية، من دون أيّ أمر آخر يتقدّم عليها، بمعنى أنّه عند خلو سدّة الرئاسة، يجب على مجلس النواب أن يجتمع فورًا، فيتحوّل بذلك إلى هيئة انتخابية حصرًا، لا يحقّ لها التشريع، قبل أن تنجز المهمّة التي التأمت في سبيلها، وهي إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وملء الفراغ في قصر بعبدا.

 

ويرى هؤلاء أنّ الشغور الرئاسي يجعل أيّ دور تشريعي لمجلس النواب “مطعونًا بشرعيّته”، للكثير من الأسباب والاعتبارات، من بينها أنّ المادة 57 من الدستور أعطت رئيس الجمهورية صلاحية رد القوانين التي يقرّها مجلس النواب، فيما أعطته المادة 19 حق مراجعة المجلس الدستوري لإبطال القوانين التي يقرّها المجلس، وبالتالي فإنّ التشريع في ظلّ الشغور في سدّة الرئاسة من شأنه أن يشكّل مسًا بالتوازن بين السلطات، بل انتهاكًا للدستور.

 

لكنّ الرافضين لهذا المنطق، يعتبرون في المقابل، أنّ المجلس النيابي يتحوّل بالفعل إلى هيئة ناخبة عند خلوّ سدّة الرئاسة، ولكن فقط عندما يكون ملتئمًا لانتخاب رئيس، أي عند انعقاد الدورة المخصّصة لانتخاب رئيس، كما كان يحصل مثلاً في جلسات الخميس الانتخابية التي كان الرئيس نبيه بري يدعو إليها أسبوعيًا، في حين يبقى للمجلس خارج هذه الدورة كامل صلاحياته التشريعية، ما يسمح له بالتشريع، ولو في الحدود الدنيا، كما في حال السلطة التنفيذية.

 

ماذا عن الاستحقاق “الداهم”؟!

 يرفض المدافعون عن جواز التشريع، ذريعة “المسّ” بمبدأ “التوازن بين السلطات”، حيث يعتبرون أنّها لا تستقيم، طالما أنّ “سلطة” رئاسة الجمهورية معطّلة بفعل الشغور، وبالتالي فإنّ “إلغاء” سلطة أخرى، هي مجلس النواب، بعنوان “التوازن”، من شأنه أن يعمّم “الفراغ”، ما يؤدي إلى إلغاء المؤسسات الدستورية بالمُطلَق، في حين أنّ المطلوب “تسييرها” ولو بالحدّ الأدنى المُتاح، بما يسمح باستمرار عجلة هذه المؤسسات.

 

وبمعزل عن كلّ هذه التفاصيل الدستورية والقانونية، يبدو استحقاق الانتخابات البلدية “الداهم” مثلاً من جملة الملفات “الإشكالية” التي قد توضع في هذا “البازار”، خصوصًا في ظلّ ما يؤكده الخبراء عن أنّ الجلسة التشريعية “إلزامية”، سواء كانت النيّة إجراء الانتخابات البلدية، الأمر الذي يتطلب تأمين التمويل اللازم، وبالتالي فتح الاعتمادات المطلوبة، أو حتى تأجيلها، ما يوجب التمديد للمجالس البلدية، تفاديًا لاعتبارها “منحلّة” بحكم الأمر الواقع.

 

استنادًا إلى ما تقدّم، يسأل كثيرون عن موقف نواب المعارضة من هذه القضية، في ظلّ رفضهم لأيّ جلسة تشريعية بمعزل عن أسبابهم، فهل يتحمّلون مسؤولية تأجيل الانتخابات البلدية، بل تكريس الفوضى على خطّها، إذا ما أرجئت هذه الانتخابات عمليًا، من دون التمديد للمجالس البلدية الحالية؟ وألا تُعتبَر مثل هذه القضية بالتحديد، حالة “ضرورة نموذجية” يجب أن تفرض التئام مجلس النواب، حفظًا للنظام الديمقراطي، الذي ينادي به هؤلاء النواب؟

 

قد يقول قائل من نواب المعارضة إنّ مسؤولية أيّ وضع “شاذ” من النوع الذي يعرّض الانتخابات البلدية للخطر، يتحمّله “معطّلو” انتخاب رئيس الجمهورية، وأنّ الحلّ سهل وبسيط، ويقضي بالضغط على المعطّلين من أجل إتمام الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي فتح الباب أمام كلّ الحلول الأخرى. لكن، هل يكون الأمر بهذه البساطة فعلاً؟ وألا يُعَدّ نواب المعارضة أصلاً جزءًا من إدامة المشكلة، هم العاجزون عن التوافق على اسم يؤمّنون له الفوز بالرئاسة؟!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى